المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    إدعمار يهيئ أعضاء حزبه بتطوان لانخراط قوي في المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية    إضراب عام في القطاعين العام والخاص احتجاجا على الأوضاع الاجتماعية والغلاء    دراسة: الجمع بين الرياضة والوزن الصحي يمكن من الحد من خطر الإصابة بالسرطان    الاتحاد الأوروبي يحذر من رسوم ترامب.. ستؤدي إلى التضخم وتضر بالاقتصاد العالمي    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تعليق الدراسة ببعض مناطق اقليم الحسيمة تقلبات الاحوال الجوية    أخبار الساحة    الدوري الاحترافي يستأنف نشاطه    طنجة: انعقاد الاجتماع الثاني والستين للمجلس التنفيذي لمنظمة المدن العربية    "الجبهة المغربية" ترفض "تهريب" نصوص قوانين إلى البرلمان    ولي عهد السعودية يستقبل الرئيس الشرع    الشبكة المغربية لهيآت المتقاعدين تحتج ضد تجاهل الزيادة في المعاشات    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    اقتراب كأس إفريقيا يُسرّع وتيرة الأشغال بملعب طنجة الكبير    استثمارات كبرى لتعزيز التنمية في الناظور.. البنك الدولي يدعم مشاريع البنية التحتية بقيمة 250 مليون دولار    العثور على مهاجر مغربي مقتول داخل سيارته بإيطاليا    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    درك شفشاون يطيح ب"ملثم" سطا على وكالة لتحويل الأموال    بعد أيام من الغموض .. الشرطة البريطانية تفك لغز اختفاء تلميذتين مغربيتين    تحولات "فن الحرب"    مصالح مديرية الضرائب تضع حسابات مقاولات "العجز المزمن" تحت المجهر    من طنجة.. تتويج رشيد البقالي بجائزة عبد الله كنون للفكر والأدب المغربيين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مكتب الصرف: تحويلات مغاربة العالم فاقت 117,7 مليار درهم سنة 2024    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية رائدة أفضت إلى تعزيز المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    توقيف ثلاثة مواطنين صينيين بتهمة قرصنة المكالمات الهاتفية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    روبرتاج بالصور.. جبل الشويحات بإقليم شفشاون وجهة سياحة غنية بالمؤهلات تنتظر عطف مسؤولين للتأهيل    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    مسلم يصدر جديده الفني "براني"    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    القاطي يعيد إحياء تاريخ الأندلس والمقاومة الريفية في عملين سينمائيين    الإعلان عن تقدم هام في التقنيات العلاجية لسرطانات البروستات والمثانة والكلي    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى شباط ونزار وولد الرشيد
نشر في الأول يوم 05 - 10 - 2017

رسالة مفتوحة إلى الإخوة حميد شباط ونزار البركة/حمدي ولد الرشيد
محمد بنموسى
(مناضل في حزب الاستقلال)

نعلم جميعا أن المؤتمر السابع عشر لحزب الاستقلال قد انعقد في ظلأزمة عميقة.
هيأزمة تهز حزبنا وتهدد بزعزعة أسسه. أزمة عميقة لا سابق لها، ربما، في تاريخ أسرتنا الحزبية. أزمة تفاقمت بسبب المناورات الحزبية والتصرفات المثيرة للغثيان والمتسمة بالعنف التي ارتكبها بعض المؤيدين الموالين لكم. وقد كان من نتيجة ذلك أن أصيب عدد من أعضاء الحزب بجروح خطيرة،كما أن العديد من مواطنينا قد أصيبوا بالصدمة من جراء المشاهد والفيديوهات الرائجة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن جهة أخرى فقد انتُهكَت قواعد الديمقراطية الداخلية من طرف رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ورئيس المؤتمر بلجوئهما إلى قواعد إجرائية تافهة ومتجاوزة، هدفهما من وراء ذلك خنق التعددية ومبدأ المنافسة وحرماني من تناول الكلمة أمام المؤتمرين من أجل تقديم مشروع تعديل القانون الأساسي للحزب وعرض مشروع سياسي ومجتمعي واقتصادي واجتماعي متجدد.

