وجدت أسر مغربية عديدة نفسها مُضطرّة إلى التخلص من لحم أضاحي العيد كليّا، بعد مُضيّ أربع وعشرين ساعة فقط على ذبحها، بسبب تغيّر لونه إلى الأخضر وانبعاث روائحَ كريهة منه، بالرغم من أنّ بعضا من تلك الأسر من وضع لحم الأضاحي في الثلاجة. عدد من المواطنين المغاربة لجؤوا إلى نشر صور ومقاطعِ فيديو اللحم المتعفن على مواقع التواصل الاجتماعي، بحثا عمّن يدلّهم على أسباب فساد اللحم، والذي صبّت أغلب التكهنات في اتجاه أنْ يكون ناجما عن استعمال موادَّ مغشوشة في علف الأضاحي من لدن مرّبي الماشية قبل بيْعها للمستهلكين. أسرة سعيد، من مدينة المحمدية، واحدة من الأسَر المغربية التي حُرمتْ من أكل لحْم أضحية العيد هذه السنة، بسبب فساده. يحكي سعيد لهسبريس أنه حين سمع عن تعفّن لحوم الأضاحي، طلب من زوجته أن تُخرج اللحم من الثلاجة، مساء ثاني أيام العيد، فتفاجأ بتحوُّل لونه إلى لون أخضر، تنبعث منه رائحة كريهة؛ وهو ما دفعه إلى التخلّص منه. وفيما تضاربتْ آراء المواطنين حوْل الأسباب التي أدّت إلى فساد لحْم الأضاحي، قال عبد الغني عزي، رئيس قسم المنتجات الحيوانية بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمُنتجات الغذائية، إنّ السبب الرئيس لفساد لحم الأضاحي يعود إلى غياب الشروط الصحيّة أثناء عملية الذبح، الذي يجب أن يكون بطريقة مهنيّة، وكذا أثناء مرحلة حفْظ اللحوم. وأوضح المتحدث، في تصريح لهسبريس، أنّ حفْظ اللحم يستدعي شروطا معيّنة، نظرا لكونه يفقد المناعة بمجرد عملية الذبح، ومن ثمّ يسهل نفاذ البكتيريا إليه، خاصة أنَّ العيد هذه السنة تزامنَ مع ارتفاع درجة الحرارة في المملكة، ويُردف رئيس قسم المنتجات الحيوانية بONSSA: "إذا رُوعيت الشروط التي ننصح بها المواطنين قبيل عيد الأضحى، فمن المستبعد أن يفسُد لحم الأضحية". وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية قد نشر قائمة بأهمّ النصائح الصحية لذبيحة العيد، بدءا من مرحلة شراء الأضحية والاعتناء بها بعد شرائها والطريقة المثلى لذبحها، وصولا إلى مرحلة تخزين اللحوم. وفي هذا الإطار، قال عزي إنّ من أهمّ الإجراءات التي ينبغي اتخاذها تنشيف لحم الذبيحة من الماء. وليست هذه المرة الأولى التي يحدث فيها فسادُ لحم الأضاحي بالمغرب، إذ حدث أوّل مرة سنة 2014؛ لكن بنسبة ضئيلة، وفي جهات محدودة مثل القنيطرة، وتكرّر في سنة 2015، وظهرتْ حالات مماثلة في تونس، وفي سنة 2016 امتدت الدائرة لتشمل المغرب وتونس والجزائر، حسب إفادة بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بناء على معطيات وفّرها الاتحاد المغاربي لحقوق المستهلك. الخراطي اعتبر أنَّ ردّ فساد لحم أضاحي العيد إلى غياب الشروط الصحية أثناء عملية الذبح وحفظ اللحوم، كما ذهب إلى ذلك عبد الغني عزي، يضع أكثر من علامة استفهام، "وإلا فإنّ اللحوم التي تُباع في الأسواق كلّها ستفسُد، لغياب هذه الشروط"، يقول المتحدث، مضيف:ا "نحن نرجّح أن يكون المشكل في الأعلاف التي تُعطى للخرفان في فترة التسمين". من جهته، لمْ ينْف قسم المنتجات الحيوانية بONSSA احتمال أنْ يكون تحوّل لحم أضحية العيد إلى لون أخضر ناجما عن نوعية العلف الذي كانت تأكله الذبيحة؛ لكنّه أكد أنّ هذا الاحتمال قائم من ناحية واحدة، وهو إذا كانت نسبة بعض المواد الكيماوية المسموح بها في الأعلاف مرتفعة، موضحا أنَّ اكتساء اللحم للون الأخضر مردّه تغيُّر لون الدم بسبب البكتيريا. بوعزة الخراطي ذهب إلى القول إنّ بعض مربّي الماشية يعمدون إلى إدماج نفايات الدجاج ضمْن الأعلاف التي يسمّنون بها الخرفان، وطرح في هذا الإطار فرضية أنَّ أغلب الذبائح التي فسدَ لحمُها، حسب الشكايات التي توصّلت بها الجامعة المغربية لحماية المستهلك لوحدها، والتي بلغت 44 شكاية، جاءت من المناطق التي توجد بها ضيعات تربية الدجاج، مثل طنجةوالقنيطرة والدار البيضاء والجديدة. ولتفادي تكرار حالات فساد لحوم الأضاحي، دعا الخراطي المكتبَ الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية إلى العمل على ترقيم الخرفان، حتّى يتسنّى للمستهلك معرفة صاحبها، وإلزام مربّي الماشية بضرورة الحصول على ترخيص التسمين من المكتب، بهدف إخضاعهم للمراقبة، وتسليم الزبون وصْلا بعد عملية البيع، يتضمن معلومات حول البائع. كما دعا رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك إلى وضع نظام لتتبُّع مصير نفايات وحدات إنتاج الدجاج، كما هو معمول به في الدول الأوروبية، منْعا لاستعمالها في أعلاف تسمين الخرفان.