هناك "المارلين مونرو" التي تحيى على غزل المعجبين، تضع كل يوم صورا لها، تُقبل خليطا غير مرئيّ من الأكسجين والنيتروجين، وهناك كتيبة جاهزة من "الدون جوان"، الذي يظن نفسه مبعوث الآلهة لنظم قصائد في هذا الجمال ! هناك نوع يستطيع أن يملأ جناحا كاملا بمستشفى الأمراض العقلية، وهو في الغالب لا يحتاج علاجا إكلينيكيا أو ملاحظات سريرية، يكفي أن تجمعك به بعض المواضيع والنقاشات لتؤمن أنّ حالته حرجة وتنكّس كل رايات الأمل في شفائه؛ لأن مرضه مزمن والشفاء منه يحتاج تشخيصا، وهو مجرّد كائن افتراضي! هناك "البابارازي" الذي لا يحتاج الركض وراء المشاهير لاستراق صور لهم، إنه يعمل لحسابه الخاص بدوام كامل، تدخل حسابه، تضيع بين صوره فتدرك أنك قادر على وضع تقرير يوميّ عن أنشطته وتنقلاته.. هناك أطباء مختصون في جراحة القلب والشرايين، يمارسون عملهم من دون شهادة الكفاءة من وزارة الصحة، بعضهم متطوّعون من الهلال الأحمر لمداواة القلوب، وبعضهم متوفّرون تحت الطّلب لاصطياد المزيد من القلوب.. هناك ما أسمّيه "اللاڤا البركانية" الذي تلفحك حروفه بسوء نيّته، وهناك "الجريرُ" الذي يظنّك فرزدقا، وهناك نوع أخطر يشبه قمرا اصطناعيا خاملا لكنه مزود برادارات استشعار متطورة، لا يظهر إلا نادرا وإن ظهر فإنه يشكّل مشروع ناقد بدرجة فارس .. هناك نوع أسميه "الچرندايزر"، يكتب تعليقا فتضع كل وسائل اللغة لشرحه، تقرأه مرات وقبل أن تعيده للمرة الأخيرة ما بعد اليأس، ترفع الراية البيضاء وتقتنع بأن هناك لغات خلقت لكي لا تُفهمَ أبدا ! ثم هناك النوع الذي تحتاج حبة أسبرين بعد التسكّع بحائطه، وهو نوع نادر لا يمكن أن تدخل حسابه دون أن تخرج محملا بأسلحة فكرية ومزح معنوية وشحنات إيجابية، إنّه من النوع الذي تفتخر أن يشاركك نفس الكوكب، لكنك في الوقت ذاته تدرك بشيء من اليأس أن وجودك أمام وجوده يتلاشى، وأنك أصغر من أن تحترم نفسك بعدها، إنه قيمة مضافة بهذا العالم وتلك المشاعر التي يتركها فيك هي الضريبة على القيمة المضافة ! هناك من تعبر لهم عن مدى إعجابك بهم، يرحبون بك، لكنك لن تجد شبحهم يوما بحائطك، إنهم بالأرض ويظنون أنك تحتها تعيش مع الچرانيت. هناك النوع اللقيط، ليست له انتماءات ولا مبادئ محددة؛ هو ليس خطيرا ولا معديا، لكنه يصيبك بمتلازمة الاشمئزاز كلما رأيته، يدافع عن آراء مختلفة ومهمته إرضاء من حوله.. إنه السيّد "إمّعة". والنوع الذي أحب أن أسميه بطل "الكولوسيوم" هو نوع قارب على الانقراض، إنه ذلك الذي يجمع بين مهنة بهلوان وسياسيّ وعالم اجتماع، تدخل حسابه لتجده يعجن الحقيقة في قالب حرّ ويمرّغ الأنذال في الوحل ويجعل من الراديكالية في كل شيء طقسا حلوا، إن وجدت أحدهم تشبث به، سيعلمك لا شك أصول السخرية من الواقع .. هناك نوع قد لا تنتبه لخطورته عليك، نيته طيبة لكنه فيروس وبائي قد يسهل عملية إصابتك بالغرور..هو يمجد كل ما تقوم به ويجدك مثاليا حد عدم التصديق.. هذا النوع لا يحتاج متابعة "عرب آيدول"، لقد وجدك أنت..وأنت الآيدول الخاص به ! وفي الختم..لا تثق كثيرا في روّاد هذا الكوكب، إنه أكثر شيء بعيد عن المثالية، وأكثر مكان قد تجد فيه الكلّ يدّعي المثالية !