إلا أنالأساسي ليس هو هذا الأمر. فقد كان الهدف الوحيد المتوخى من ترشيحي هو إعطاء صورة مختلفة عن الأسرة الاستقلالية من خلال مساءلة ضمائر المناضلين وطرح مضمون نقاش جدّي حول القضايا التي تهم المغاربة.
كان من المفترض – لو توفرت الأناقة الفكرية -أن يُستقبل هذا البديل السياسي وهذا الاقتراح للمناقشة بالترحيب المتحمس. ولكن من الواضح أن الطبقة السياسية بمختلف الأجيال لا تثقل كاهلَها أكثر من اللازم بمبادئ الأخلاق السياسية المنبثقة من فكر أرسطو أو ابن خلدون أو روسو أو كانط أو ويبر أو ريكور. ونظرا لهذا الوضع،فإننيأُشهدُ الرأي العام على ما يجب أن يكون عليه النقاش الداخلي لحزب الاستقلال.

في الوقت الذي يلتئم شمل المناضلين والقياديين فيهذا المؤتمر، عليهم أن يتذكروا أن عبارة "جمع الشمل" ليست مجرد عبارة فارغة من المحتوى، لأنها تضم في طياتها رمزية قوية جدا وتتطلب التحلي بخصال التواضع وروح المسؤولية والجرأة. أقول: الجرأة، إذ عليهم امتلاك الوضوح اللازم للاعتراف بنواقصهم ومواطن فشلهم والإقرار بكون حزبنا تورط منذ جيل كامل حين سلك طريقا لا مخرج لها. كما يتوجب علينا النجاح في تجديد خطابنا، ومشروعنا وريادتنا وتصرفاتنا الفردية والجماعية تحضيرالنجاحاتنا المستقبلية. وهناك عامل رئيسي واحد لإنجاح هذه الدينامية ألا وهوإنكار الذات من أجل المصلحة العامة.
يعتقد البعض أن حزبنا هدفٌ لقوةٍ من خارجه تريد أن تدخله بيت الطاعة وأن تملي عليه خطه السياسي وتحول فريقه المسير إلى مجموعة من الكراكيز، ويؤكد هؤلاء أن القادم سيكون أسوأ وأن هويتنا مهددة بالطمس واستقلاليتنا ستنمحي. وهم يقترحون – في مواجهة ذلك –الانسحاب المتوتر والمزايدات اللفظية واعتماد تصرف الشد والجذب.
وهناك آخرون بيننا يتصورون أنعلينا إبداء حسن النية لمن يهمهم الأمر وأن نغلق أفواهنا عن الاختلافات السياسية حتى نظهر كأشخاص متفهمين مرنين لا يخشى جانبهم، باعتبارهم مخلصين أوفياء. ولأجل ذلك هم ينصحون الحزب بضرورة استيعاب المتغيرات واعتماد لغة منمقة وإبداء طاعة المطلقة. ومن جهتي فأنا على قناعة راسخة أن هؤلاء وأولئك مخطئون.إن طريقة التفكير هاته أصبحت جزءا من الماضي فيما أصبحتالنماذج السياسية التي يقترحون متجاوزةً بكل وضوح. وَصَفَاتُهُم فشلت بكل بساطة ولعل تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2016 تثبت هذا بكل وضوح. وهذا الفشل عينُه الذي هو الفشل الذي تتقاسمه أحزاب سياسية أخرى سواء كانت في الحكومة أو في المعارضة، هو سبب الطلاق الحاصل بين الشعب وحكامه. واليوم، يدفع بلدنا الثمن غاليا. ولكن المغرب في كليته يرفض الفشل والمواطنون يطالبوننا بإيجاد سبل النجاح.

لأجل كل ذلك يجب أن نبدع اختيارا سياسيا بديلا، يعطي دفعة كبرى للتطور السياسي والديمقراطي وينتج رفاهية اقتصادية واجتماعية للجميع. كيف يمكن الوصول إلى هذا؟ بكل بساطة ووضوح، علينا أن نسلك طريقا ثالثا قوامه ما يلي: لا ثورة ولا خضوع، لا ضجة تصم الآذان ولا صمت مجامل، لا خطب طوباوية ولا تنازلات مذلة. هذا المسار الموسوم بالوفاء لمؤسساتنا والإخلاص لقيمنا والسعي نحو الإصلاح بلا تردد،هو الذي يتوجب على حزب الاستقلال سلوكه.
إن المغاربة واعون بالمتطلبات الراهنة لعصرنا هذا. إنهم متضامنون، منهم جيل الشباب المرتبط بشبكات التواصل الاجتماعي، الجيلُ الطموحُالمتَعَجِّلُ وربما الغاضب. إن المغاربة منشغلون بالأفق المنغلق أمام طبقة وسطى منزعجة مما تعيشه، لأنها رهينة القدرة الشرائية المتواضعة التي تسببت فيها السياسات العمومية المجحفة. إنهم فريسة المخاوف من عجز المسنِّين في بلادنا على المحافظة على معاشات التقاعد. وهم معبئون بجانب المواطنين المتشبثين بحقوقهم الديمقراطية والراغبين في المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية التي لها تأثير على حياتهم. إزاء هذه التحديات، نلمس تعطُّل نظامنا السياسي. وحين أقول هذا فأنا لا أتهم أحدا ولكنني أسائل الجميع وأناشدهم أن نبدأ بأنفسنا، نحن معشر الاستقلاليين.

