لا حديث في الساحة السياسية الفرنسية هذه الأيام إلا عما بات يعرف بشجار شارع بروكا في المقاطعة الخامسة في باريس، الذي جرى بين البرلماني الفرنسي من أصل مغربي مجيد الكراب، المنتمي إلى حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، والفرنسي بوريس فور، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي. الحادث وقع الأربعاء الماضي، واتُهم الكراب إثره ب"العنف الطوعي باستعمال سلاح"، إذ وجه المغربي، الذي حاز مقعداً برلمانياً عن دائرة فرنسيي الخارج، ضربات لخصمه باستعمال خوذة دراجة نارية، ووضع إثر ذلك تحت إجراءات الحراسة النظرية منذ أمس السبت، بعدما نقل "الضحية" إلى المستشفى. وتكلف المحامي الفرنسي المعروف إيريك ديبون موريتي بالدفاع عن الكراب، وهو الذي سبق له أن دافع عن الملك محمد السادس في قضية ابتزازه من طرف صحافيين فرنسيين، كما يوجد أيضاً ضمن هيئة دفاع الفنان سعد المجرد، المتواجد في فرنسا، والمتابع في قضية اغتصاب. وقال المحامي إيريك، في مقابلة صحافية مع تلفزيون BFM، إن الضربات التي ألحقها الكراب ببوريس كانت "فعلاً غير متعمدة ولا إرادية" للإفلات من قبضة بوريس، وأضاف: "الأمور تطورت في ثوان..هذا كل ما في الأمر، وسنعمل على شرح ما وقع بوضوح". وأضاف المحامي أن موكله متأسف على ما قام به، لكنه أشار إلى أن ردة فعله جاءت رداً على اعتداء وإهانات عنصرية. وكان الكراب، البالغ من العمر 34 عاماً، أقر في تصريح سابق لوكالة فرانس برس بتعنيفه للفرنسي، مشيراً إلى أن ذلك "جاء رداً على شتائم عنصرية وتهديد جسدي تعرض له". وأضاف الكراب في التصريح نفسه: "أعتذر عن العنف الذي تسببت فيه، وأدين جميع أشكال العنف..هذا الرد لم يكن مناسباً، لكني تعرضت للاستفزاز". وأشار البرلماني مجيد الكراب إلى أنه دافع عن نفسه بعدما أمسك بوريس فوس بمعصمه، والشيء الوحيد الذي كان في يده الأخرى هي الخوذة. وكان مْجيد الكراب يعتزم تقديم شكوى إثر الاعتداء الذي تعرض له. وأشار بعض من الذين عاينوا الحادث أن بوريس صاح في وجه الكراب ب"عربي قذر" "sale arabe". ويعود النزاع بين الطرفين إلى عام 2016، حين غادر المغربي مجيد الكراب الحزب الاشتراكي من أجل الالتحاق بحركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفي ماي 2017 نشر بوريس على مدونته على موقع "ميديابارت" مقالاً وصفه فيه مجيد الكراب بالانتهازي. وأدان الحزب الاشتراكي الفرنسي الاعتداء الذي طال بوريس، وقال في بيان له إن هذا العنف غير مبرر؛ في حين لم يدعم حزب الجمهورية إلى الأمام البرلماني مجيد الكراب، وأدان العنف الذي تعرض له بوريس رغم عدم تحديد ظروف هذا الحادث بعد، وقال إنه لا يمكن تبرير أي سلوك عنيف. وحكى الكراب، في "تدوينة" على صفحته "فيسبوك"، تفاصيل الحادثة، وأشار إلى أنه تعرض لاعتداء عنيف من قبل بوريس حين كان جالساً في مقهى، ليفاجأ به متوجهاً له مباشرة وهاجمه لفظياً وجسدياً، وصل حد إمساكه بمعصمه، ما جعله يقوم بردة الفعل العنيف لتجنب كسر يديه. وزاد الكراب: "تعرضت لاعتداء بدني، ولذلك دافعت عن نفسي، وذهبت للطبيب وأعطاني شهادة عجز لستة أيام، وأنا في حالة صدمة لأن هذا الوضع استمر لعام تقريباً". وأضاف الكراب أنه يعرف بوريس منذ سنوات حين كان عضواً في الحزب الاشتراكي، وعملا لفترة طويلة معا، واحتفظا بعلاقات ودية وأخوية، لكنها انتهت نهاية سنة 2016 بعد أن اختار المغربي الالتحاق بحركة ماكرون. وأشار الكراب إلى أنه منذ تلك الفترة تعرض لمضايقات مستمرة من طرف بوريس، عبر وسائل الإعلام المتعددة، باتهامه بخيانة حزبه السابق، وقال إنه يحتفظ بكل الأدلة على ذلك، بما فيها تهديده بالقتل، من أجل تقديمها للعدالة في الشكاية التي يعتزم تقديمها ضده أمام القضاء.