كل العالم يقف ضدنا نحن معشر العرب ... كلُّ العجم ،يهودا ونصارى وبوذيين وسيخا ومن كل الأعراق والأجناس والألوان والمذاهب والملل، يتآمرون ضد أمة العرب.عاربة ومستعربة.بشرقها وغربها.بسنتها وشيعتها.منذ ظهورها على مسرح التاريخ وإلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا. توقفت الكرة الأرضية عن الدوران ، وخرجت كل الكواكب عن مساراتها ،كي يحدث ذلك الانقلاب التآمري الرهيب ضد "خير أمة" كرمها الله باللسان العربي،والنفط العربي،والكرم العربي .... والاستبداد العربي. العالم المتآمر ضد قضايانا، المتاجر بثرواتنا ، والمقامر بأحلامنا ... ينسى كل قضاياه ويغفل عن صراعاته، ويوقف استراتيجياته، فقط كي ينكَبَّ على التآمر ضدنا ،يحصي أنفاسنا ،ويترقب نوايانا، ويعد قبلاتنا ،ويصدنا عن قبلتنا. مجلس الأمن يقصفنا بقراراته ظلما وعدوانا.الأممالمتحدة أجندتها ضد مصالحنا.واليونسكو،رأت النور لوأد طفولتنا البريئة في مهدها.ومفهوم الجندر ،أبدعه دعاة البهيمية ،لإفساد نسائنا. كل مشروع صناعي، نفكر فيه مجرد تفكير ،ينسفونه بداية... وكل بحث علمي يفسدونه ... بل من تآمرهم يقلبون حقيقة الأرقام ودلالات المعادلات الرياضية،وتسلسل المنطق الديكارتي ... فتخرج بحوثنا مشوهة،ودراساتنا لا تستقيم مع مناهج العلوم الحديثة.أفمن كان قادرا على إفساد منطق العلوم الحقة،ألا يقدر بعد ذلك على إفساد علومنا الأخرى وفنوننا وصناعاتنا ،والعبث بأعراضنا وأخلاقنا،وتعريض صحتنا للتهلكة وأرواحنا للخطر ؟ تآمروا علينا بداية ، أقصد آباءَ هؤلاء الأشرار ، قوضوا الخلافة وأشعلوا الحروب بين المؤمنين ... قسموهم شيعة وسنة ،موالين وخوارج،ولم يكتفوا بذلك بل واصلوا تجزيء المجزإ ،وتشتيت المشتت.ولن يتوقفا عن عبثهم بنا،حتى يصبح كل واحد منا أمة.له مذهبه وطقوسه واستقلاله الذاتي. تآمروا على نسائنا وبناتنا،فأصبحن بعد التستر متهتكات،وبعد الخلق الفاضل فاسقات،وبعد التحجب عاريات ،وبعد الحياء والحشمة والوقار فاتنات . تآمروا على شبابنا في أخلاقه ومعارفه وطريقة لبسه وموضة حلاقته وكل اهتماماته.. تآمروا على رؤسائنا الزاهدين في كرسي الحكم ،والمحبين لشعوبهم، والمتخمين بحب الحرية والديمقراطية وتداول الحكم ،فجعلوهم بعد الزهد أصحاب حسابات علنية وسرية وأخرى "تآمرية" لا يعلمها إلا الله والراسخون في الحساب بعاصمة سويسرا.كما سقوهم خمرة تذهب بالوعي ،لكنها تجعل حب الكرسي فوق كل اعتبار.فكان أن أوقعوا بينهم وبين شعوبهم.وجعلوا الاستبداد من طباعهم،والتسلط يجري في دمهم.فهل بعد هذه المؤامرة مؤامرة أخطر وأكبر ؟. فأما عبد الناصر فقد سمموه ، وأما صدام فقد شنقوه ، والأسد دجَّنوه ،والبشير حاصروه ، والقدافي وأدوا ثورته التي لم تكتمل ،وجعلوا كتابه الأخضر مجرد أسطورة. حتى ثوراتنا ،وهي أجمل ما أبدعه العرب إلى اليوم من ملاحم في مواجهة الاستبداد والطغيان،لا يتورعون عن إدخالها في مسار المؤامرة الطويل.والغريب أن يكون شخص واحد وراء كل هذه الثورات وملايين الثائرين.