طبعت المسار الحكومي بالمغرب، منذ الحصول على الاستقلال إلى حدود الساعة، مجموعة من الخصائص، يمكن تلخيص أهمها في الآتي: أولا: افتقار الحكومات إلى أساس انتخابي، إذ لم تكن الانتخابات على علاتها هي المعطى الحاسم في تشكيل الحكومات، وارتباطا بذلك كان المعيار الأول للتعيين في الحكومة هو الولاء للسلطة وخدمتها، وليس الموقع السياسي أو الكفاءة. ثانيا: عدم استقلالية الحكومات بالعمل التنفيذي، إذ لم يكن لها إلا هامش جد محدود في التخطيط ووضع السياسات العامة. ثالثا: رغم كل القيود الدستورية التي تضبط العمل الحكومي، تم دائما اعتبار قيادة الحكومة مجالا ملكيا خاصا، ويتجلى ذلك في اختيار شخصيات معروفة بولائها المطلق للمؤسسة الملكية لتكون على رأس الحكومة كباحنيني وبنهيمة، ومن هذه الشخصيات من كان وزيرا أول في خمس حكومات، كما هو الحال بالنسبة لعبد الكريم العمراني، وثلاث حكومات متتالية كما هو الحال بالنسبة لعبد اللطيف الفيلالي، بل مما يؤكد ذلك هو رئاسة الملك بنفسه أو ولي العهد للحكومة، كرئاسة محمد الخامس لحكومة 1960، ورئاسة ولي العهد آنذاك الحسن الثاني لحكومتي مارس ويوليوز سنة 1961، كما أن حكومة 5 يناير 1963 لم يكن على رأسها رئيس حكومة أو وزير أول، وإنما كان على رأسها ممثل للملك. وقد تميزت في خضم هذا المسار ثلاث تجارب حكومية، ليس لأنها شكلت قطيعة تامة مع كل تلك الخصائص المشار إليها، ولكن لأنها كانت نتيجة سياق سياسي متميز أفضى إلى نوع من التجديد على مستوى الشخصية التي تقود الحكومة، كما أفضى إلى حجم انتظارات كبير قابلته أشكال من الكبح والفرملة للعمل الحكومي. هذه التجارب هي حكومة عبد الله إبراهيم، الذي عيّن على رأس الحكومة في 24 دجنبر 1958، وحكومة عبد الرحمن اليوسفي، الذي عين وزيرا أول في 14 مارس 2008، وحكومة عبد الإله بنكيران، الذي ترأس الحكومة في 29 نونبر 2011. وبما أن هذه السطور ما هي إلا تلخيص لورقة قُدمت في ندوة وطنية بتاريخ 29 و30 شتنبر 2017 بعنوان: التحولات السياسية والاجتماعية بالمغرب (1999-2017)، سيتم الاقتصار على حكومتي اليوسفي وبنكيران، لأنهما تنتميان إلى الفترة 1999-2017. فما هي حدود التشابه والاختلاف بين حكومتي اليوسفي وبنكيران؟ وما هي أهم الاستنتاجات التي يمكن استنتاجها من مقارنة التجربتين؟ أولا: التشابه بين حكومتي اليوسفي وبنكيران هناك العديد من أوجه التشابه بين حكومتي اليوسفي وبنكيران، يمكن رصدها على الشكل الآتي: 1-عامل الاضطرار، بمعنى أن اللجوء إلى حكومتي اليوسفي وبنكيران كان لجوءا اضطراريا؛ فالنظام اضطر إلى حكومة اليوسفي لضمان انتقال الملك في جو من الاستقرار والإجماع، واضطر إلى حكومة بنكيران لتجاوز عدوى الربيع العربي وضغط حركة 20 فبراير. والذي يلاحظ أن هذا الاضطرار لم يكن نتيجة احتدام الصراع بين فاعلين سياسيين لهم نفس الوزن والقوة السياسية، أو على الأقل لهم وزن وقوة متقاربة، وإنما كان نتيجة ضرورة التكيّف لدى النظام لتأمين استمراره بنفس خصائصه الجوهرية، مما انعكس سلبا على مسار التجربتين ومآلهما. 2- كان الحزب الأول في الحكومتين من "المعارضة" السابقة، وليس من الأحزاب الإدارية، وقد تم اعتبار ذلك بشكل عام بأنه أمر إيجابي، مع العلم أن هناك وجها سلبيا تمثل في ضعف التجربة في التدبير الحكومي. 3-اختلفت الشخصية التي قادت الحكومة في التجربتين عن الشخصيات التقليدية التي قادت الحكومات السابقة، فبالإضافة إلى أن كلا من اليوسفي وبنكيران ينتميان إلى أحزاب سياسية كانت في "المعارضة"، فإنهما نحتا لنفسيهما نوعا من الكاريزما بكيفيات مختلفة. 4- التحالف الحكومي الهجين وغير المنسجم في التجربتين؛ فقد تشكلت حكومة اليوسفي من سبعة أحزاب سياسية، هي: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب الاستقلال، حزب التقدم والاشتراكية، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، جبهة القوى الديمقراطية، التجمع الوطني للأحرار والحركة الوطنية الشعبية. وتشكلت حكومة بنكيران من أربعة أحزاب سياسية، هي: العدالة والتنمية، الاستقلال، التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية. وقد كان من الواضح الاختلاف الإيديولوجي والسياسي بين الأحزاب السياسية المشكلة للحكومة في التجربتين. 