وفيما فتحت الشرطة تحقيقا لكشف أسباب الحريق المندلع في الطابق السابع من العمارة المشيدة سنة 1949 والمكونة من 17 طابقا، فإن جمعية «كازا ميموار»، التي تعنى بالحفاظ على التاريخ العماري لمدينة الدارالبيضاء، تدق ناقوس الخطر لإنقاذ ما تبقى من بنايات في وسط المدينة شيدت بمعمار كولونيالي أبدعت فيه أيادي المهندسين المعماريين. وأكد كريم الرويسي، نائب رئيس جمعية «ذاكرة البيضاء» (كازا ميموار)، في اتصال هاتفي مع «اليوم24 »، أن حريقا ثانيا شب صباح أول أمس الاثنين في عمارة أخرى مصنفة بدورها كتراث معماري، توجد بشارع محمد الخامس قرب مدارة «شال»، معربا عن أمله في أن تسارع السلطات إلى حماية البنايات المصنفة تراثا معماريا في المدينة من الضياع. وأوضح المتحدث أن عمارة «الحرية» المتضررة من حريق في طابقها السابع بنيت سنة 1949 من طرف ليوناز موراندي، وهي تعتبر أول تجربة إفريقية في المعمار، وتتميز شققها بعلو كبير وهندسة مميزة. ويصل عدد البنايات المصنفة كتراث معماري في المدينة حاليا إلى 66 عمارة (49 كانت مصنفة في السابق وأضيفت إليها لائحة جديدة تضم 17 عمارة)، وتسعى جمعية «كازا ميموار» إلى الحفاظ على آخر ما تبقّى من المعمار الموريسكي بمركز المدينة، الذي أصبح يسيل لعاب المنعشين والمضاربين العقاريين. وأعرب المهندس المعماري كريم الرويسي عن أمله في أن تنتبه سلطات الولاية إلى الخدع التي يلجأ إليها مضاربون ومنعشون عقاريون، إذ يقومون بشراء عمارات مهملة أو من الورثة رغم قيمتها التاريخية، ليقوموا بتقويضها وبناء عمارات إسمنتية مكانها بواجهات أخرى، ما يؤثر على الحي بأكمله. ورغم أن تصنيف هذه البنايات جاء بناء على قرارات نشرت في الجريدة الرسمية، فإن بعضها تعرض للهدم في أيام العطل، كما هو الشأن بالنسبة إلى عمارة «نجمة مراكش» بشارع محمد الخامس المتاخمة لفندق لينكولن المتداعي. وتضم مدينة الدارالبيضاء العديد من البنايات المصنفة كتراث معماري، مثل عمارة «الكلاوي» التي أصبحت مصنفة كتراث معماري في سنة 2003، وعمارات «بن دحان» و«التازي» و«ماروك سوار» و«الصيدلية المركزية». وتشمل لائحة البنايات المصنفة كذلك كتراث معماري، بناية مستشفى 20 غشت ومقر شركة التبغ وبناية «البريد المركزي» والمقر الجهوي للخزينة العامة. وتؤرخ هذه البنايات المعمارية لسمعة المدينة التي روّج لها المستعمر في أوائل القرن الماضي كمدينة حديثة، تميزت بحداثة معمار تبناه مهندسون معماريون أجانب، سرعان ما أخذ طابعه المغربي باستعمال الزخرفة التقليدية.