يضطر الكثير منا إلى تغير برنامجه اليومي أو على الأقل إعادة ترتيب فقراته بما يستوجبه شهر رمضان المبارك، فالشهر الفضيل يفرض على الصائمين إدخال تعديلات على حياتهم اليومية، وتختلف هذه التعديلات من شخص لآخر. فكيف يا ترى يعيش السياسيون والإعلاميون والفنانون والرياضيون ومشاهير المجتمع يومهم في رمضان؟ ذلك ما تحاول "هسبريس" تقريبكم منه من خلال دردشة يجريها الموقع في كل حلقة طيلة شهر رمضان الأبرك مع أحد الوجوه المعروفة سياسيا أو إعلاميا أو فنيا. الحلقة الثامنة مع: محمد أعماري: إعلامي مغربي بشبكة الجزيرة كيف هو رمضان عندكم في قطر؟ لا شك أن لشهر رمضان نكهة خاصة في المغرب بين الأهل والأحباب والأصدقاء، ولا شك أن الإنسان لا يمكن أن ينسى تلك اللحظات التي أمضاها سواء في طفولته أو شبابه بين حارات المغرب وفي أزقته التي لا تنام إلا بعد السحور، خصوصا في تلك الأيام الخوالي في الثمانينيات التي كان رمضان يأتينا فيها بثوبه الصيفي في شهر غشت مثلما هو الحال هذه الأيام. لكن لرمضان أيضا نكهة أخرى في بلاد الغربة، صحيح أنها ليست كنكهة الصيام في بلد ولدنا فيه ورضعنا من سرائه وضرائه، غير أنها نكهة لها هي أيضا لذتها وميزاتها التي لا يمكن أن تجدها وأنت في بلدك وبين أحبابك. نحن هنا في قطر نمضي الشهر الفضيل على أحسن ما يكون والحمد لله، خصوصا وأن غربتنا عن بلدنا الأصلي ليست كغربة إخواننا في البلاد الغربية، فنحن وإن اغتربنا عن الأرض والأهل، فالحمد لله نقطن في بلد مسلم تتباهى فيه مآذن المساجد في كل حي وناحية وهي مفتوحة ليل نهار، وفيها قراء يحبرون لنا القرآن تحبيرا، وتجد فيها مجالس العلم ومراكز تحفيظ القرآن الكريم للصغار وللكبار وللنساء وللرجال، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ماذا عن برنامجك اليومي في رمضان؟ بالنسبة ليومي في رمضان عادة ما أستيقظ في الساعة الثالثة صباحا وأتناول السحور ثم أذهب للمسجد لصلاة الصبح، وبعدها أعود للنوم وساعة الاستيقاظ بعد صلاة الصبح غالبا ما يحددها جدول عملي لليوم نفسه أو اليوم الذي قبله، فنحن في شبكة الجزيرة نعمل بنظام المناوبة في أوقات العمل من أجل ضمان التغطية الإخبارية على مدار الساعة، لذلك فمن الممكن أن يشتغل الصحفي منا صباحا في بعض الأيام وبعد العصر إلى منتصف الليل في أيام أخرى ومن منتصف الليل إلى الثامنة صباحا في أيام أخرى، وهكذا. فإن كان عملي في الصباح أستيقظ في الساعة السابعة للذهاب إلى العمل وأعود بعد العصر للاستمتاع بالإفطار مع الأسرة المكونة من زوجة وثلاثة أبناء، وبعد الفطور أذهب لصلاة التراويح وأعود منها حوالي العاشرة مساء أتابع بعدها آخر وجبة إخبارية قبل النوم. وإذا كان العمل بعد العصر؟ إن كان العمل بعد العصر فإن ذلك يعطيني فرصة للنوم إلى حوالي الساعة العاشرة صباحا، وبعدها أنظر إن كان هناك من حوائج ينبغي قضاؤها للأسرة، وإن لم يكن آخذ بعض الوقت للعب مع الأطفال، وأقرأ قليلا ثم أذهب إلى العمل، وهناك توفر لنا شبكة الجزيرة وجبة الإفطار مع الزملاء في جو أشبه ما يكون بجو العائلة، رغم اختلاف الجنسيات والثقافات إلا أننا والحمد لله أسرة واحدة، وتجمع بيننا أواصر قوية قوامها التقدير والاحترام والاهتمام بأمور بعضنا بعضا. وهذا مما يزيد الصيام في الغربة نكهة، فأنت تصوم وتفطر وتصلي إلى جانب الجزائري والتونسي والليبي والموريتاني والمصري والسوري والعراقي والأردني والفلسطيني والخليجي والهندي والبنغالي والفلبيني وكل أجناس خلق الله تعالى، فتزداد معهم ثقافتك ومداركك اتساعا وتكتشف آيات الله في اختلاف الألوان والألسن وترى حكما أخرى وآيات من الله تعالى ما كنت لتراها لولا الغربة. وأما إذا كان العمل ليلا؟ إذا كان العمل ليلا فغالبا ما ينقلب الأمر رأسا على عقب، وأعيش عكس التيار، وأعيش قوله تعالى "وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا" بطريقة أخرى، فيصبح معظم نهاري "لباسا"، حيث أنام لأعوض سهر الليل، أما ليلي فيتحول إلى "معاش" وأمضيه في غرفة الأخبار وسط سكون الليل. ما موقع الرياضة في برنامجك؟ رمضان يكون أيضا فرصة لتحريك العضلات الخاملة طوال السنة بممارسة ولو القليل من الرياضة، وقد تسجلت هذه السنة للمشاركة في دوريين لكرة القدم، أحدهما تنظمه شبكة الجزيرة للعاملين فيها، والثاني ينظمه مجلس الجالية المغربية في قطر. هل تنظمون كمغاربة في قطر أنشطة خلال رمضان؟ نعم فمجلس الجالية ينظم بعض الأنشطة الرمضانية التي نحضرها معه ونتفاعل معها، ونحن هذه الأيام ننتظر موعد الخيمة الرمضانية الثانية التي ينظمها المجلس بتعاون مع مركز أصدقاء البيئة في قطر، وهي ليلة تسعى للتعريف بتاريخ المغرب وحضارته وثقافته، وهي فرصة لتلاقي المغاربة وصلة الرحم بينهم. ماذا عن القراءة في برنامجك اليومي؟ أحرص على القراءة ما استطعت، وأنا هذه الأيام أقرأ بعض المذكرات السياسية وبعض الروايات، كما أحرص على حضور بعض مجالس القرآن لتذاكره والاطلاع على تفسيره والاقتباس ما استطعنا من نوره. الحلقة المقبلة مع خالد السفياني