نشرة إنذارية جديدة: تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا رعدية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء    احتجاجاً على تقييد حق الإضراب.. الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يدعو إلى إضراب عام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الأرصاد الجوية: تساقطات ثلجية وأمطار رعدية تضرب المملكة حتى الثلاثاء    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    مقتل مواطن مغربي بالرصاص في إيطاليا    مع اقتراب شهر رمضان.. ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالأسواق المغربية    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    بن شرقي: "اللعب للأهلي كان حلمي وسأسعى لحصد الألقاب معه"    الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى السعودية في أول زيارة رسمية    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    نادٍ نرويجي يتبرع بعائدات مباراته ضد فريق إسرائيلي لدعم غزة    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون والشراكة بين مدينة طنجة ومدينة القدس الشريف    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    نزار بركة يترأس الدورة العادية الموسعة للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال في العيون    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    كريستينا.. إسبانية سافرت للمغرب لاستعادة هاتفها المسروق بمدريد والشرطة المغربية أعادته إليها في أقل من ساعة    "هِمَمْ" ترفض التضييق والتشهير بمديرة جريدة "الحياة اليومية"    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    السلطات الأسترالية تعلن وفاة شخص وتدعو الآلاف لإخلاء منازلهم بسبب الفيضانات    حريق مُهول يأتي على ورش للنجارة بمراكش    المغرب يعزز موقعه الأممي بانتخاب هلال نائبا لرئيس لجنة تعزيز السلام    "رسوم ترامب" الجمركية تشعل حربًا تجارية .. الصين وكندا والمكسيك ترد بقوة    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    ريدوان يخرج عن صمته بخصوص أغنية "مغربي مغربي" ويكشف عن مشروع جديد للمنتخب    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    هذا هو برنامج دور المجموعات لكأس إفريقيا 2025 بالمغرب    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    مقترح قانون يفرض منع استيراد الطماطم المغربية بفرنسا    تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج فاقت 117 مليار درهم خلال 2024    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    الانتقال إلى دوري قطر يفرح زياش    ثمن المحروقات في محطات الوقود بالحسيمة بعد زيادة جديد في الاسعار    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    لمن تعود مسؤولية تفشي بوحمرون!    لقجع: منذ لحظة إجراء القرعة بدأنا بالفعل في خوض غمار "الكان" ولدينا فرصة لتقييم جاهزيتنا التنظيمية    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى شباط وبركة/ولد الرشيد
نشر في هسبريس يوم 06 - 10 - 2017

نعلم جميعا أن المؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال قد انعقد في ظل أزمة عميقة.
هي أزمة تهز حزبنا وتهدد بزعزعة أسسه. أزمة عميقة لا سابق لها، ربما، في تاريخ أسرتنا الحزبية. أزمة تفاقمت بسبب المناورات الحزبية والتصرفات المثيرة للغثيان والمتسمة بالعنف التي ارتكبها بعض المؤيدين الموالين لكم. وقد كان من نتيجة ذلك أن أصيب عدد من أعضاء الحزب بجروح خطيرة، كما أن العديد من مواطنينا قد أصيبوا بالصدمة من جراء المشاهد والفيديوهات الرائجة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن جهة أخرى فقد انتُهكَت قواعد الديمقراطية الداخلية من طرف رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ورئيس المؤتمر بلجوئهما إلى قواعد إجرائية تافهة ومتجاوزة، هدفهما من وراء ذلك خنق التعددية ومبدأ المنافسة وحرماني من تناول الكلمة أمام المؤتمرين من أجل تقديم مشروع تعديل القانون الأساسي للحزب وعرض مشروع سياسي ومجتمعي واقتصادي واجتماعي متجدد.
إلا أن الأساسي ليس هو هذا الأمر. فقد كان الهدف الوحيد المتوخى من ترشيحي هو إعطاء صورة مختلفة عن الأسرة الاستقلالية من خلال مساءلة ضمائر المناضلين وطرح مضمون نقاش جدّي حول القضايا التي تهم المغاربة.
كان من المفترض – لو توفرت الأناقة الفكرية - أن يُستقبل هذا البديل السياسي وهذا الاقتراح للمناقشة بالترحيب المتحمس. ولكن من الواضح أن الطبقة السياسية بمختلف الأجيال لا تثقل كاهلَها أكثر من اللازم بمبادئ الأخلاق السياسية المنبثقة من فكر أرسطو أو ابن خلدون أو روسو أو كانط أو ويبر أو ريكور. ونظرا لهذا الوضع، فإنني أُشهدُ الرأي العام على ما يجب أن يكون عليه النقاش الداخلي لحزب الاستقلال.
