بداية الأسبوع الماضي، عاد المركز الوطني لتحاقن الدم بالرباط إلى إطلاق نداء جديد، لحثّ المغاربة على التبرع بالدم، بعدما سُجّل نقص حاد في مخزون هذه المادّة الحيوية، التي تكثر الحاجة إليها، خاصة في العطلة الصيفية، بسبب ارتفاع حوادث السير. المركز الوطني لتحاقن الدم وجّه نداءَه الأخير إلى "أهل الدار"، أيْ إلى موظفي مراكز تحاقن الدم وموظفي وزارة الصحة أنفسهم، من أجل التبرع، في ظل الخصاص الحادّ المسجّل في هذه المادة، إذ لا يغطي المخزون المتوفر، حاليا، سوى خمسة أيام فقط، حسب ما صرّح به محمد بنعجيبة، مدير المركز الوطني لتحاقن الدم. ويطرحُ الخصاص في مخزون الدم، الذي يتكرّر كل سنة، سؤالَ عدم تبرّع المغاربة بالدم، بما فيه الكفاية، علما أنَّ السائد هو أنّ المجتمع المغربي يسود فيه التكافل. نقلنا هذا السؤالَ إلى عدد من المواطنين المغاربة في العاصمة الرباط، وقال أغلبهم إنَّ السبب راجع إلى غياب ثقافة التبرع لدى المغاربة وإلى كون المواطنين حينَ يحتاجون إلى الدم في المستشفيات لا يحصلون عليه مجّانا، بلْ يُباع لهم بسعر مرتفع. يؤكّد هشام، وهو أستاذ اللغة الإنجليزية، أنَّ المدخل الأساس لجعل المغاربة يتبرعون بالدم هو التوعية بأهمية وضرورة هذه العملية؛ وذلك بالقيام بحملات تحسيسية واسعة، تبدأ من المدارس، من أجل ترسيخ ثقافة التبرع بالدم لدى الناشئة، وكذا في باقي المؤسسات، ووسائل الإعلام، وإقامة شراكات مع المجتمع المدني للقيام بحملات للتبرع بالدم. من جهة أخرى، عزا مواطنون آخرون سبب عزوف المغاربة عن التبرع بالدم إلى كون المستشفيات لا تُعطي الدم للمحتاجين إليه مجانا، علما أنَّ يأتي من متبرعين، بل تبيعه لهم، "أنا كمتبرع إيلا مشيت عْطيت الدم خاصّ الناس ياخدوه فابور"، يقول مواطن لهسبريس، مضيفا "حتى إيلا عندك لاكارط (يقصد البطاقة التي تُسلّم للمتبرعين بالدم، والتي بموجبها يحق لهم الحصول على الدم في حال حاجتهم إليهم)، ما كايخدوهاش بعين الاعتبار". محمد بنعجيبة، مدير المركز الوطني لتحاقن الدم، قال، في تصريح سابق لهسبريس، إنَّ الدم لا يُباع للمواطنين في المستشفيات، وأنّ المقابل المالي الذي يدفعونه لقاء الحصول عليه هو مقابل تكاليف التحليلات التي يخضع لها، وتخزينه في ظروف ملائمة. في المقابل، هناك مواطنون آخرون أكدوا أنهم يداومون على التبرع بالدم دوريا، "كنتبرع باش ننقد حياة ديال الناس الاخرين"، تقول شابة التقيناها في ساحة باب الأحد بالعاصمة حيث كانت تستعدّ للتبرع بالدم داخل شاحنة مخصّصة لهذا الغرض، مضيفة أنها تتبرع كل ثلاثة أشهر، منذ سنة 2011، وبالرغم من أنها لم تتسلّم بعد "بطاقة المتبرع" التي يمنحها المركز الوطني لتحاقن الدم للمتبرعين، والتي تخوّل لهم الحصول على الدم مجانا، فإنها لا تزال مستمرة في التبرع. المواطنون، الذين تحدثت إليهم هسبريس، أجمعوا على ضرورة قيام وزارة الصحة والمركز الوطني لتحاقن الدم بحملات تحسيسية على نطاق واسع، من أجل تشجيع المغاربة على التبرع بالدم وتكريس هذه الثقافة.