يعد ولوج العنصر النسوي إلى كوكبة الدراجين الشرطيين في قطاع الأمن الوطني بالمغرب، تكريسا لمقاربة النوع في مجال الخدمات الأمنية، التي اعتمدتها المديرية العامة للأمن الوطني في إستراتيجيتها العملية الهادفة أساسا إلى تعزيز الإحساس بالأمن لدى عموم المواطنين. والواقع أن اقتحام المرأة المغربية صنف شرطة الدارجات النارية، الذي كان حكرا إلى وقت قريب على الرجال، يعكس الإرادة القوية للجهة الوصية على القطاع على إضفاء قيمة مضافة على نشاطها من خلال إدماج المرأة في الجهد المشترك لحماية الأفراد والممتلكات؛ وهو ما تمت معاينته من خلال فعاليات الأبواب المفتوحة للإدارة العامة للأمن الوطني التي نظمت في مدينة الدارالبيضاء، تحت شعار "الأمن الوطني التزام ووفاء"، حيث استعرضت الشرطيات الدراجيات خلال حفل الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة مهاراتهن في امتطاء الدراجات الضخمة وحسن التحكم فيها. وعلى هامش هذه الفعاليات، أوضحت علية النجيم، الشرطية ضمن فرقة الدراجين، أنه على مستوى المديرية للأمن الوطني تم تكوين أول فرقة للدراجين سنة 1958، وتم إدراج العنصر النسوي سنة 2013، مضيفة أنه إلى غاية السنة الجارية بلغ عدد الشرطيات الدارجيات على المستوى الوطني 49 شرطية يزاولن مهامهن في أكبر المراكز الحضرية بالمملكة، من قبيل الدارالبيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأكادير وفاس . وأضافت المتحدثة أن الشرطيات الدراجيات، اللواتي خضعن بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة للتكوين والتكوين المستمر الأكاديمي، يضطلعن بمهام الحفاظ على السلامة الطرقية وتنظيم عملية السير والجولان؛ وذلك تفاديا لوقوع حوادث السير، وجزر المخالفين من أجل حماية المواطن وممتلكاته، ومرافقة المواكب الرسمية. وأبرزت النجيم في هذا الصدد الأهمية التي تكتسيها وظائف الشرطيات الدارجيات، خاصة عندما يتعلق الأمر بحادثة سير من ضمن ضحاياها إحدى النساء، موضحة أنه "حفاظا على الحرمة الجسدية للمرأة يكون تدخل العناصر النسوية في شرطة الدراجات مستحبا"، وأكدت أن اختبار الشرطيات ولوج صنف الدراجات النارية كاختصاص أمني لم يكن عفويا أو لتغطية فراغ ما، بل صدر عن إرادة صادقة واقتناع تام وشغف كبير من لدن العناصر النسوية اللائي يمتلكن مؤهلات تقنية أولية تساعدهن على رفع هذا التحدي بقوة ورباطة جأش. والملاحظ أن حضور الشرطيات الدارجيات وتواجدهن الدائم في النقاط المروية الصاخبة الواقعة في مختلف الأقطاب الحضرية حظي بترحيب كبير من قبل المواطنين، وأضحى مشهدا معتادا، إذ تزاول الشرطيات الدارجيات مهامهن اليومية الاعتيادية بكل أريحية ومهنية، واضعات نصب أعينهن الرقي بالخدمات المقدمة للمواطنين عموما والسائقين على وجه الخصوص . وإلى جانب الشرطيات الدارجيات، تجدر الإشارة إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني أحدثت أيضا فرقة الصقور النسوية، التي تخرج أول فوج منها، مكون من 21 شرطية دراجية، سنة 2014، أسند إليهن في مرحلة أولى مهام حفظ النظام والأمن بالمدن الكبرى. وتتجلى أهمية فرقة الصقور في تواجدها بالأماكن التي لا تستطيع سيارات الشرطة ولوجها، كالأزقة، بالإضافة إلى قربها الكبير والمستمر من المواطنين، ما يسمح لها بالتدخل في الأوقات الحرجة وتتبع المجرمين ومكافحة كافة أنواع الجريمة بشتى تجلياتها، بالإضافة إلى دورها في تنظيم حركة المرور بالشارع العام وكذا مرافقة المواكب الرسمية. ويأتي إقبال المرأة الشرطية على اقتحام اختصاص أمني كان حكرا على الرجال ليعكس بشكل صريح انخراط العنصر النسوي في المهام النبيلة لشرطة القرب المتمثلة في حماية الأشخاص والممتلكات وحماية النظام العام؛ وذلك في إطار من التضحية ونكران الذات اللذين اتسم بهما أداء رجال ونساء الأمن الوطني طيلة 61 سنة خلت.