5- وجود ما يسمى بوزراء السيادة في الحكومتين، إذ يظهر أن "وزراء السيادة" يشكلون إلى حدود الساعة ثابتا من ثوابت التشكيلة الحكومية. ولعل في بلاغ الديوان الملكي بتاريخ 11 يناير 1995 ما يؤكد التمسك القوي بوزراء السيادة، فقد اعتبر البلاغ أن التخلي عن وزير الداخلية إدريس البصري "قد يمس مسا خطيرا بحسن سير المؤسسات المقدسة". 6- لم تكن البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية المشكلة للحكومة، في التجربتين معا، هي المرجع الأساس والأول للفعل الحكومي، فقد كانت هناك مراجع متعددة، منها: المبادرات والتوجيهات الملكية، ورؤى وتصورات "وزراء السيادة"، والمخططات والأوراش الكبرى التي انطلقت مع الحكومات السابقة، وتوصيات مجموعة من المؤسسات الدولية والوطنية... وضمن هذه المراجع المتعددة لم تكن أي أولوية لبرامج الأغلبيات الحكومية. 7- رغم مجموعة من الإجراءات الاجتماعية التي قامت بها الحكومتان، ورغم التوجه الاشتراكي لليوسفي، والتوجه الإسلامي لبنكيران، بقيت السياسة الحكومية في التجربتين منضبطة لإطار الليبرالية الجديدة، التي من شروطها: الانضباط في المالية العامة، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، والإصلاح الضريبي، وتحرير أسعار الفائدة، وتحرير التجارة، وتحرير الاستثمار، والخصخصة..، وكان هناك امتثال واضح في التجربتين للمؤسسات المالية الدولية. 8- ضخامة حجم الانتظارات في التجربتين، ليس فقط على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ولكن على المستوى السياسي أساسا؛ ففي حكومة اليوسفي كان الرهان هو الانتقال مما سمي "التناوب التوافقي" إلى التناوب الديمقراطي، وفي حكومة بنكيران كان الرهان هو تفعيل دستور 2011 انطلاقا من تأويل ديمقراطي. 9- اشتكت كل من الحكومتين من الممانعة والفرملة، وقد أشار اليوسفي إلى ذلك في كلمته ببروكسيل سنة 2003، وتحدث الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن ذلك في وثائق مؤتمر وطنه السادس، الذي انعقد أواخر مارس 2001، تحت مسميات مختلفة: القوة الثالثة، جيوب قوى الجمود والتسلط... كما تحدث حزب العدالة والتنمية هو الآخر عن ذلك، خاصة بنكيران: التحكم، العفاريت والتماسيح... لكن الملاحظ أن الشكوى لا تكون دائما إلا ممن يقود الحكومة، أما أغلب باقي أحزاب الأغلبية والمعارضة فإنها تنكر ذلك. 10- الخيبة على مستوى المآلات، فلم تفشل التجربتان فقط في تحقيق الرهانات، بل كانت هناك عودة إلى الوراء. ومن أبرز تجليات ذلك بخصوص حكومة اليوسفي تعيين إدريس جطو وزيرا أول بعد انتخابات 2002، والتراجعات الحقوقية في 2003. وبخصوص حكومة بنكيران كانت حالة "البلوكاج" الحكومي والتراجع الواضح في كل المجالات، وفي مقدمتها المجال الحقوقي. 11- لم تكن الخيبة فقط على مستوى إنجازات الحكومة ورهاناتها، وإنما كان هناك أيضا أُثر سلبي على الحزبين اللذين قادا الحكومة في التجربتين. كان ذلك بالنسبة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أكثر وضوحا نظرا لأنه مر على خوض التجربة حوالي 20 سنة، أما بخصوص العدالة والتنمية فربما من مقدمات ذلك ومؤشراته ما ظهر إلى حدود الساعة من خلاف بين قيادات الحزب، وما حدث من تراجع على مستوى الانتخابات الجزئية. ثانيا: الاختلاف بين حكومتي اليوسفي وبنكيران رغم عامل الاضطرار الذي كان قاسما مشتركا في التجربتين الحكوميتين، يمكن القول إن السياق السياسي والدستوري شكل أبرز اختلاف بين حكومتي اليوسفي وبنكيران. فمن عناصر سياق حكومة اليوسفي تقرير البنك الدولي لسنة 1995 وحديث الملك الراحل عن السكتة القلبية، لكن يبقى أهم معطى هو مرض الملك