تطلق عليها في وسائل الإعلام عدة أسماء منها: عاصمة السينما المغربية، وهوليود إفريقيا، وعاصمة الطاقات المتجددة؛ غير أن هذه الألقاب والأسماء لم تمكنها أن تتبوأ مكانة التي تستحقها ضمن لائحة المدن المغربية التي تشهد تطورا من حين إلى آخر، وبقيت هذه الألقاب مجرد أسماء يتم تدوينها على الأوراق.. إنها مدينة ورزازات، التي بالرغم من المجهودات المبذولة من أجل تغيير ملامح وجهها، ما زالت تفتقر إلى بعض المرافق العمومية؛ كالحدائق وأماكن للاستجمام والاصطياف، تقي الساكنة عذاب السفر إلى المدن المجاورة. وتنتظر ساكنة ورزازات أن تقوم الجهات المسؤولة عن تدبير شؤون المجلس الجماعي والمجلس الإقليمي بالأخذ بعين الاعتبار غياب مرافق عمومية كالحدائق والمسابح العمومية، بغية إدراجها في برامج عملها، والمساهمة في جذب السياح المغاربة والخارج، لزيارة المدينة والتعريف بمؤهلاتها الطبيعية والتاريخية والثقافية، وتوفير جميع متطلبات العيش الكريم. ولمعرفة الإكراهات والمشاكل التي يعيشها المواطن الورزازاي خصوصا في موسم الصيف، قامت جريدة هسبريس الإلكترونية بزيارة سد المنصور الذهبي، حيث التقت مع مجموعة من العائلات التي قبلت الحديث مع الجريدة، ورفضت التقاط لها الصور. كما توجهت الجريدة إلى ساحة الموحدين بمركز مدينة ورزازات، حيث تتوافد العشرات من النسوة إليها كل مساء رفقة أبنائهن بحثا عن قسط من الراحة والاستجمام. سد المنصور الذهبي يستقبل سد المنصور الذهبي، الواقع على بعد كيلومترات قليلة عن مركز مدينة ورزازات، كل فصل صيف عددا من الأسر التي تقصده هروبا من الحرارة المفرطة، لتقضي فيه أوقاتا من الاستجمام وسط طبيعة في غاية الجمال، كما يقصده أيضا هواة الصيد الذين يحملون صنارتهم بحثا عن أسماك متنوعة. ويجد الزائر إلى سد المنصور الذهبي نفسه منقسما بين الذهول لجمال هذا الموقع من جهة، وبين الرثاء على التدهور الذي آل إليه نتيجة تلوثه المفرط جراء طرح مياه الصرف الصحي في بعض أماكنه؛ وهو ما يسبب في انبعاث روائح كريهة على بُعد عشرات الأمتار من مساكن المواطنين. بالرغم من أن هذا السد كان سببا في مقتل العديد من الأشخاص سنويا، فإن ذلك لم يمنع أبناء المنطقة وعائلاتهم من جعله وجهتهم المفضلة، خصوصا في مثل هذه الأوقات من كل سنة التي تعرف في درجات الحرارة ارتفاعا إلى أعلى مستوياتها، غير مبالين بالمخاطر وعواقب محتملة في حالة غرق أحدهم وسط أكوام من الطين التي تميز سد المنصور الذهبي. عائشة تسرغينت، إحدى السيدات التي صادفتها هسبريس بجانب السد، أوضحت أنها تفضل قضاء بعض الوقت رفقة عائلتها بهذا الموقع، هروبا من حرارة جدران المنازل وضجيج المدينة، مسترسلة: "بالرغم من الروائح الكريهة التي نستنشقها في بعض الأحيان، فإننا نقضي أوقاتا رائعة"، مضيفة: "ورزازات تفتقر إلى مرافق الترفيه والاستجمام لذلك؛ فالكثير من الأسر، خصوصا يومي السبت والأحد، تقضي وقتا طويلا هنا يتناولون وجبة الغداء ويصطادون الأسماك، والأطفال يقومون بهوايتهم المفضلة، أي السباحة". وتساءلت المتحدثة: "كيف يريدون أن نقضي نهارنا بمركز ورزازات وهم لم يوفروا لنا المرافق الاستجمامية بمواصفات عالية، كالحدائق العمومية والمسابح العمومية وغيرها من المرافق التي يقصدها المرء في مثل هذه الأوقات؟" مستدركة "أملنا في الله والجهات المسؤولة أن تقوم بتوفير لأبنائها بعض المرافق العمومية لحمايتهم من مخاطر السدود والضايات المائية". متنفس نسائي في ظل غياب حدائق عمومية كفيلة لاستقبال ساكنة ورزازات، وقضاء أوقات ليلية بها، فإن الوجهة المفضلة لدى غالبية الساكنة والزوار، خصوصا النساء منهم، تكون هي ساحة الموحدين، باعتبارها متنفسا للأمهات وأبنائهن الصغار. ولاحظت جريدة هسبريس، خلال الجولة التي قامت بها في هذه الساحة، وجود عدد كبير من النساء رفقة أبنائهن الصغار، مقابل عدد قليل من العنصر الذكوري. وتقربت الجريدة من إحدى السيدات البالغة من العمر حوالي 40 سنة، تدعى فاطمة، وسألتها عن سبب قصدها هذا المكان، دون غيره، فأجابت وهي تبتسم: "واش حنا ففرانسا؟ حنا راه فورزازات، كاينا غير هاد الساحة، كنجيو ليها بالليل نفوجوا فيها على رسنا حنا ووليدتنا"، موضحة "لو كانت مدينة ورزازات تتوفر على بديل لقمنا بالاستغناء عن هذا المكان الذين نزوره يوميا". لم تكن فاطمة وحدها هي الذي اتهمت المجالس المنتخبة المتعاقبة على مدينة ورزازات، في إهمال وتهميش ساكنة المنطقة، حيث وافقتها خديجة وهي شابة في عقدها الثاني، أكدت أن المدينة بسبب غياب رؤية مستقبلية واضحة لدى القائمين على تدبير المجالس المتعاقبة على بلدية ورزازات، بقيت بدون مرافق عمومية من شأنها المساهمة في خلق جو في غاية الجمال بفائدة الساكنة، موردة: "ورزازات لن تتغير إلا إذا تغيرت عقلية المسؤولين المحليين وتجاوز الحزازات السياسية والانتقامية". وطالبت المتحدثة بضرورة رد الاعتبار إلى الساكنة، وإلى المدينة التي لطالما أطلقوا عليها اسم مدينة السينما وهوليود إفريقيا وغيرها من الألقاب التي لا وجود لها على أرض الواقع، مشيرة إلى أن الساكنة بدورها لها نصيب من المسؤولية في غياب هذه المرافق، كونها لازمت الصمت ولم تستطع المطالبة بتوفيرها أو تقديم مقترحات معقولة للعمل بها من قبل المسؤولين المحليين والإقليميين. حلول من الشارع يرى الشارع المحلي بمدينة ورزازات أن التنمية وتوفير مرافق الاستجمام بهذه المدينة تحتاج إلى تشاور موسع بين مختلف الفاعلين في مختلف المجالات. ويؤكد الكثيرون أن جهة ما لوحدها غير قادرة على رفع تحدي انتشال المدينة من التهميش والهشاشة التي تعيشها منذ عقود، وهو ما يقتضي توسيع دائرة الإشراك في صياغة برامج تنموية تستدرج الجميع وتشرك مختلف شرائح المجتمع الورزازي. ويقترح بعض المواطنين التركيز في الوقت الراهن على النهوض بقطاع السياحة وتوفير أماكن الراحة والاستجمام لهم وتوفير البنيات الأساسية لاحتضان المشاريع السياحية لتسويق المجال وتحقيق الإشعاع. نظرة المجلس البلدي مولاي عبد الرحمان الدريسي، رئيس المجلس البلدي لورزازات، أوضح أن المجلس الذي يدير شؤونه وضع ضمن أولوياته هذه المرافق العمومية المذكورة أعلاه، مشيرا إلى نه سيعمل إلى جانب أعضاء المكتب المسير على تخصيص ميزانية مهمة لإنشاء بعض المرافق كالحدائق العمومية والمسابح. وذكر المسؤول الجماعي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، "أن المجلس البلدي يتدارس إمكانية بناء بعض المرافق العمومية ذات البعد السياحي والاصطياف لفائدة أبناء المدينة والزوار بغية المساهمة في خلق انتعاشة اقتصادية بالمنطقة"، موضحا "من أجل إنجاز مثل هذه المشاريع لا بد أن تفكر في الأموال التي ستخصص لها، والمواقع التي ستشيد بها من اجل إنجاحها". ولم يخف المسؤول الجماعي ذاته أن ورزازات ما زالت في أمس الحاجة إلى مشاريع من هذا القبيل، مؤكدا أن المجلس الجماعي أخذ على عاتقه هموم وانشغالات المواطنين، وسيعمل كل ما بوسعه لإرضاء خواطر الساكنة وتحقيق طموحاتها وتوفير لها كل متطلبات الحياة العصرية، مسترسلا: "سنستغل المؤهلات والإمكانات التي تتوفر عليها المنطقة من سياحة وطاقة شمسية لبناء ورزازاتالجديدة وسنجعلها تنافس المدن المتقدمة الأخرى على الصعيد الوطني"، وذلك بفضل مجهود جميع المتدخلين محليا وإقليميا وجهويا ومركزيا، يقول مولاي عبد الرحمان الدريسي. وذكر المسؤول الجماعي ذاته أن المكتب المسير لبلدية ورزازات أخذ على عاتقه انتظارات المواطنين، وعازم على تنفيذها من خلال تسخير كل إمكانات الجماعة الترابية المتاحة، ودق أبواب المؤسسات العمومية للمساعدة على إيجاد حل لجميع الإكراهات التنموية بالمنطقة.