في سنة 2011، استبشرت المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق النساء في المغرب خيرا بما جاء به الدستور المعدّل في السنة نفسها بشأن النهوض بوضعية النساء في المملكة، إذْ نصّت الوثيقة الدستورية للمملكة في الفصل ال19 على أنّ الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية... وكانت آمال المنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق النساء في المغرب معلّقة على ما ورد في الفصل ال19 من دستور 2011، لإنصاف النساء المغربيات، وتحقيق مبدأ المساواة بينهن وبين الرجال، كما ورد في الفقرة الثانية من هذا الفصل، التي نصت على "تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز". طيلة الولاية الحكومية السابقة، وُجّهت انتقادات لاذعة إلى الحكومة، من لدن المنظمات المدافعة عن حقوق النساء، متهمة إيّاها بالتلكّؤ عن تفعيل مقتضيات الدستور، في الشق المتعلق بالنهوض بحقوق المرأة. وجاء التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الصادر أوّل أمس، ليعزز موقف المنظمات النسائية، إذ اعتبَر التقرير أنّ وضعية النساء في المغرب "لم تعرف تحسُّنا ملحوظا". فوزية العسولي، الرئيسة السابقة لفدرالية الرابطة الديمقراطية لنساء المغرب، عَزتْ سبب عدم تحسّن وضعية النساء في المغرب بالشكل الذي كان منشودا إلى غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة السابقة، وتحديدا إلى حزب العدالة والتنمية الذي قادها ويقود الحكومة الحالية، معتبرة أنّه "ليست لديه قناعة للنهوض بحقوق النساء"؛ وهو ما ثبّط تفعيل ماء جاء به الدستور، الذي كرّس تعزيز حقوق النساء، على حدّ تعبيرها. وذهبت العسولي إلى القول إنّ مسارَ تطوير وضعية حقوق النساء في المغرب "لو يتوقّف فحسب، بعد الآمال التي كانت معقودة على مضمون الوثيقة الدستورية، بل رجعنا، للأسف، سنوات إلى الوراء"، مشيرة إلى استمرار تفشي العنف ضدّ النساء، وبروز حالات الاغتصاب التي كانت تُمارس في السرّ إلى العلن، مضيفة "كل السلوكات المتخلفة التي كانت تُمارس خفية أضحتْ تُمارس أمام الملأ، بل استفحلت وتيرة ممارستها". في هذا الإطار، أشار تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أنَّ حالات العنف ضدّ النساء ارتفعت، خلال سنة 2016، بنسبة 13،8 في المائة. كما سجّل نشاط النساء تراجعا جعل المغرب يحتل المرتبة ال137 من أصل 144 بلدا، على الرغم من تنفيذ الخطة الحكومية للمساواة 2012-2016. التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعَم الانتقادات التي ظلت المنظمات المدافعة عن حقوق النساء توجهها إلى الحكومة، إذ اعتبر أن مشروع القانون رقم 79.14 المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز المصادق عليه في مجلس النواب شهر ماي سنة 2016 "يبقى دون مستوى التطلعات والانتظارات في مجال المساواة بين الجنسين"، وكذلك الشأن بالنسبة إلى مشروع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضدّ النساء، المصادق عليهما في مجلس النواب في يوليوز 2016. فوزية العسولي اعتبرت أنّ حمولة ومضمون جميع مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة السابقة "لا تستجيب لمتطلبات وتطلعات الحركة النسائية، ولا تحمل بوادرَ تطوير وتحديث المجتمع"، ذاهبة إلى القول إنّ مشاريع القوانين هذه "أثرت، سلبيا، على صورة المغرب، وخلّفت حالة من اليأس والإحباط عند فئات واسعة من المجتمع المغربي وليس عند الحركة النسائية فحسب". الناشطة الحقوقية ذاتها حمّلت مسؤولية تلكّؤ الحكومة عن تفعيل مقتضيات الدستور المتعلقة بالنهوض بوضعية النساء، لباقي مكوّنات الحكومة، قائلة "لا يُعقل أن يصوّت حزب ضدّ مشروع قانون محاربة العنف ضدّ النساء، عندما كان في المعارضة، وعندما التحق بالحكومة أضحى يؤيّده، كما هو الحال بالنسبة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وأردفت المتحدثة أن "ازداوجية مواقف الأحزاب السياسية تنمّ عن عبثية، وعدم احترام المؤسسات. وهذا يدلّ على أنّ هذه الأحزاب لا يهمها الدفاع عن قيَم الحداثة، كما تدّعي؛ بل هدفها هو الحصول على المناصب في الحكومة، وهذا هو منتهى العبث السياسي".