في الوقت الذي يلتئم شمل المناضلين والقياديين في هذا المؤتمر، عليهم أن يتذكروا أن عبارة "جمع الشمل" ليست مجرد عبارة فارغة من المحتوى، لأنها تضم في طياتها رمزية قوية جدا وتتطلب التحلي بخصال التواضع وروح المسؤولية والجرأة. أقول: الجرأة، إذ عليهم امتلاك الوضوح اللازم للاعتراف بنواقصهم ومواطن فشلهم والإقرار بكون حزبنا تورط منذ جيل كامل حين سلك طريقا لا مخرج لها. كما يتوجب علينا النجاح في تجديد خطابنا، ومشروعنا وريادتنا وتصرفاتنا الفردية والجماعية تحضيرا لنجاحاتنا المستقبلية. وهناك عامل رئيسي واحد لإنجاح هذه الدينامية ألا وهو إنكار الذات من أجل المصلحة العامة.
يعتقد البعض أن حزبنا هدفٌ لقوةٍ من خارجه تريد أن تدخله بيت الطاعة وأن تملي عليه خطه السياسي وتحول فريقه المسير إلى مجموعة من الكراكيز، ويؤكد هؤلاء أن القادم سيكون أسوأ وأن هويتنا مهددة بالطمس واستقلاليتنا ستنمحي. وهم يقترحون – في مواجهة ذلك – الانسحاب المتوتر والمزايدات اللفظية واعتماد تصرف الشد والجذب.
وهناك آخرون بيننا يتصورون أن علينا إبداء حسن النية لمن يهمهم الأمر وأن نغلق أفواهنا عن الاختلافات السياسية حتى نظهر كأشخاص متفهمين مرنين لا يخشى جانبهم، باعتبارهم مخلصين أوفياء. ولأجل ذلك هم ينصحون الحزب بضرورة استيعاب المتغيرات واعتماد لغة منمقة وإبداء طاعة المطلقة. ومن جهتي فأنا على قناعة راسخة أن هؤلاء وأولئك مخطئون. إن طريقة التفكير هاته أصبحت جزءا من الماضي فيما أصبحت النماذج السياسية التي يقترحون متجاوزةً بكل وضوح. وَصَفَاتُهُم فشلت بكل بساطة ولعل تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2016 تثبت هذا بكل وضوح. وهذا الفشل عينُه الذي هو الفشل الذي تتقاسمه أحزاب سياسية أخرى سواء كانت في الحكومة أو في المعارضة، هو سبب الطلاق الحاصل بين الشعب وحكامه. واليوم، يدفع بلدنا الثمن غاليا. ولكن المغرب في كليته يرفض الفشل والمواطنون يطالبوننا بإيجاد سبل النجاح.
لأجل كل ذلك يجب أن نبدع اختيارا سياسيا بديلا، يعطي دفعة كبرى للتطور السياسي والديمقراطي وينتج رفاهية اقتصادية واجتماعية للجميع. كيف يمكن الوصول إلى هذا؟ بكل بساطة ووضوح، علينا أن نسلك طريقا ثالثا قوامه ما يلي: لا ثورة ولا خضوع، لا ضجة تصم الآذان ولا صمت مجامل، لا خطب طوباوية ولا تنازلات مذلة. هذا المسار الموسوم بالوفاء لمؤسساتنا والإخلاص لقيمنا والسعي نحو الإصلاح بلا تردد، هو الذي يتوجب على حزب الاستقلال سلوكه.
إن المغاربة واعون بالمتطلبات الراهنة لعصرنا هذا. إنهم متضامنون، منهم جيل الشباب المرتبط بشبكات التواصل الاجتماعي، الجيلُ الطموحُ المتَعَجِّلُ وربما الغاضب. إن المغاربة منشغلون بالأفق المنغلق أمام طبقة وسطى منزعجة مما تعيشه، لأنها رهينة القدرة الشرائية المتواضعة التي تسببت فيها السياسات العمومية المجحفة. إنهم فريسة المخاوف من عجز المسنِّين في بلادنا على المحافظة على معاشات التقاعد. وهم معبئون بجانب المواطنين المتشبثين بحقوقهم الديمقراطية والراغبين في المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية التي لها تأثير على حياتهم. إزاء هذه التحديات، نلمس تعطُّل نظامنا السياسي. وحين أقول هذا فأنا لا أتهم أحدا ولكنني أسائل الجميع وأناشدهم أن نبدأ بأنفسنا، نحن معشر الاستقلاليين.
