على بُعد نحو 25 كيلومترا من مدينة طانطان، يقع شاطئ الوطية، إحدى أهم المناطق الساحلية التي تشتهر بجمالها وسحرها الأخاذ، وهو ما يجعلها وجهة مفضّلة وملاذا للأسر الصحراوية لقضاء أوقات استجمام ممتعة مع الأسر والأهل، خصوصا في الفترات التي تشهد فيها مناطق الجنوب ارتفاعا مفرطا في درجات الحرارة. ومن الدوافع التي تجعل الإقبال متزايدا على الاصطياف في شاطئ الوطية، ليس من قبل القاطنين غير بعيد عن هذا الشاطئ فقط، وإنما من قبل آخرين يقطعون مئات الكيلومترات من أجل الاستجمام بهذا الشاطئ، قادمين من آسا والسمارة وغيرهما، لاسيما خلال فصل الصيف، غياب فضاء مماثل بتلك المدن، إلى جانب ما يزخر به شاطئ الوطية من مؤهلات طبيعية تغري بقضاء أوقات استجمام ممتعة. ولم يخرج شاطئ الوطية عن السرب، خصوصا ما تشهده الشواطئ المغربية من أنشطة خلال كل موسم اصطياف، مع التوافد الكثيف للزوار والمصطافين، فالباعة الجائلون يجوبون طول وعرض الشاطئ، والحركة التجارية تنتعش، كما يزداد الطلب على كراء المنازل والشقق في هذه الفترة، مع ما يرافق ذلك من ارتفاع في السومة الكرائية، بالإضافة إلى حدوث رواج تجاري ملحوظ، يشمل مختلف القطاعات ذات الارتباط بفترة الاصطياف. المؤهلات التي تزخر بها الوطية وشاطئها لم تحجب جملة من الإكراهات التي صارت تؤرق المصطافين وكذا الساكنة المحلية، والتي كانت محور اجتماع سابق للجنة الإقليمية للشواطئ بعمالة إقليمطانطان، حيث لا تزال مصالح الوقاية المدنية تئن تحت وطأة تقصير واضح في توفير ظروف عملها، المتمثل أساسا في إنقاذ الغرقى وإسعافهم، وفي الفضاءات الضرورية لفائدة عناصرها كالمرافق الصحية ومحلات إيواء ملائمة ومسالك لتسهيل إدخال وإخراج آليات الإنقاذ. إفادات عديدة استقتها هسبريس من مصطافين بشاطئ الوطية ذهبت إلى ضرورة العناية بنظافة هذا الشاطئ، وتنظيم حملات توعوية وتحسيسية بين صفوف المصطافين من أجل الحفاظ على جمالية هذه الرقعة الشاطئية، والمساهمة في خلق ظروف اصطياف مثلى، حيث اقترح أحد المصطافين أن تعمل الجماعة المحلية على إعداد ملف، بتعبئة كل الفاعلين، من أجل نيل شاطئ الوطية اللواء الأزرق، بسبب توفره على كل المؤهلات للظفر بهذه العلامة. ويبدو أن مخرجات اللقاءات الرسمية المُمهّدة لموسم الاصطياف كانت قد أكّدت على ضرورة توفير الظروف الملائمة لمصالح الوقاية المدنية، حتى تتمكن من تأدية مهامها على أحسن وجه، وتحيين الإعلانات الخاصة بجودة مياه السباحة وعرضها بمدخل الشاطئ، إلى جانب التطبيق الصارم لتشوير الشاطئ، وتعزيز الأمن لضمان سلامة المصطافين ومرتادي الشاطئ، وكلها منغصات تُلطخ سمعة هذا الفضاء، بعد أن بقيت عددا من تلك المخرجات مجرد وعود بعيدة التنزيل على أرض الواقع. وقال محمد فاتح، المنسق الجهوي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بجهات الصحراء، "من الناحية الأمنية، نسجل انفلاتا أمنيا بشكل كبير، لعدم وجود الأمن الوطني، خصوصا في فصل الصيف، الذي تعرف المدينة فيه توافد المصطافين القادمين من مدينة السمارةوطانطان والعيون وغيرها من مدن الصحراء والمغرب عموما". وأضاف فاتح، في تصريح لهسبريس، "وبالنسبة إلى مكان الاصطياف، تنعدم فيه الشروط الأساسية، متمثلة في غياب مرافق صحية، وعدم وجود المنصة الشاطئية لمراقبة المصطافين، وعدم توفر اللوازم الأساسية للإنقاذ التي ينبغي أن تتوفر لدى المنقذين، وعدم تدخل رجال الدرك في المشاكل التي تندلع بين المصطافين كانتشار المخدرات و"القرقوبي"، حيث نشاهد ظاهرة غريبة تتمثل في بيع هذه المخدرات لقاصرين تتراوح أعمارهم بين 12 سنة و16 سنة". ومن المظاهر الأخرى المنتشرة بهذه الوجهة الشاطئية، والتي من شأنها تلطيخ سمعتها، يقول الفاعل الحقوقي، "هناك انتشار "الشيشة" في فيلات قريبة من الشاطئ دون تحريك أي ساكن، زد على ذلك ظاهرة "الكريساج" في واضحة النهار، والاعتداءات على أصحاب المحلات التجارية". وعلى مستوى البنية التحتية الشاطئية، قال بشأنها فاتح: "في هذا الجانب حدث ولا حرج، لكونها لم ترق إلى المستوى المطلوب، حيث لم يتم إتمام صفقة تبليط وتزفيت الشوارع والأزقة، كما أفرز انتشار الحفر وتعرية الشوارع صعوبات في حركة السير بالنسبة إلى السيارات والراجلين على السواء، ناهيك عن انتشار ظاهرة الكلاب الضالة التي أصبحت تهدد الساكنة". وخلال استقاء رأي المجلس الجماعي للوطية، أبرز أحمد أوكشيم، مهندس بالجماعة فوض إليه رئيس المجلس الحديث إلى هسبريس، أن "المجلس الجماعي يعمل جاهدا من أجل توفير كافة ظروف الاصطياف بهذا الشاطئ، حيث أنجز مشروع الإنارة العمومية، كما يقوم بإتمام مشروع الكورنيش، فضلا عن فقرات تنشيطية لفائدة الشباب والأطفال". وأضاف أن مصالح الوقاية المدنية حاضرة طيلة موسم الاصطياف، وأن المركز الصحي بالمدينة يتوفر على طبيب وطبيبة، و"سبق أن التمسنا توفير خدمة المداومة، لا سيما في فصل الصيف، كما أن سيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة من المنتظر أن توضع رهن إشارة هذا المركز لتأمين نقل الحالات المستعجلة إلى المؤسسات الاستشفائية"، يضيف أوكشيم. أما بخصوص نظافة الشاطئ، فأوضح أوكشيم أن "عمال النظافة يعملون بشكل يومي في جمع النفايات المنزلية وعلى الشاطئ، وقد وضعنا حاويات بالمكان. أما مشكل الأمن، فقد تم تعزيز مصالح القوات المساعدة والدرك الملكي بالموارد البشرية الكافية، التي من شأنها تأمين مرور موسم الاصطياف في أحسن الظروف".