وزير الخارجية اليمني يجدد التأكيد على موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة    وزير الخارجية اليمني يؤكد دعم بلاده الكامل لمغربية الصحراء خلال لقائه مع رئيس الحكوم    المحكمة التجارية تجدد الإذن باستمرار نشاط "سامير"    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    إلموندو الإسبانية تكتب: المغرب يحظى بمكانة خاصة لدى إدارة ترامب وواشنطن تعتبره حليفًا أكثر أهمية    التعاون السعودي يعلن ضم اللاعب الصابيري خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية    لرقم الاستدلالي للأثمان عند الإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني لشهر دجنبر 2024.. النقاط الرئيسية في مذكرة المندوبية السامية للتخطيط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تعزز وعي الجيل المتصل في مجال الأمن الرقمي    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    نهضة بركان يواصل التألق ويعزز صدارته بفوز مهم على الجيش الملكي    اللجنة التأديبية الفرنسية تقرر إيقاف بنعطية 6 أشهر    كيوسك الجمعة | 97 % من الأطفال المغاربة يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    سانتو دومينغو.. تسليط الضوء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال التعليم    الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب عدة أهداف لحزب الله في سهل البقاع بشرق لبنان خلال الليل    "كاف" يعلن عن تمديد فترة تسجيل اللاعبين المشاركين في دوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة التي تحطمت في واشنطن    ارتفاع أسعار الذهب    أجواء ممطرة في توقعات طقس الجمعة    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    وتتواصل بلا هوادة الحرب التي تشنها جهوية الدرك بالجديدة على مروجي '"الماحيا"    أمريكا: "برج" يقتل ركاب طائرتين    فاتح شهر شعبان لعام 1446 ه هو يوم الجمعة 31 يناير 2025    الشهيد محمد الضيف.. جنرال كتائب "القسام" ومهندس "طوفان الأقصى"    نتائج الخبرة العلمية تكشف قدرة خلية "الأشقاء الثلاثة" على تصنيع متفجرات خطيرة (فيديو)    الجيش الملكي يخسر بثنائية بركانية    تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة بسبب اضطرابات جوية وارتفاع الأمواج    الشرقاوي: خلية "الأشقاء الثلاثة" خططت لاستهداف مقرات أمنية ومحلات عمومية    النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بإقليم العرائش تكرم منجزات شخصيات السنة    خروج 66 فلسطينيا حالة صحية متردية من سجون الإحتلال    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    «استمزاج للرأي محدود جدا » عن التاكسيات!    زياش إلى الدحيل القطري    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    بورصة البيضاء تغلق على الارتفاع    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    ارتفاع مفاجئ وتسجل مستويات قياسية في أسعار البيض    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في فهم القوة والتقدم .. صناعة الصورة
نشر في هسبريس يوم 15 - 10 - 2017

صباح يوم السبت 30 شتنبر الماضي، وضمن فعاليات المنتدى الثالث للكفاءات المغربية بألمانيا، الذي أقيم تحت شعار "مغاربة العالم: كفاءات لمغرب الغد"، بمدينة طنجة، شدني الانتباه إلى تصريح يحمل بين طياته العديد من الرسائل الإعلامية، أدلى به السيد عبد الكريم بن عتيق، الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، جاء فيه: "في المغرب، علينا أن نعترف بأننا لا نتقن تسويق صورة بلدنا".
إن ما فهم ويفهم من هذا التصريح هو أننا في المغرب نفتقد إلى أهم صناعة ترتكز عليها مؤسسات صناعة القرار في العالم، يتعلق الأمر بصناعة الصورة الإعلامية التي تقترب من المصطلح الفرنسي Image médiatique، وتأخذ ثلاثة أبعاد أساسية. البعد الأول ذو طابع إشهاري، والثاني دعائي محض، أما الثالث فهو إخباري.
والأبعاد الثلاثة تتفاعل بين بعضها البعض لتفرز لنا تلك الصور والتمثلات التي تتكون تدريجيا عبر مختلف وسائل الاتصال، وتترسخ في ذهن ومخيلة الجمهور المتلقي حول أشياء أو أشخاص أولتها هذه الوسائل والوسائط الاتصالية اهتماما مكثفا ومنتظما لأسباب واعتبارات شتى، ومن زوايا معينة، يترتب عنها (الصور والتمثلات) عند المتلقي رد فعل تتبلور ملامحه في التموقف الإيجابي او السلبي، إما في صورة خوف أو معتقد أو انبهار... وما إلى ذلك.
