لا حديث في الصحافة الجزائرية هذه الأيام إلا عن الطريقة الكركرية، بعدما راج شريط فيديو يتحدث فيه شاب جزائري عن اعتناقه لها، وخروج ثلة من أتباعها في مدينة جزائرية في إطار "السياحة الدينية" التي يقومون بها. والطريقة الكركرية هي إحدى الطرق الصوفية التي يوجد مقرها في مدينة العروي بالمغرب، ويتميز أتباعها بارتداء لباس مزركش والقيام بحركات تثير الاستغراب، وعقد تجمعات، من حين إلى آخر، وتنظيم مسيرات على الأقدام. وتحدثت الصحف الجزائرية على أن هذه الطريقة خلفت "صدمة لدى الجزائريين"، بعد قيام أتباعها بزيارة ضريح يوجد بولاية مستغانمالجزائرية، ما جعل "السكان هناك يستغربون لرجال يحملون العصي ويلبسون أثواباً مزخرفة بمساحات ملونة ومربعة صغيرة الحجم". وقالت صحيفة "الشروق" الجزائرية إن الشاب الجزائري الذي ظهر في فيديو يتحدث عن اعتناقه للطريقة سبق أن قام بزيارة إلى مقر الطريقة الكركرية بمدينة العروي المتواجدة في الريف، وذهبت إلى القول إن "هذه الطريقة الصوفية تهدف إلى اختراق المجتمعات بواسطة الدين". ويتعلق الأمر بشاب يدعى موسى بلغيث، تحدث في فيديو "عن وصف المعجزات التي شاهدها في خلوته تلك، أبرزها الغمامة التي شاهدها فوق جمع المريدين ممن يرتدون الملابس الملونة، فحصل ليلتها على أول سر من أسرار الله". لكن منتصر حمادة، الباحث في الشأن الديني بالمغرب، قلل من أهمية الأمر، قائلا في تصريح لهسبريس: "هناك تضخيم إعلامي وسياسي من طرف الجزائر"، مبرزا أن الكركرية "طريقة صوفية وليست طريقة إسلامية سلفية إخوانية". وأضاف الباحث أن الطرق الصوفية تنأى بنفسها عن "الصراعات والنزاعات بين مختلف المذاهب، ويبقى العمل الصوفي عمل تربوي يتضمن الذكر والوعظ، ويبتعد عن المهرجانات والمواقف السياسية". وقال حمادة: "لو تعلق الأمر بالطريقة التيجانية أو القادرية بين المغرب والجزائر، آنذاك يمكن الحديث عن توتر لأنهما تتمتعان بإشعاع دولي، أما الطريقة الكركرية فهي متواضعة تنظيمياً". وزاد موضحا: "صحيح هناك مشكل في لباس أتباعها وطقوسها، لكن تلك الممارسات تبقى داخلية، فهم لا يخرجون في ندوات أو مواسم، ويبقى موقعها في المشهد الصوفي بالمغرب متواضعا جداً". من جهته، أكد مسؤول في الطريقة الكركرية بالمغرب، في اتصال مع هسبريس، أن النشاط السياحي الديني الذي قام به فرع الطريقة في مدينة جزائرية تم بشكل قانوني وبإذن من السلطات الجزائرية. وأضاف المسؤول أن "الفرع الجزائري للطريقة الكركرية مؤسس وفق القانون الخاص بالزوايا"، نافياً أن يكون أتباع الطريقة يسعون إلى الفتنة أو الاختراق الذي أشارت إليه الصحف الجزائرية. وأكد المسؤول أن "الشرطة الجزائرية حققت مع مقدم فرع الجزائر للطريقة الكركرية، بعد ما أثارته وسائل الإعلام". وعلى موقعها الإلكتروني الرسمي، تعلن الطريقة الكركرية أن لديها أتباعا في المغرب والجزائر وتونس، وتعرّف نفسها بكونها "طريقة تربوية تهدف إلى إيصال العباد إلى تحقيق مقام الإحسان حتى يتمكنوا من الجمع بين العبادة والشهود وبين السلوك والمعرفة". ويشير الموقع إلى أن الطريقة "تمتاز بملازمة السنّة في الأقوال والأفعال والأحوال"، وشيخها يدعى محمد فوزي الكركري، واسمه الكامل أبو عبد الله محمد فوزي الكركري، مزداد سنة 1974 بمدينة تمسمان بالمغرب. وتنتشر الطريقة في المغرب وتونس والجزائر وبعض الدول الإفريقية، وأيضاً في مصر والسودان، وتعتمد مبدأين أساسيين هما "الخلوة والحضرة"، لكنها تواجه رفضاً واستنكاراً كبيرين في المغرب بسبب أفكارها وطريقتها في الذكر وملابسها.