معركة حزب الاستقلال يجب أن تكون سياسية أولا. على من يزايدون على الآخرين – من أحزاب ومسئولين سياسيين - بخصوص قربهم من شخص جلالة الملك، عليهم أن يتوقفوا عن ذلك. لقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن قال في نفس الموضوع ما معناه أن الملكية ليست متغيرا يمكن وضعه في معادلة. نحن في حِلِ من إعادة التأكيد كل مرة على ارتباطنا بشخص جلالة الملك محمد السادس لأننا في غنى عن الدروس حول الملكية من أي كان، ولأن الولاء لا يقاس بكثافة الخطب الإيضاحية، ولكن بقوة القناعات وبناء على الإجراءات السياسية. فكما في أمور الحب،فإن مجرد الإعلان عنه لا يرقى أبدا إلى مرتبة التصرفات الدالة عليه. وتاريخ حزب الاستقلال حافل بأدلة الارتباط بالملكية البارحة واليوم وغدا. كنا على الدوام ملكيين في الوقت الذي كان آخرون يماطلون. فنحن ملكيون وسنظل كذلك لأن هذا الإخلاص جزء من هوية الحمض النووي لحزب الاستقلال. بيد أننا، في نفس الوقت، واعون بكون مؤسساتنا السياسية في حاجة إلى الإصلاح والعصرنة بغية الاستجابة للانتظارات الجديدة والمتنامية للمغاربة. أعتقد أن القرب العلاقاتي من شخص الملك يجب أن يفرض على الأشخاص المعنيين واجب التحفظ سواء على المستوى السياسي، أو على مستوى عالم الأعمال. لا يفترض في أي مغربي أن يعتمد على هذا القرب للحصول على امتياز غير مستحق على حساب مغربي آخر. لقد أصبحت الضرورة ملحة لفصل صارم بين المال والسياسة لتجنب تضارب المصالح واستغلال النفوذ. وللوصول إلى هذا المبتغى يجب علينا أن نَسُنَ لأنفسنا تشريعات وفق معايير تتناسب والمعايير الدولية والتي نجدها على وجه الخصوص في بلدان شمال أوربا. يجب توسيع صلاحيات الحكومة ومعها أدوار غرفة مجلس النواب بالبرلمان مع تقوية سبل عملها ومراقبتها للشأن السياسي. إن عمل الكيانات الدستورية المختصة بالمراقبة والحكامة الجيدة كما هو الحال مع المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المنافسة أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يجب أن يصبح أكثر فعالية من خلال تعزيز اختصاصاتها القانونية واستقلاليتها المالية والمعنوية وسلطتها على المعاقبة وجودة إدارتها.
هذا من جهة.
من جهة ثانية، معركةُ حزب الاستقلال يجب أن تكون ذات طابع مجتمعي أيضا. يجب أن نضع حدا لهذه الصورة التي تصب الماء في طاحونة خصومنا. صورةُ الحزب التقليدي صاحب الخطاب الماضوي، صورةُ الحزب المحافظ المستند إلى قراءات للتعاليم الدينية والسلوكات البشرية خارج سياقاتها. القانون الجنائي أصبح متجاوزا ولا يواكب واقع المجتمع المغربي في هذا القرن. علينا أن نستأصل من القوانين القمعية كل ما يمت بصلة إلى البعد السلوكي الفردي الذي من المفروض ألا يخرج عن نطاق المساءلة من قِبل ضمير كل فرد، بعيدا عن الأحكام الرعناء وخارج كل تطاول تمارسه شرطة الأخلاق. يتعين أن يفرق النص القانوني عندنا بوضوح بين الفعل غير القانوني الذي على القضاء زجره اعتمادا على القانون وبين الفعل المفتقدِ لحسن الخُلق والذي يجب أن يسقط فقط تحت طائلة تأنيب ضمير صاحبه، دون خوف من تبعات العقاب العمومي.
يجب منع زواج القاصرات. فليس هناك مبررٌ ولا ذريعةٌ ولا فقهٌ– ولو أُلبسَ لبوس الدين - بوسعه تقديم المبررات للدَّوس على الصحة الجسدية وعلى حظوظ التفتق المعنوي وآفاق المستقبل التعليمي لبعض أطفالنا الذين يشكلون الفئة الأكثر هشاشة في ظل شروط سوسيو-اقتصادية صعبة. علينا التأسيس لحق المرأة في الإجهاض وحقها في تقرير مصيرها بكل حرية، مما قد يسهم في وضع حد لمعاناة الآلاف من الأمهات العازبات في مقتبل العمر، ولتعرضهن للإذلال بتهمة تلويث شرف الأسرة مما يجعلهن يلجأن إلى متاهات الإجهاض السري الذي يتم في ظروف طبية وصحية مزرية من شأنها أن تؤدي بهن إلى الموت المحتوم. كما أن رفع العقوبات الجنائية عن العلاقات الرضائية الحرة بين الأفراد الراشدين تفرض نفسها بحدة، تماما كما هو الحال مع حرية الضمير والمعتقد والتي يجب تكريسها وترجمتها على أرض الواقع في المعيش اليومي للمغاربة في بلد يحتضن منذ أمد بعيد مكونا يهوديا ومكونا آخرا حديث العهد، ولكنه يتنامى بشكل مطرد، وهو المكون المسيحي. ثم هناك الحق في الميراث والذي يستوجب إصلاحا يفترض فيه أن يسمح لشخص توفته المنية، في إطار مقاربة طوعية موثقة، بالاختيار بين تطبيق القواعد المنصوص عليها في القرآن الكريم كما أنزلت وبين اعتماد نظام مرجعي يساوي بشكل تام بين الورثة دون أي اعتبار لنوع الجنس (ذكرا كان أم أنثى).
ومن جهة ثالثة وأخيرة، على معركة حزب الاستقلال أن تكون اقتصادية واجتماعية، فنموذجنا الاقتصادي يلفظ أنفاسه الأخيرة. لقد أصابه الشلل التام فهو لا ينتج إلا ثروات محدودة في إطار فشل الدولة الذريع في إعادة توزيعها. وكل سنة هناك فئات من المجتمع المغربي بأكملها تُساق إلى حافة هاوية مرعبة. والفوارق بين المواطنين في الدخل والثروة لا تتوقف عن التزايد سنة بعد أخرى مما يسمح لبعض المحظوظين القلائل بالدخول إلى دائرة أغنى أغنياء العالم. وفي نفس الوقت، ويا لها ممن مفارقة - فإن التملص والتهرب الضريبيين وتهريب رؤوس الأموال إلى الخارج بلغت مستويات غير مسبوقة في تاريخ المغرب. سيكون علينا إعادة وضع النموذج الاقتصادي من أجل رفع التحديات الراهنة والمستقبلية. ولكي نصل إلى هذا الهدف سيكون علينا أن نعيد المقاولة الخاصة والمقاولات الصغرى والمتوسطة إلى مكانها المستحق، أي في صميم عملية خلق الثروات المادية. من واجبنا أن نمنح المزيد من التناغم والتكامل لاستراتيجياتنا القطاعية ولجعل النظام الترابي المتجانس قادرا على إنتاج أكبر قدر من التأثيرات الإيجابية لصالح الفاعلين الاقتصاديين بمختلف المناطق. سيكون علينا أن ننشئ مؤسسة بنكية عمومية للاستثمار والتي ستكون ضرورية لتمويل كل مشاريعنا ومقاولاتنا ولدعم الإستراتيجية الصناعية للدولة، كما أننا ملزمون بضرورة التحكم في السوق المالي وتطوير عمل القطاع البنكي وإصلاح سلطات الوصاية وعصرنة سياستنا النقدية. نحن مطالبون بضمان تمويل جيد للاقتصاد وضمان الشروط الخاصة بتوجيه أكثر فعالية للادخار باتجاه الاستثمار. علينا الاشتغال على تخفيض تضخم عجز الميزانية والدين العمومي، وعلى وجه الخصوص، العمل على تحقيق مدخرات في ميزانية التكاليف التشغيلية للدولة وللجماعات المحلية. كما يتوجب علينا تحسين أداء المقاولات والمؤسسات العمومية وقيادة مسيرة الإصلاح الضريبي الكفيل بتوسيع الوعاء الضريبي وبإجراء تخفيض حاد للمصاريف الضريبية وبضمان العدالة الضريبية عموديا وأفقيا، وباحترام حقوق دافعي الضرائب وبمحاربة التملص والتهرب الضريبيين بشكل أكثر فعالية. من واجبنا وبكل شجاعة وعزم أن نخوض معركة النمو، والتشغيل والعدالة الاجتماعية. وأخيرا وليس آخرا، علينا تقوية دبلوماسيتنا الاقتصادية بهدف إعادة التوازن إلى ميزانياتنا التجارية البينية وإصلاح هفوات اتفاقيات التبادل الحر وإعادة توجيه سياستنا الخارجية وكذا الاستثمار المغربي المباشر في الخارج وصادراتنا وعلى رأس أولوياتها تلك التي تكون وجهتها دول أفريقيا جنوب الصحراء.
الأخ حميد شباط، الإخوة نزار البركة/حمدي ولد الرشيد.
أكتب لكم هذه السطور بكل شفافية وجرأة وعزم، لأن هاته الصفات في السياسة شرط محوري للبحث عن الحقيقة والقدرة على قولها بصوت قوي وعالٍ، لتقبل المصاعب ومواجهتها وجها لوجه بنظرة هادئة، ولرفض الخضوع لقانون الصمت أو لصدى التصفيقات الحماسية أو لصراخ المتعصبين. أوقفوا نزاعاتكم المبنية على البحث عن المناصب والمصالح واسترجعوا رُشدكمْ. أوقفوا مهزلة المؤتمر واسمحوا للمنخرطين في الحزب كي يسترجعوا الهدوء والكرامة. غير أنني أعترف بكل صراحة أن النزاهة الفكرية - أكثر من احترامي لذكائكم السياسي - تلزمني بالتأكيد على أن هذه الرسالة ليست موجهة لكم بالخصوص لأنكم لستم في جوهر اهتماماتي. بل هي تخص الاستقلاليين الحقيقيين الذين أتوجه إليهم كي أتقدم أمامهم برسالة صريحة للمرة الثانية خلال بضعة أيام.
لدي اعتقاد راسخ وهو ألاَّ شيءَ مقرر سلفا في الحياة. ولو كانت هذه الحتمية فاعلة حقا لَاعتبرت أن مصير حزب الاستقلال محسوم أصلا. وفقط ما سيقرره المناضلون هو ما سوف يكون. وكتابة تاريخ الحزب أمر بين أيديهم. الكثيرون من بينهم يناضلون بكل إخلاص من أجل حزبهم ومن خلاله من أجل الوطن. ولكن منطق الأجهزة الحزبية يصيب بالشلل كل محاولة للسير إلى الأمام والابتكار والإصلاح. لقد عاينت من الداخل قانوننا الداخلي الذي يمنع تشكل التوجهات المبنية على الأفكار والاختيارات تحت ذريعة وهمية مفادها أن ذلك يضعف الأجهزة الحزبية ويشوش على ما تمت مراكمته. واليوم يفرض الواجب الأخلاقي على المناضلين أن يتحرروا من ذلك وأن يتخذوا قرارهم بكل استقلالية وأن يتبنوا خيارهم دون الخضوع لأي تأثير كيفما كان ولأي ضغط أو انتماء فئوي، بل استجابة للواجب الذي يمليه عليهم ضميرهم وحده.
أنتم أيها الإخوة والأخوات في حزب الاستقلال أنتم الصادقون في نضالكم، لقد أخبرتكم بكل صدق عددا من الأشياء التي أحملها بداخل وجداني. وقد اقترحت عليكم التوجهات الرئيسة لمشروع تجديد حزب الاستقلال. أقترح عليكم أن نضع جميعا شباب بلدنا في مركز هذا المشروع وأن نعطي أولوية قصوى لولوجهم إلى التعليم والصحة والسكن والشغل والرياضة والثقافة. إن مسؤولية الأمين العام كبيرة جدا فيما يخص تنفيذ هذا المشروع، فهو ليس مجرد مكلف بتسيير منظمة، بل إنه يحمل أيضا قيم عائلته السياسية واستمرارية تاريخها وقوة مشروعها. إن الخيار السياسي المعروض عليكم اليوم ليس حقيقة خيارا. خذوا زمام الأمر وجددوا حزبكم.
*مناضل في حزب الاستقلال.
www.mohammedbenmoussa.com
@benmoussamed01
Mohammed Benmoussa


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.