يرتقب ان يعطي السقوط المتوقع لنظام الزعيم الليبي معمّر القذافي دفعًا لبعض الانتفاضات العربية الاخرى، لكن الطابع المسلح لهذه الثورة والتدخل العسكري الغربي يثيران قلقًا. والزعيم الليبي الذي وصل الى السلطة قبل 42 عامًا عبر انقلاب يمكن أن يصبح قريبًا ثالث زعيم دولة عربية يطيح به "الربيع العربي". أحد الثوار يطلق النار خلال مواجهات في طرابلس لكن في حين أن الرئيسين السابقين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك أزيحا عن السلطة عبر انتفاضتين شعبيتين سلميتين استمرتا بضعة اسابيع، الا ان الثوار الليبيين المسلحين الذين يتلقون دعمًا من الحلف الاطلسي يقاتلون منذ اكثر من ستة اشهر. وقالت جاين كينيينمونت المحللة المتخصصة في شؤون العالم العربي في معهد شاتام هاوس البريطاني ان "سقوط زعيم عربي جديد سيشجّع حركات المعارضة الاخرى وسيثبت أن الامر ينسحب على دول اخرى". واضافت "من المحتمل أن يكون خمسة قادة عرب قد سقطوا بحلول نهاية العام 2011"، معتبرة ان الرئيس السوري بشار الاسد والرئيس اليمني علي عبد الله صالح قد يلقيان المصير نفسه مثل القذافي. لكنها رأت ان "الجزائر هي الدولة المعنية اكثر، لا سيما بسبب قربها الجغرافي مع ليبيا". وتابعت ان "المغرب اعلن عن اصلاحات شاملة، فيما النظام الجزائري تمكن حتى الآن من قمع التظاهرات بنجاح لكنه يبدو غير قادر على القيام بإصلاح سياسي". من جهته، يقول سلام الكواكبي مدير الابحاث في "مبادرة الاصلاح العربي"، وهو حفيد عبد الرحمن الكواكبي (1854-1902) العلامة السوري، الذي كان من رواد الحركة الاصلاحية العربية، انه "متفائل جدًا بالانتصار الذي سيعيد نوعًا من الأمل إلى الثورة العربية بعد فترة احباط". واضاف "لكن للأسف انتصار الثوار الليبيين يأتي بمساعدة خارجية كان على ما يبدو لا بد منها، وهو شيء غير مقبول من السوريين". وتابع "الخوف حاليًا من أن تبدأ الخلافات التي حاول الثوار الليبيون إخفاءها بالظهور الى السطح، وخاصة محاولة ركوب الإسلاميين موجة الثورة"، معتبرًا أن ذلك يشكل "عاملاً مشتركًا بين مصر وتونس وليبيا". وقال "اعتقد ان اليمن سيكون هو المحطة المقبلة". فقمع التظاهرات في سوريا أوقع اكثر من 2200 قتيل منذ اذار/مارس، والنظام لا يبدي اي مؤشرات على تغيير موقفه، فيما يعلن الرئيس اليمني الذي ادخل الى المستشفى في السعودية بعد تعرضه لاعتداء، بانتظام عن عودته القريبة الى البلاد. من جانبه اعتبر ابراهيم شرقية مساعد مدير معهد بروكينغز الدوحة ان تلك هي "الثورة العربية الاولى التي تنتصر بوسائل عسكرية، وبمساعدة قوى اجنبية، ولن تشكل نموذجًا" للانتفاضات العربية الاخرى. واضاف "انا مقتنع بأن الانتفاضة السلمية ستتواصل في بقية العالم العربي"، مؤكدًا في الوقت نفسه ان احد ابرز التحديات التي سيكون على الثوار الليبيين مواجهتها الآن هي تجاوز خلافاتهم لا سيما العقائدية. يشاطره في هذا الرأي الكواكبي، الذي يخشى بشكل خاص من التدخلات الاجنبية في ليبيا الغد. وقال هذا المحلل المقيم في باريس "اعتقد ان الدول التي تدخلت عسكريًا، رغم أنها قالت إنها فعلت ذلك من منطلق إنساني، تضع في الصورة الأسواق التي ستفتح وإعادة بناء ليبيا، التي هي مدينة لهذه الدول وستسدد ديونها مثل العراق". وتملك ليبيا احتياطيًا من النفط يقدر ب 44 مليار برميل، ونفطها مطلوب بشكل خاص بسبب ضعف نسبة الكبريت فيه، وبسبب قربها الجغرافي من اوروبا. ويرى الخبراء ان الثوار الذين يريدون استئناف ضخ النفط سيكون عليهم ألا ينسوا حلفاءهم الغربيين مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وايطاليا والعرب (قطر) في عملية اعادة الاعمار وعقود استغلال النفط الجديدة. وقال المحلل الكواكبي "اخشى بعد تحرير ليبيا، والى جانب الثمن الاقتصادي الحتمي الذي سيتم دفعه، ان يكون هناك ثمن سياسي يجب دفعه، أي أن تصبح البلاد قريبة جدًا من السياسة الغربية".