مع حلول فصل كل صيف تعيش مدينة الشماعية ارتفاع درجة الحرارة التي تصير مفرطة و تسجل فيها أرقاما قياسية. وشكلت الصهاريج المائية بالحقول الفلاحية المجاورة وبعض الوديان كوادي زيمة، ولعقود طويلة، الملاذ الوحيد لشباب وأطفال الطبقات الشعبية حيث يلجئون إليها للاستحمام والهروب من أشعة الشمس الحارقة.. إلا أن توالي سنوات الجفاف الذي عرفته المنطقة في السنوات الأخيرة،تسبب في انخفاض منسوب المياه في هذه الصهاريج والوديان وفي التأثير السلبي على الفرشة المائية وأيضا على الإقبال الكبير الذي كانت تعرفه هذه الصهاريج والوديان صيفا من طرف الشباب والأطفال الذين يستأنسون بمياهها العذبة. وتتوفر المدينة على مسبح كان يشكل إلى وقت قريب المتنفس الوحيد لشباب هذه الحاضرة التي تفتقر إلى مرافق للترفيه والاستجمام. وهو في ملكية المجلس البلدي الذي كان يشرف لعدة سنوات على تسييره وتدبيره بأسعار في متناول الشباب والأطفال من الفئات الاجتماعية التي تشكل السواد الأعظم لساكنة الشماعية. غير أن حالة الإهمال والتهميش التي يوجد عليها المسبح البلدي اليوم،توحي أن المجالس البلدية التي تعاقبت عن تسيير الجماعة ولمدة عقود لم تقدم أي خدمات ترفيهية للشباب والأطفال ومنها على الأقل ترميم وصيانة المسبح البلدي الذي يساهم في إنعاش صندوق البلدية،وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على سوء التدبير وتغليب المصلحة الفردية على المصلحة العامة. وحسب مصادر مهتمة بالشأن المحلي، فإن الإهمال الذي يعيشه المسبح البلدي يعتبر من بين العوامل المحبطة التي تدفع بالشباب والأطفال إلى الانحراف ودخول عالم الإجرام .وأضافت المصادر نفسها، أن مدينة الشماعية صارت من بين الحواضر المغربية المعروفة بارتفاع معدل الإجرام بين صفوف الشباب، مرجعة أسباب تفشي هذه الظاهرة إلى غياب دور الشباب والمرافق الترفيهية التي كان من المفترض أن تكون على رأس الأولويات لتجنيب الشباب دخول عالم الرذيلة والمخدرات. وأشارت المصادر ذاتها،إلى أن المسبح البلدي المهمل يعتبر نموذجا لمجموعة من المرافق الاجتماعية والترفيهية والثقافية والرياضية التي كلفت صندوق البلدية الملايين من السنتيمات، هذه المرافق العمومية التي لم تعمر طويلا ولم تقدم أي دور أو خدمة لسكان المدينة، وأن البعض من هذه المرافق المهملة ذهبت أدراج الرياح كالحديقة العمومية الموجودة بحي الدرابلة التي كان يستغلها المجلس كمشتل فيه جميع أنواع الأشجار المثمرة و الأغراس ذات الروائح التي تساهم في تعطير الجو والترويح عن النفس. وبذلك، تفتقر المدينة للمرافق الاجتماعية والترفيهية التي تساعد على الترويح عن النفس!، فلا مساحات خضراء، ولا ملاعب رياضية ولا منشآت ثقافية ولا مركبات اجتماعية... مما يجعل الشباب والأطفال لا يجدون مكانا تربويا لتجزية الوقت الثالث، مكانا يصرف عنهم شر الانحراف وبلوى المخدرات. ويشكل واقع المدينة مرآة لتجارب جماعية تبدأ فيها المجالس أعمالها بالصراع وتنهيه كذلك ،دون أن أدنى التفات لمصالح السكان. وإذا كان أبناء الفئات الميسورة تتمتع بعطلتها الصيفية بين الرمال الذهبية عبر الشواطئ الداخلية وفي المخيمات الجبلية التي تسهر عليها وزارة الشباب والرياضة تحت شعار»العطلة للجميع»، فان الوضع قاتم بمدينة الشماعية حيث أبناء الأسر الفقيرة يجهلون شيئا اسمه البحر بالرغم من أن هذا الأخير لا يبعد عنهم إلا بكلمترات قليلة (70 كلم)، تماما كما يجهلون التمتع بالعطلة الصيفية، وهم على هذا الحال يقضون فصل الصيف في الجحيم تحت أشعة الشمس، بعد إغلاق المسبح البلدي عقب مصرع شاب غرقا فيه.وحسب مصادرعليمة، فإن المسبح البلدي الذي فتح أبوابه بدون ترخيص من الجهات المعنية تم إغلاقه لعدم توفره على المواصفات الضرورية. وتضيف هذه المصادر، أنه بعد إغلاق المسبح الذي صار بعد ذلك ملاذا للمنحرفين والمجرمين ،ثم السطو على مضخات المياه وعدد من المعدات والمستلزمات مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهة التي قامت بعملية الاستحواذ على ممتلكات الجماعة التي صرفت عليها الملايين من السنتيمات. ويبقى أمل السكان معقودة على المجلس البلدي الحالي من اجل رد الاعتبار للمدينة وانتشالها من واقع الإهمال والتهميش الذي عانت منه لفترة طويلة وذلك عن طريق الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، والبحث عن مستثمرين يوفرون فرص الشغل لشباب المدينة الذي يعاني البطالة ويفضل أغلبيته قوارب الموت على البقاء سجينا في مدينة لا توفر لأبنائها فرص للحياة.