معركة حزب الاستقلال يجب أن تكون سياسية أولا. على من يزايدون على الآخرين – من أحزاب ومسئولين سياسيين – بخصوص قربهم من شخص جلالة الملك، عليهم أن يتوقفوا عن ذلك. لقد سبق للملك الراحل الحسن الثاني أن قال في نفس الموضوع ما معناه أن الملكية ليست متغيرا يمكن وضعه في معادلة. نحن في حِلِ من إعادة التأكيد كل مرة على ارتباطنا بشخص جلالة الملك محمد السادس لأننا في غنى عن الدروس حول الملكية من أي كان، ولأن الولاء لا يقاس بكثافة الخطب الإيضاحية، ولكن بقوة القناعات وبناء على الإجراءات السياسية. فكما في أمور الحب،فإن مجرد الإعلان عنه لا يرقى أبدا إلى مرتبة التصرفات الدالة عليه. وتاريخ حزب الاستقلال حافل بأدلة الارتباط بالملكية البارحة واليوم وغدا. كنا على الدوام ملكيين في الوقت الذي كان آخرون يماطلون. فنحن ملكيون وسنظل كذلك لأن هذا الإخلاص جزء من هوية الحمض النووي لحزب الاستقلال. بيد أننا، في نفس الوقت، واعون بكون مؤسساتنا السياسية في حاجة إلى الإصلاح والعصرنة بغية الاستجابة للانتظارات الجديدة والمتنامية للمغاربة. أعتقد أن القرب العلاقاتي من شخص الملك يجب أن يفرض على الأشخاص المعنيين واجب التحفظ سواء على المستوى السياسي، أو على مستوى عالم الأعمال. لا يفترض في أي مغربي أن يعتمد على هذا القرب للحصول على امتياز غير مستحق على حساب مغربي آخر. لقد أصبحت الضرورة ملحة لفصل صارم بين المال والسياسة لتجنب تضارب المصالح واستغلال النفوذ. وللوصول إلى هذا المبتغى يجب علينا أن نَسُنَ لأنفسنا تشريعات وفق معايير تتناسب والمعايير الدولية والتي نجدها على وجه الخصوص في بلدان شمال أوربا. يجب توسيع صلاحيات الحكومة ومعها أدوار غرفة مجلس النواب بالبرلمان مع تقوية سبل عملها ومراقبتها للشأن السياسي. إن عمل الكيانات الدستورية المختصة بالمراقبة والحكامة الجيدة كما هو الحال مع المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المنافسة أو الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، يجب أن يصبح أكثر فعالية من خلال تعزيز اختصاصاتها القانونية واستقلاليتها المالية والمعنوية وسلطتها على المعاقبة وجودة إدارتها.
هذا من جهة.
من جهة ثانية، معركةُ حزب الاستقلال يجب أن تكون ذات طابع مجتمعي أيضا. يجب أن نضع حدا لهذه الصورة التي تصب الماء في طاحونة خصومنا. صورةُ الحزب التقليدي صاحب الخطاب الماضوي، صورةُ الحزب المحافظ المستند إلى قراءات للتعاليم الدينية والسلوكات البشرية خارج سياقاتها. القانون الجنائي أصبح متجاوزا ولا يواكب واقع المجتمع المغربي في هذا القرن. علينا أن نستأصل من القوانين القمعية كل ما يمت بصلة إلى البعد السلوكي الفردي الذي من المفروض ألا يخرج عن نطاق المساءلة من قِبل ضمير كل فرد، بعيدا عن الأحكام الرعناء وخارج كل تطاول تمارسه شرطة الأخلاق. يتعين أن يفرق النص القانوني عندنا بوضوح بين الفعلغير القانوني الذي على القضاء زجره اعتمادا على القانون وبين الفعل المفتقدِ لحسن الخُلق والذي يجب أن يسقط فقط تحت طائلة تأنيب ضمير صاحبه، دون خوف من تبعات العقاب العمومي.
يجب منع زواج القاصرات. فليس هناك مبررٌ ولا ذريعةٌ ولا فقهٌ– ولو أُلبسَ لبوس الدين – بوسعه تقديم المبررات للدَّوس على الصحة الجسدية وعلى حظوظ التفتق المعنوي وآفاق المستقبل التعليمي لبعض أطفالنا الذين يشكلون الفئة الأكثر هشاشة في ظل شروط سوسيو-اقتصادية صعبة. علينا التأسيس لحق المرأة في الإجهاض وحقها في تقرير مصيرها بكل حرية، مما قد يسهم في وضع حد لمعاناة الآلاف من الأمهات العازبات في مقتبل العمر، ولتعرضهن للإذلال بتهمة تلويث شرف الأسرة مما يجعلهن يلجأن إلى متاهات الإجهاض السري الذي يتم في ظروف طبية وصحية مزرية من شأنها أن تؤدي بهن إلى الموت المحتوم. كما أن رفع العقوبات الجنائية عن العلاقات الرضائية الحرة بين الأفراد الراشدين تفرض نفسها بحدة، تماما كما هو الحال مع حرية الضمير والمعتقد والتي يجب تكريسها وترجمتها على أرض الواقع في المعيش اليومي للمغاربة في بلد يحتضن منذ أمد بعيد مكونا يهوديا ومكونا آخرا حديث العهد، ولكنه يتنامى بشكل مطرد، وهو المكون المسيحي. ثم هناك الحق في الميراث والذي يستوجب إصلاحا يفترض فيه أن يسمح لشخص توفته المنية، في إطار مقاربة طوعية موثقة، بالاختيار بين تطبيق القواعد المنصوص عليها في القرآن الكريم كما أنزلت وبين اعتماد نظام مرجعي يساوي بشكل تام بين الورثة دون أي اعتبار لنوع الجنس (ذكرا كان أم أنثى).