الحسن الثاني ورغبته في ضمان انتقال سلس للعرش إلى ولي عهده، وفي هذا السياق تم تدشين التواصل مع أحزاب الكتلة لينتهي الأمر بتصويتها الإيجابي على دستور 1996 ومشاركتها فيما سمي بحكومة "التناوب التوافقي" بقيادة عبد الرحمن اليوسفي. ومن المعلوم أن المراجعة الدستورية لسنة 1996 لم تضف شيئا كثيرا إلى المراجعة الدستورية لسنة 1992، بل إن مراجعة الدستور سنة 1992 كان لها ثقل سياسي أكبر من مراجعة 1996، لذلك فتصويت الكتلة بنعم على الدستور لم يكن اقتناعا بمضامين المراجعة الدستورية، وإنما كان استجابة لرغبة الملك الحسن الثاني في الانخراط في المسار الحكومي. ومن المعلوم أيضا أن الانتخابات التشريعية لسنة 1997، التي تشكلت على أساسها حكومة اليوسفي، عرفت طعنا سياسيا في نتائجها. ويكفي أن نذكر في هذا السياق أن انتخابات 1997 بوأت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الرتبة الأولى، لأنه أصبح هو المقترح لقيادة حكومة التناوب التوافقي، في حين احتل حزب الاستقلال، الذي كان المرشح الأول لقيادة "التناوب التوافقي"، والذي أصبح مغضوبا عليه بسبب معارضته الشديدة لاستوزار البصري، الرتبة الخامسة، مع العلم أنه احتل الرتبة الأولى في الانتخابات المحلية لسنة 1997، التي سبقت الانتخابات التشريعية ببضعة أشهر فقط. ولم تخول الانتخابات التشريعية على علاتها أغلبية لأحزاب الكتلة داخل مجلس النواب؛ إذ لم تحصل سوى على 102 مقعد مقابل 100 مقعد لأحزاب الوفاق، و97 مقعدا لأحزاب الوسط، بينما كانت تتطلب الأغلبية آنذاك الحصول على 163 مقعدا من أصل 325 مقعدا. يتبين إذن مما سبق أن حكومة اليوسفي كانت تعرف هشاشة واضحة على مستوى أساسها الدستوري والانتخابي، ولا يمكن التسليم بأنها كانت نتيجة مفاوضات فعلية بين المؤسسة الملكية وأحزاب الكتلة، وإنما كانت تحقيقا لرغبة الحسن الثاني لضمان الاستمرارية. أما حكومة بنكيران فسياقها السياسي والدستوري كان مختلفا، فقد تميز السياق على المستوى الإقليمي باندلاع الاحتجاجات وتصاعدها في مجموعة من الدول العربية، وانتقل ذلك إلى المغرب عن طريق حركة 20 فبراير، التي شكلت ضغطا واضحا على النظام السياسي بالنظر إلى ما انتهت إليه الاحتجاجات في تونس ومصر. ومن أجل التكيّف والانحناء أمام العاصفة تم إقرار دستور 2011، وتم تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. وقد كان نص دستور 2011 متقدما على نص دستور 1996 في عدة جوانب، منها ما يتعلق بالعمل الحكومي، فالحديث في نص الدستور الجديد أصبح عن السلطة التنفيذية وليس فقط عن الحكومة، التي لم تبق مهمتها شبه محصورة في تنفيذ القوانين، وإنما أصبحت تمارس السلطة التنفيذية، وتعمل على تطبيق برنامجها، وتمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. وتم نسخ العبارة التي كانت واردة في الفصل 60 من دستور 1996، والتي كانت تنص على أن "الحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان"، وتمت لأول مرة دسترة المجلس الحكومي، الذي يتداول، تحت مسؤولية رئيس الحكومة، في مجموعة من النصوص والقضايا، منها السياسة العامة للدولة والسياسات العمومية والسياسات القطاعية والقضايا الراهنة المرتبطة بحقوق الإنسان وبالنظام العام والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأصبح من مسؤولية المجلس الحكومي تعيين مجموعة من الموظفين السامين مثل الكتاب العامين ومديري الإدارات المركزية بالإدارات العمومية ورؤساء الجامعات والعمداء. وانتقل رئيس الحكومة، حسب النص الدستوري، من الوضعية السابقة التي كانت تجعله مجرد سلطة تنظيمية وتنسيقية إلى وضعية جديدة، حيث صارت له سلطة رئاسية على الحكومة، وأصبح من حقه أن يقترح التعيين في بعض الوظائف المدنية على المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، بل أصبح من حقه دستوريا التعيين في بعض الوظائف المدنية في الإدارات العمومية، وفي بعض الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية، وأتاح له الدستور آليات مهمة للتواصل مع البرلمان، وصار بإمكانه حل مجلس النواب بمرسوم يُتخذ في المجلس الوزاري، بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية، كما صار بإمكانه أن يطلب من الملك إقالة عضو أو مجموعة أعضاء من الحكومة. وكما هو الحال بالنسبة للملك، أصبح من حق رئيس الحكومة أن يحيل القوانين أو الاتفاقيات الدولية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور. ولرئيس الحكومة أيضا حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور، لكن وفق مساطر دستورية معقدة بالمقارنة مع ما هو متاح للملك. وعلى أساس دستور 2011 تم تنظيم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، التي لم يُطعن فيها سياسيا من قبل الأحزاب المشاركة، والتي عرفت انفتاحا ملحوظا سمح لحزب العدالة والتنمية باحتلال الرتبة الأولى بعدد مهم من المقاعد. إذن يبدو مما سبق أن ما ميز حكومة بنكيران سياقها السياسي والدستوري، الذي كان يسمح في نظر بعض المتتبعين بفعل حكومي متقدم بالمقارنة مع السابق. بالإضافة إلى هذا التباين الواضح على مستوى السياق السياسي والدستوري والانتخابي، يمكن رصد بعض التباينات الأخرى بين التجربتين، من ذلك مثلا: 1- صحيح أن اليوسفي وبنكيران يختلفان عن الشخصيات السابقة التي شغلت منصب الوزير الأول. لكن ذلك لا يعني أنهما متشابهان، بل بينهما اختلافات واضحة، من أهمها ما عُرف عن اليوسفي من تحفظ شديد، مقابل ما عُرف عن بنكيران من شعبوية وخرجات إعلامية كثيرة. وإذا كانت بعض التحليلات ربطت التخلي عن بنكيران بشعبويته وخرجاته الإعلامية، فالملاحظ أن التحفظ الشديد لليوسفي لم يمنع من التخلي عنه هو الآخر. 2- تشكلت حكومة اليوسفي من سبعة أحزاب سياسية، بينما تشكلت حكومة بنكيران من أربعة أحزاب سياسية، ولعل ما أسهم في ذلك نتائج انتخابات 2011 مقارنة بانتخابات 1997، لكن بدا واضحا أن قلة عدد الأحزاب السياسية في حكومة بنكيران لم يحقق انسجاما بين الأغلبية الحكومية. 3- بدا حزب العدالة والتنمية خلال الولاية الحكومية لبنكيران أقوى تنظيميا وجماهيريا، وأشد تماسكا من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الولاية الحكومية لليوسفي. فمن المعلوم أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عرف قبيل ما سمي بحكومة التناوب التوافقي، وبسببها، بعض الاختلافات والانسحابات. 4- رغم الانضباط لتوجهات الليبرالية الجديدة، وتواضع الإنجازات في التجربتين، يمكن رصد بعض الاختلافات على مستوى الفعل الحكومي، فحكومة اليوسفي ميّزها ما هو حقوقي ودبلوماسي، أما أهم ما ميّز حكومة بنكيران فهو حسها التواصلي واقترابها من بعض الملفات كبرى، أساسا التقاعد وصندوق المقاصة. استنتاجات يمكن استخلاص أربعة استنتاجات من هذا العرض السريع والمركز لأوجه التشابه والاختلاف بين حكومتي اليوسفي وبنكيران: 1- إن الاختلاف في السياقات والإمكانات السياسية والدستورية المتاحة لم يمنع من التشابه على مستوى النتائج المتواضعة والمآلات المخيبة. ويبدو أن بنكيران لم يستغل ما هو متاح بشكل جيد. لكن من الصعب جدا حصر أسباب خيبة المآلات في عدم استغلال الهامش المتاح. 2- يبدو أن قيادة الحكومة تكتسي حساسية خاصة عند النظام، وأن من غير المسموح به إلى حدود الساعة مراكمة "رأسمال كاريزمي" على مستوى قيادة الحكومة، رغم كل القيود الدستورية التي تضبط ذلك. 3- رغم كل ما تضمنه دستور 2011 بشأن الفعل الحكومي، يتضح يوما بعد آخر أنه لا يزال قاصرا على ضمان تحقيق فعل حكومي بالمعايير الديمقراطية. 4- يتضح أن الشرط الأول والأساس لضمان فعل حكومي بالمعايير الديمقراطية هو القطع مع "القوة الثالثة" بتعبير اليوسفي، و"التحكم" بتعبير بنكيران، ولا يكفي لتحقيق ذلك تعديل دستوري، وفق ميزان القوى الحالي، مهما بلغت درجة انفتاحه. *أستاذ باحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض