ما إن أعلن عن رؤية هلال شهر ذي الحجة حتى عادت الروح من جديد إلى بعض المهن الموسمية المرتبطة بالأضحية والتي تنتعش خلال الأسبوع الأخير الذي يسبق عيد الأضحى أو "العيد الكبير"، والتي تضرب لنا موعدا كل عام قبيل قدوم هذه المناسبة الدينية العظيمة وترحل برحيلها، ليغتنم العديد من المواطنين خاصة شريحة من الشباب العاطلين منهم الفرصة، ويصنعوا من تجارة الفحم وشحذ السكاكين وبيع معدات "الشواء" مهنة يحاربون بها بطالتهم، آملين في ربح سريع لا يتعدى أسبوع واحد. تعود هذه الأنشطة الموسمية بقوة إلى الواجهة في هذه الأيام التي تسبق العيد، حيث نجدها مسيطرة على أرصفة الطرقات وفي زوايا مختلف الأسواق الشعبية كما هو الشأن للسوقين الأسبوعيين بجماعتي تزارين والنقوب بإقليم زاكورة، بعد أن انخرط فيها الكثير من الشباب والعاطلين وحتى الأطفال في هذه التجارة التي حركتها "أضاحي العيد"، ورسختها العادات والتقاليد الأصيلة التي تصاحب هذه المناسبة الدينية. يحرص عشرات الشباب والأطفال على مزاولة هذه المهن الموسمية المختلفة، من أجل كسب بعض المال الذي يتيح لهم تدبر مصاريفهم الخاصة، ويلبون رغبات المواطنين في الحصول على كل ما يحتاجونه خلال هذه المناسبة الدينية، إذ تختار كل جماعة منهم مجال نشاطها من بيع الفحم ومعدات "الشواء" والسكاكين وحتى التبن والعلف للأكباش، لما يقابله من إقبال لافت للزبائن على مستلزمات العيد، ولا يفوتون الفرصة لاقتناء الجديد منها التي تسهل عليهم النحر والسلخ وتقطيع اللحم، وأضحت من العادات الراسخة لدى الزبناء الذي لا يستشعر بفرحة وبهجة العيد والأجواء المميزة له إلا بشرائها. "الشويات" وآلات شحذ السكاكين تغزو الأسواق مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تزدهر تجارة بيع الأسلحة البيضاء والسكاكين الخاصة بالذبح والسلخ، حيث تكتظ الأسواق بعدد من الطاولات التي تعرض أنواعا مختلفة من السكاكين، والتي أغلبها ذات صنع تقليدي. كما يستغل بعض المواطنين الذين يملكون آلة شحذ السكاكين فرصة العيد، عارضين خدماتهم مقابل أجرة معقولة، وقد انتشرت تجارة الفحم انتشارا لافتا في معظم المحلات، وحتى على الأرصفة. ويفضل الكثير من المواطنين التحضير لأجواء العيد، واقتناء كل المستلزمات المتعلقة بيوم الذبح وحتى الأيام الأخرى التي يحبذون استغلالها للاستمتاع بالشواء. ومن ثمّ، يحرصون، خلال هذه الأيام، على توفير كل ما يتعلق بالشواء ويسهم في تحضير هذه الوجبة المفضلة لدى غالبيتهم؛ فيقومون بشراء "المشواة" التي تعد ضرورية للأمر، كما لا ينسى المواطن النقوبي أو التزاريني اقتناء أكياس الفحم، وهو ما يعلمه التجار جيدا، فعمل الكثيرون منهم على توفيره في الأسواق بكميات مهمة وكبيرة. ويخلق عرضه من قبل بعض التجار بأسعار مرتفعة استياء كبيرا في أوساط المواطنين، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 8 دراهم، وهو ما اعتبره أحد المواطنين الذي التقته جريدة هسبريس الإلكترونية في السوق الأسبوعي تزارين "سرقة" لأموال المواطنين بدون حسيب ولا رقيب، إذ قال إن بعض أشباه التجار يتحينون فرصة حلول عيد الأضحى المبارك للزيادة في الأسعار مهما كانت السلعة المعروضة، مضيفا أنه وعلى الرغم من النوعية الرديئة للفحم الذي يباع في الأسواق، فإن أسعاره مرتفعة جدا. وفي ظل لهفة بعض التجار الذين يركضون وراء الربح السريع، غير آبهين بضعف القدرة الشرائية للفقير، يبقى المواطن البسيط الضحية الوحيدة، حيث يدفع الثمن أضعافا مضاعفة في كل مناسبة. سوق المواشي تطارد العائلات بمنطقتي النقوب وتزارين، كما هو الشأن بمختلف مناطق الجنوب الشرقي، شبح المصاريف وغلاء الأسعار مع اقتراب عيد الأضحى الذي يتزامن هذه السنة مع الدخول المدرسي للتلاميذ، ودخلت في حالة ترقب للأسعار قبيل أسبوع من الاحتفاء بالعيد، لتلجأ الكثير منها إلى شراء الأضحية الصغيرة أو الاقتراض. وفرة العرض في سوق المواشي لم تمنع العائلات من التعبير عن تذمرها من استقرار الأسعار عند مبالغ ليست في متناول الجميع بفعل سيطرة الشناقة على سوق المواشي وفرض أثمنتهم على الزبائن؛ وهي وضعية تدفع الكثير من الأسر إلى طرق أبواب السلف لتوفير أضحية العيد. أحمد عامل بناء بمنطقة تزارين، عبر عن تذمره من سيطرة الشناقة على قيمة الأضاحي وفرض أثمنة مرتفعة على المواطنين، بالرغم من أن الكسابة غالبا ما يصرحون للساكنة عن الأثمنة الحقيقية للأضاحي. سوق المواشي بكل من النقوب وتزارين يعرف حركية غير معهودة ومؤشرات تؤكد قدرة السوق على تلبية طلبيات الأسر؛ وهو ما يوضحه حمو ازمور، أحد الكسابة بالمنطقة، في تصريح للجريدة، الذي طمأن السوق المحلية بقدرة الكسابة على توفير أضاحي العيد بأعداد كافية وبأثمنة تراعي القدرة الشرائية لمختلف الأسر.