ومن جهة ثالثة وأخيرة، على معركة حزب الاستقلال أن تكون اقتصادية واجتماعية، فنموذجنا الاقتصادي يلفظ أنفاسه الأخيرة. لقد أصابه الشلل التام فهو لا ينتج إلا ثروات محدودة في إطار فشل الدولة الذريع في إعادة توزيعها. وكل سنة هناك فئات من المجتمع المغربي بأكملها تُساق إلى حافة هاوية مرعبة. والفوارق بين المواطنين في الدخل والثروة لا تتوقف عن التزايد سنة بعد أخرى مما يسمح لبعض المحظوظين القلائل بالدخول إلى دائرة أغنى أغنياء العالم. وفي نفس الوقت، ويا لها ممن مفارقة – فإن التملص والتهرب الضريبيين وتهريب رؤوس الأموال إلى الخارج بلغت مستويات غير مسبوقة في تاريخ المغرب. سيكون علينا إعادة وضع النموذج الاقتصادي من أجل رفع التحديات الراهنة والمستقبلية. ولكي نصل إلى هذا الهدف سيكون علينا أن نعيد المقاولة الخاصةوالمقاولات الصغرى والمتوسطة إلى مكانها المستحق، أي في صميم عملية خلق الثروات المادية. من واجبنا أن نمنح المزيد من التناغم والتكامل لاستراتيجياتنا القطاعية ولجعل النظام الترابي المتجانس قادرا على إنتاج أكبر قدر من التأثيرات الإيجابية لصالح الفاعلين الاقتصاديين بمختلف المناطق. سيكون علينا أن ننشئ مؤسسة بنكية عمومية للاستثمار والتي ستكون ضرورية لتمويل كل مشاريعنا ومقاولاتنا ولدعم الإستراتيجية الصناعية للدولة، كما أننا ملزمون بضرورة التحكم في السوق المالي وتطوير عمل القطاع البنكي وإصلاح سلطات الوصاية وعصرنة سياستنا النقدية. نحن مطالبون بضمان تمويل جيد للاقتصاد وضمان الشروط الخاصة بتوجيه أكثر فعالية للادخار باتجاه الاستثمار. علينا الاشتغال على تخفيض تضخم عجز الميزانية والدين العمومي، وعلى وجه الخصوص، العمل على تحقيق مدخرات في ميزانية التكاليف التشغيلية للدولة وللجماعات المحلية. كما يتوجب علينا تحسين أداء المقاولات والمؤسسات العمومية وقيادة مسيرة الإصلاح الضريبي الكفيل بتوسيع الوعاء الضريبيوبإجراء تخفيض حاد للمصاريف الضريبية وبضمان العدالة الضريبية عموديا وأفقيا، وباحترام حقوق دافعي الضرائب وبمحاربة التملص والتهرب الضريبيين بشكل أكثر فعالية. من واجبنا وبكل شجاعة وعزم أن نخوض معركة النمو، والتشغيل والعدالة الاجتماعية.وأخيرا وليس آخرا، علينا تقوية دبلوماسيتنا الاقتصادية بهدف إعادة التوازن إلى ميزانياتنا التجارية البينية وإصلاح هفوات اتفاقيات التبادل الحر وإعادة توجيه سياستنا الخارجية وكذا الاستثمار المغربي المباشر في الخارج وصادراتنا وعلى رأس أولوياتها تلك التي تكون وجهتها دول أفريقيا جنوب الصحراء.