للفهم أكثر، نضرب مثالا بما تقوم به داعش على مستوى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، يندرج في هذا الإطار، مما يعني أن هذا التنظيم يعمل لفائدته، حتى لا نقول خبراء في مجال الإعلام والاتصال، كوادر على قدر كبير من الخبرة والتجربة في مجال الإعلام والاتصال. هذا النموذج، نستقرئ ملامحه من العديد من الشخصيات التاريخية التي، بفضل سياسة صناعة الصورة الإعلامية المخيفة للآخر، تأتى لها توسيع نطاق نفوذ سلطتها من دول عادية إلى إمبراطوريات كبرى وعظمى.
إن القائد المغولي المعروف بجانكيسخان كان إذا ما أراد احتلال منطقة ما، أوفد إليها عددا من مخبريه وأعينه شهورا عدة قبل احتلالها، لينشروا ويذيعوا عنه كل ما من شأنه أن يكوّن عنه وعن جيشه صورا مخيفة. حتى إذا شاع أمر تحركه دخل المنطقة المذكورة دون مقاومة تذكر، وهو الأمر نفسه الذي اعتمده تنظيم داعش لاحتلال بعض مدن العراق دون أدنى مقاومة، الموصل تحديدا، حيث لعبت بعض الفيديوهات التي نشرها التنظيم ببعض مواقع التواصل الاجتماعي، وروجت لها بعض القنوات الفضائية، العربية تحديدا، هذا الدور بامتياز.
إن السياسة الإعلامية الحديثة، فضلا عن أنها يجب أن تسعى إلى تشكيل وتنوير الرأي العام المحلي لتمكينه من اتخاذ القرارات والمواقف السليمة التي تشغل بال المجتمع، فهي آلية من آليات المواجهة وممارسة الضغط على الخصم، وهي أيضا بمثابة مختبر أو مصنع لإنتاج الرسائل الإعلامية التي تجعل المتلقي، الآخر، بمن فيه الخصم، يقبلها بغير شك ويؤمن بها ويعمل ويعبئ من أجلها، وهي أقرب إلى عمل المؤسسات الاستخباراتية العالمية التي تعمل لفائدة أجندة حكوماتها.
فقبل غزو العراق أنتجت وكالة المخابرات الأمريكية معلومة تفيد بكون العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، وتم تسخير وسائل الإعلام الدولي لتسويق هذه المعلومة بشكل جعل جانبا مهما من الرأي العام الدولي يقتنع بمدى الخطورة التي بات يشكلها العراق على الأمن العالمي، ومن ثم جره (الرأي العام) إلى القبول بفكرة الحرب على العراق. لكن بعد الغزو ونهاية الحرب، كان الاعتراف بالخطأ في تصريف هذه المعلومة. وفي ماذا نفع هذا الاعتراف بعد الاطاحة بصدام وتفكيك قوة العراق؟
إن ما نعتبره قوة أو تقدما للآخر، لا يمثل الحقيقة، إنما يعكس الصور والتمثلات التي تترسخ في ذهننا عن هذا الآخر، من خلال ما تصرفه وتسوقه وسائل الاتصال. هذا يعني أننا إن أردنا أن نعتلي منبر القوة والتقدم، علينا التوفر على الإمكانات والقدرات اللازمة لإنتاج هذه الصورة الإيجابية، عنا، لإقناع الآخر بها وجعله يعتقد ويؤمن بها بشكل متطرف لا يقبل التزحزح.
إنه في غياب الإرادة السياسية لدى مختلف مواقع استصدار القرار ببلادنا، وفي غياب الاعتقاد والإيمان بهذه الرؤية، تبقى كل المشاريع والأوراش الكبرى التي تعرفها البلاد عرضة لمهب الريح، مع هبوب أولى النسمات عند أي حادث عرضي بسيط من مستوى حادث فاس الذي تعرض فيه شاب للاعتداء من قبل بعض العامة من الناس، أو أحداث الشغب التي عرفتها (الأسبوع الماضي) مباراة كرة القدم بالمجمع مولاي عبد الله بالرباط، ما بين الوداد البيضاوي ونهضة بركان، أو حادث فتاتي إنزكان، وما إلى ذلك من الأمثلة الكثيرة، التي تستغلها بعض وسائط الاتصال، ومن ضمنها وفي مقدمتها وسائل الإعلام الدولي، لتسوق وتصرف للآخر مجموعة من الرسائل الإعلامية التي تساهم في إنتاج صورة إعلامية مشوهة ومضللة عن بلادنا.
إن هذا يجعلنا نعتقد أن مؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر مطالبة باستحداث تكوينات وحقول معرفية جديدة تتماشى وهذه الرؤية، لتكوين كوادر من أجل خلق مؤسسات وطنية تستثمر في هذا النوع من الصناعة. لكن قبل ذلك، من الضروري التوفر على إرادة سياسية حقيقية تضع الخطط والاستراتيجيات للنهوض بهذا النوع من الصناعة الذي يعتلي، اليوم وغدا، المراتب الأولى في سلم الصناعات الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.