عمدة الدارالبيضاء يغتال جزء من تاريخ المدينة في ظلام الليل ..وشرع في هدم البناء الذي شيده المهندس المعماري الفرنسي مند أزيد من 80 سنة، ولم يعر موقع قرار الهدم محمد ساجد عمدة مدينة الدارالبيضاء أي أهمية للنداءات المتكررة لمنع هدم البنيات المصنفة والتي في طور التصنيف. ففي الوقت الذي رشحت فيه وزارة الثقافة، هذا المبنى (عمارة piot-templier) للمنافسة ضمن قائمة أحسن المآثر التاريخية، وبعد أن بلغت إجراءات الترشيح مراحل نهائية، نسف العمدة كل شيء، بتوقيعه على قرار يقضي بهدم هذا العمران التاريخي، الذي يكتنز في طياته حياة أجيال. أشغال الهدم التي انطلقت قبل أسبوعين في سرية تامة، تحت جنح الظلام، وبمباركة من السلطات المحلية مستغلة في ذلك أشغال الطرامواي الجارية بشارع محمد الخامس، أخرج بعض النخب من مهندسين وفنانين ومجموعة من الفاعلين البيضاويين بدعوة من جمعية كازا ميموار إلى أمام المبنى في وقفة احتجاجية، صباح أول أمس الأحد عبروا فيها جميعهم عن تأسفهم لاغتيال المآثر التاريخية في المدينة، بلوحة استعراضية، مرددين شعارات تنبه إلى خطر اندثار المباني التاريخية في العاصمة الاقتصادية، باعتباره جرما يرتكب في حق الساكنة البيضاوية وتاريخها. «لم توضع أي لافتة تبين أن هناك أشغالا تهم البناية» هكذا تحدث كريم الرويسي عضو جمعية كازا ميموار، لبيان اليوم، متأسفا هو الآخر عن قرار الهدم. الوقفة التي شكلت صرخة جديدة ضد اغتيال المباني التاريخية للمدينة، وزعت خلالها منشورات تفيد أن عامل عمالة مقاطعات الدارالبيضاء آنفا، كان قد أصدر قرارا بتاريخ 29 دجنبر 2010 يمنع «الترخيص لهدم أو تغيير جميع البنايات ذات خصوصيات تاريخية داخل النفوذ الترابي» للمقاطعة، لكن هذا القرار تم خرقه من قبل عمدة الدارالبيضاء محمد ساجد الذي وافق وساند عملية الهدم. وكانت الجمعيات تنتظره في ندوة مساء يوم السبت 16 يوليوز بدار الفنون لكنه اعتذر عن المشاركة في لقاء حول الثقافة في المدينة. وكانت جمعية كازا ميموار قد أطلقت حملة لجمع التوقيعات على الانترنت من أجل الوقوف في وجه الحكم القضائي الذي سمح لمالك العمارة بهدمها، وقد تجاوز عدد التوقيعات الألف توقيع، بينهم جمعويون ومهندسون وفنانون ومثقفون وصحافيون، عبروا عن رفضهم التام لقرار الهدم. وأجمع جمعويون وفاعلون إلى جانب سياح أجانب في تصريحات لبيان اليوم على ضرورة تقنين مسألة المحافظة على التراث وعدم إغفالها في المخطط المديري ومخطط التهيئة المتصلين بمدينة الدارالبيضاء، وأن حماية التراث قضية تتطلب وضع قوانين خاصة من أجل تحقيق الأهداف التي تسعى للمحافظة عليها، وأن «المدينة القديمة» و«حي الأحباس» بالدارالبيضاء تزخر بدورها بتراث هندسي لا يختلف عما يتميز به العمران في مركز المدينة، لذلك لا ينبغي عزلها عن بقية الفضاءات العتيقة التي يتعين الحفاظ عليها.. وأن مدينة الدارالبيضاء، تعد من بين المدن العالمية التي تزخر بتراث هام ينبغي صيانته والمحافظة عليه. بناية «piot-templier» احتضنت في الطابق السفلي، متجر «templier» لبيع الأواني في عشرينيات القرن الماضي، ومطعم «نجمة مراكش» الذي يستحضر الطابع الموريسكي بالمغرب، ناهيك عن محلات تجارية أخرى ك «إدمون بريون» و«بيير بوسكي» و«ماريوس بوايي»... إلى غيرها من المراكز التي خلقت الحياة في المدينة، وظلت طيلة سنوات صامدة، لتشهد اليوم على إرث تاريخي تزخر به العاصمة الاقتصادية للمملكة. ويشار إلى أن الدارالبيضاء، تمنح الزائر على طول شوارع الروداني والراشدي وبساحة محمد الخامس مهرجانا من الفن المعماري لمشيدين أمثال أدريان لافورك (البريد المركزي) وجوزيف ماراس (قصر العدالة) وإدموند برييون (بنك المغرب) وماريوس بوايي (قصر المدينة والحامية العسكرية) وبول تورنون (الكنيسة) وألبير لابراد (القنصلية الفرنسية وحديقة الجامعة العربية).