الأخ حميد شباط، الإخوة نزار البركة/حمدي ولد الرشيد.
أكتب لكم هذه السطور بكل شفافية وجرأة وعزم، لأن هاته الصفات في السياسة شرط محوري للبحث عن الحقيقة والقدرة على قولها بصوت قوي وعالٍ، لتقبل المصاعب ومواجهتها وجها لوجه بنظرة هادئة، ولرفض الخضوع لقانون الصمت أو لصدى التصفيقات الحماسية أو لصراخ المتعصبين.أوقفوا نزاعاتكم المبنية على البحث عن المناصب والمصالح واسترجعوا رُشدكمْ. أوقفوا مهزلة المؤتمر واسمحوا للمنخرطين في الحزب كي يسترجعوا الهدوء والكرامة. غير أننيأعترف بكل صراحة أن النزاهة الفكرية -أكثر من احترامي لذكائكم السياسي – تلزمني بالتأكيد على أن هذه الرسالة ليست موجهة لكم بالخصوصلأنكم لستم في جوهر اهتماماتي. بل هي تخص الاستقلاليين الحقيقيين الذين أتوجهإليهمكيأتقدم أمامهم برسالة صريحةللمرة الثانية خلال بضعة أيام.

لدي اعتقاد راسخ وهو ألاَّ شيءَمقرر سلفا في الحياة.ولو كانت هذه الحتمية فاعلة حقا لَاعتبرت أن مصير حزب الاستقلال محسومأصلا.وفقط ما سيقرره المناضلونهو ما سوف يكون. وكتابة تاريخ الحزب أمر بين أيديهم. الكثيرون من بينهم يناضلون بكل إخلاص من أجل حزبهم ومن خلاله من أجل الوطن. ولكن منطق الأجهزة الحزبية يصيب بالشلل كل محاولة للسير إلى الأمام والابتكار والإصلاح. لقد عاينت من الداخل قانوننا الداخلي الذي يمنع تشكل التوجهات المبنية على الأفكار والاختيارات تحت ذريعة وهمية مفادها أن ذلك يضعف الأجهزة الحزبية ويشوش على ما تمت مراكمته. واليوم يفرض الواجب الأخلاقي على المناضلينأن يتحرروا من ذلكوأن يتخذوا قرارهم بكل استقلالية وأن يتبنوا خيارهم دون الخضوع لأي تأثير كيفما كان ولأي ضغط أو انتماء فئوي، بل استجابة للواجب الذي يمليه عليهم ضميرهم وحده.
أنتم أيها الإخوة والأخوات في حزب الاستقلال أنتم الصادقون في نضالكم، لقد أخبرتكم بكل صدق عددا من الأشياء التي أحملها بداخل وجداني. وقد اقترحت عليكم التوجهات الرئيسة لمشروعتجديد حزب الاستقلال. أقترح عليكم أن نضع جميعا شباب بلدنا في مركز هذا المشروع وأن نعطي أولوية قصوى لولوجهم إلى التعليم والصحةوالسكن والشغل والرياضة والثقافة. إن مسؤولية الأمين العام كبيرة جدا فيما يخص تنفيذ هذا المشروع، فهو ليس مجرد مكلف بتسيير منظمة، بل إنه يحمل أيضا قيم عائلته السياسية واستمرارية تاريخها وقوة مشروعها. إن الخيار السياسي المعروض عليكم اليوم ليس حقيقة خيارا.خذوازمام الأمر وجددوا حزبكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.