يحركهم بإشارة واحدة من إصبعه،كما يفعل المهرج بدُماه وأراجوزاته . ************************** نقول لأصحاب نظرية المؤامرة،أولئك الذين يردون كل انكساراتنا وخيباتنا وهزائمنا وأسباب ضعفنا ،إلى مؤامرة ،نسجها بليل أعداء الأمة،وواصلوا تآمرهم علينا: وهل وُجدت الدول والأمم إلا لكي يكيد بعضها لبعض؟ أوليس دأب الدول والأنظمة السياسية التآمر على بعضها لتحقيق المكاسب السياسية والاقتصادية؟ أخشى أن أتهم بالتبسيط أو السفسطة إذا تساءلت ببراءة أو بمؤامرة،هما عندي سيان، لا يهم: أوَ لاَ يتآمر الأطفال الصغار،بمنتهى براءتهم على زملائهم فيوقعونهم في مقالب كي يضحكوا عليهم ؟ أما سمعتم بمؤامرة أخرى طبيعية ، بطلها طائر الوقواق ؟ ( وَصْفِي لها بالطبيعية ليس دفاعا عن بطلها ،بل أعني أنها تجري في الطبيعة من حولنا ،أحيلكم على هذا الرابط لمتابعة حلقة واحدة من فيلم كامل حول هذا الطائر وغريزته التآمرية الانتهازية : أو اكتبوا كلمة :طائر الوقواق على محرك البحث google كي تقفوا على كَمِّ وحَجْم وفظاعة المؤامرات بأنفسكم) نعم إنها مؤامرة طائر الوقواق،نموذج الانتهازية والاستعمار،الذي يتآمر على طيور أخرى فيلقي بيضه داخل عش ضحاياه،وما إن يخرجُ صغيرُه من بيضته حتى يتآمر على كل البيض من حوله،بيضة بيضة،فالعش لا يسعه إلا هو .وهكذا بدل أن تربي أنثى الطير الضحيةُ صغارها تربي صغاره هو.وتكدح لتطعمهم وهي لا تدري أنهم لا يشبهونها،لا ريشا ولا حجما ولا لونا، وليسوا من سلالتها.بل هي ضحية مؤامرة الوقواق اللعين.ألا لعنة الله على كل المتآمرين.والويل والثبور للمتآمر عليهم وهم غافلون. قد تسمونه طائرا طفيليا مسايرة لتصنيفاتكم وسلاسلكم الغذائية.لكن هذا لا يلغي حس المؤامرة أو غريزة التآمر .وكم هو طويل ومتشعب تاريخ المؤامرة ،وكم هي متداخلة سلاسله ،وكثيرة سُلالاته ،ومسلية مسلسلاته. لكن هل هذه السلاسل مكتوب عليها أن تكبلنا نحن معشر العرب بين كل العالمين ؟ بأي منطق ،وتحت أي ذريعة،نستسلم لنظرية المؤامرة كل هذه القرون الطويلة ؟ بأي منطق تطول حلقات هذا المسلسل فقط في مسارحنا وديارنا و أوطاننا نحن ؟ أقول لكم ،بصدق وبحرقة وبمزيج من الأسى والسخرية من الذات : كفانا مؤامرات ... وإسرائيليات ... وسبئيات ( نسبة ل عبدالله بن سبإ أكبر متآمر على الأمة ) ... وأتاتوركيات ( نسبة ل أتاتورك أكبر متآمر معاصر على الخلافة الإسلامية ) ... ووقواقيات أيضا. كفانا من إلقاء اللوم على المستعمرين ... والصهاينة والمتصهينين ... والمستشرقين ... والمستعربين ...والمتأمركين. مطالبون نحنُ اليوم بالوضوح والصراحة والحكم على الأمور والأحداث كما هي لا كما نخال، وكما تجري وفق قوانين وسنن لا تحيد عنها،لا كما نشتهي أن نراها تسير وفق آمال ومتمنيات ،هي بنات خيال وأضغاث أحلام. أو لسنا نحن من قال شاعرنا،وغنى مطربونا : وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا فكيف نطرب ولا نغضب ؟ وكيف نأمل ولا نعمل ؟ وكيف نتألم ولا نتعلم ؟ ************************** إن الأبجديات الأولى في سِفر هذه الحياة تقول صراحة،أن الوجود البشري في كل مكان وفي كل زمان قائم على التدافع والتنافس والتخطيط والتسابق من أجل تحقيق المغانم والمكاسب ،ودرء المغارم والأخطار والمصائب. ليس هذا تجريدا للأمم والدول والتجمعات البشرية من إنسانيتها ، بل يعني أنه إلى جانب التعامل الإنساني والعدل والمسالمة، هناك دائما وأبدا حبكُ المؤامرات والدخول في تحالفات والتستر على مخططات بعينها، لجني أفضل النتائج وأكبر الأرباح.بل لماذا التستر ؟ إن الشيطان،رمز كل الشرور ،والمؤكد أنه هو من يوحي للمتآمرين بمؤامراتهم ،ويعينهم لبلوغ أهدافهم و مراميهم ،نقرأ في القرآن أنه يتمتع بكامل حريته ،من طرف الله سبحانه وتعالى الذي يحب للبشرية الخير والصلاح ،وهو ما نفهمه من الحوار التالي : )قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبمآ أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين( سورة الأعراف،آيات 14،15،16،17 كما تلقى الضوء الأخضر للمضي بعيدا في غيه: (وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا(64). الإسراء. ليس هناك سر إذا،فهي حرب مفتوحة.هذا على مستوى أكبر صراع يخوضه الإنسان في هذه الحياة في انتظار الحياة الأخرى.فلا يُعقل أن يكون العربي المسلم على غير بينة بهذه القوانين.لا يُعقل أن نكون من السذاجة بحيث نعتقد أن تدافعنا أو صراعنا مع الآخر سيكون بتبادل الورود والقبلات والهدايا والكلام الطيب. إن أكبر مؤامرة نتعرض لها جَهارا نهارا،هي تلك التي تخوضها أنظمة التسلط ضد شعوبها،وبدل أن تقاوم هذه الشعوب كانت دائما منخرطة في هذه اللعبة القذرة،تسمع وتطيع،تتلقى وتنفد،تأخذ ولا تناقش.فبصمت هذه الشعوب واستضعافها وتجهيلها ضاعت فلسطين،وبتخاذلنا جميعا خُرِّب العراق،وبمشاركتنا فسدت مناهج التعليم،ومنظومةُ التربية والأخلاق.( قل هو من عند أنفسكم ).الخلل ذاتي إذا ،ومرتبط بنا ثقافة وتفكيراً وبنياتِ شعوريةِ ولا شعورية. إن الآخر ،سمه عدوا أو خصما ،يقتنص الفرصة المناسبة كي يحقق أهدافه وينفذ مخططاته.ولا يفعل ذلك سرا وفق مؤامرة نسجت خيوطها بليل ودبرت تحت الأرض.بل يصرح بأهدافه، وله مراكز دراسات وأبحاث تضع استراتيجياتها على الأمد البعيد،لكننا لا نقرأ ولا نفهم ولا نعتبر. يرحم الله ذلك الكاتب الكبير ،الذي اختار لأحد كتبه عنوانا متميزا في وقته،وهو عنوان ينطبق على أحوالنا إلى اليوم ،حين سماه : "حصوننا مهددة من داخلها" .لقد شخص المرضَ كما يجب أن يشخص،ووضع الإصبع على الجرح،وسمَّى داءنا باسمه الحقيقي،ليس كما يفعل كثير من المدافعين والمنافحين عن أنظمة تقمع شعوبها،وتروع مواطنيها،حرصا على كرسي مهتريء،ونظام متهاو ،وبطانة كلها شر مستطير.وفي نهاية المطاف يردون كل إخفاقاتنا وأسباب عجزنا إلى نظرية المؤامرة. آخر السطر ، إذا أبوا إلا أن يرددوا : المؤامرة ... المؤامرة ... المؤامرة ... قل لهم : حصِّنُوا حصونكم ، واقرؤوا واقعكم كما هو ،لن تفلح المؤامرة. [email protected]