تحت حراسة أمنية، تتواصل عملية هدم مقر "كوميسارية سنترال"، التي احتضنت مقر الشرطة القضائية وحوادث السير ثم الفرقة الوطنية منذ عقود، التي كانت تعدّ أكبر البنايات الأمنية في المغرب خلال عهد الحماية الفرنسية. وعبّر مسؤولو جمعية "ذاكرة الدارالبيضاء" (casa mémoire)، التي تضم مهندسين معماريين ومهندسي ديكور ومتخصصين في التراث العمراني لمدينة الدارالبيضاء، عن انشغالهم الكبير من استمرار أشغال هدم مجموعة من البنايات العمرانية التاريخية التي يجري تسجيلها لدى وزارة الثقافة؛ ومن ضمنها بناية "كوميسارية سنترال" بشارع إبراهيم الروداني. وأكد رشيد الأندلسي، رئيس جمعية "كازا ميموار"، في مراسلة موجهة إلى مسؤولي مدينة الدارالبيضاء، إن الجمعية "تفاجأت بأشغال هدم كوميسارية سنترال التي أنجزها المهندس البيضاوي (موريس سوري) سنة 1939 بمناسبة عيد العرش". وسجل رئيس "كازا ميموار" أن هذه البناية التاريخية تمثل تراثا عمرانيا مهما، وورد ذكرها في كتاب "الهندسة اليوم" سنة 1945، مشددا على أن اتخاذ قرار بشأن هدم هذه البناية يجب أن يتخذ في إطار لجنة التراث لعمالة الدارالبيضاء آنفا، مضيفا أن هذا الملف لم يسبق له أن عرض على هذه اللجنة. وأوضح الأندلسي، في المراسلة التي حصلت هسبريس على نسخة منها، أن أعضاء الجمعية سجلوا الشروع في الأشغال على مستوى بناية كوميسارية الروداني دون تعليق أي لوحة توضح طبيعة تلك الأشغال، حسب ما تنص عليه القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال. من جهته، عبّر مصطفى المانوزي، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، عن تفاجئه بخبر هدم مقر كوميسارية المعاريف بشارع إبراهيم الروادني، والتي قال إنها كانت ملحقة لمعتقل درب مولاي الشريف بالنسبة إلى القضايا السياسية. وأفاد مصطفى المانوزي بأن الإدارة العامة للأمن الوطني كان يتوجب عليها العمل على المحافظة على ذاكرة البيضاويين وعدم هدم هذه البناية التي تؤرخ لفترة النضال من أجل الحقوق من لدن مناضلين جرى اعتقالهم في هذا المقر الأمني. وأشار موسى سراج الدين، رئيس جمعية أولاد المدينة، إلى أن هدم بناية مقر الفرقة الوطنية، الذي جرى إنشاؤها سنة 1939، يعدّ هدما لجزء من ذاكرة البيضاويين. وقال سراج الدين إن "طريقة الهدم وفي هذه الظرفية تثير أكثر من سؤال، ونحن نلتمس من وزير الثقافة أن ترسل لجنة مركزية من الرباط، علما أننا لا ننقص من كفاءة المندوب الجهوي لوزارة الثقافة بالدارالبيضاء الحاصل على مجموعة من الديبلومات من روسيا، وهي التي يمكنها الوقوف على مدى خطورة الهدم الممنهج لتراث الدارالبيضاء"، يقول الفاعل الجمعوي.