في جو طبعه الحزن والأسى، استقبل دوار تكمي الجديد بالجماعة الترابية تارميكت بإقليمورزازات، زوال اليوم الخميس، جثمان الرقيب الأول محمد آيت سعيد الذي استشهد الأسبوع الماضي، في هجوم مسلح بمدينة بنغاسو جنوب شرق جمهورية إفريقيا الوسطى، التي كان يؤدي فيها مهمته ضمن التجريدة المغربية التابعة لبعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام بإفريقيا الوسطى "مينوسكا". بعد استقبال الجثمان وتمكين العائلة والأقارب من إلقاء النظرة الأخيرة على نعشه، في مشهد مؤثر ومحزن، تمت تلاوة برقية تعزية ومواساة بعثها الملك محمد السادس إلى عائلة وأسرة الفقيد، جاء فيها: "لقد تلقينا ببالغ التأثر والأسى استشهاد الرقيب الأول محمد آيت سعيد، في هجوم غامض استهدف دورية لتجريدة القوات المسلحة الملكية ببعثة الأممالمتحدة المتكاملة ومتعددة الأبعاد، لتحقيق الاستقرار بجمهورية إفريقيا الوسطى". وتضيف البرقية: "إننا إذ نعرب لكم ومن خلالكم لكافة أهلكم وذويكم، ولأسرة القوات المسلحة الملكية، عن أحر تعازينا وأصدق مواساتنا في هذا المصاب الأليم، لنسأل الله عز وجل أن يتغمد الفقيد شهيد الواجب الوطني بواسع رحمته وغفرانه، ويسكنه فسيح جنانه مع الشهداء والصديقين والصالحين، وأن يجزيه الجزاء الأوفى على ما قدمه لوطنه، ولجسيم التضحيات، وأن يعوضكم على رحيله جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء". وشيعّ المئات من سكان دوار تكمي الجديد ونواحيها جثمان "شهيد الواجب"، الذي وصل إلى ورزازات عبر مروحية عسكرية، عقب صلاة العصر في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة، وبحضور وفد من القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية ومسؤولين عسكريين بالحامية العسكرية بورزازات وممثلين عن مصالحها الاجتماعية وممثلي السلطات الإقليمية والمحلية والدرك الملكي والقوات المساعدة. عمر آيت سعيد، شقيق الضحية، قال إن "الراحل غادر وطنه في مهمة عسكرية إنسانية، وكله أمل أن يعود إلى أحضان عائلته الكبيرة وأسرته الصغيرة، إلا أن الأقدار شاءت أن يموت خارج وطنه الأم وهو يدافع عن الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة"، مشيرا إلى أن "العائلة تلقت خبر استشهاده بصدمة كبيرة لم تستفيق منها بعد". وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الراحل قدم نفسه شهيدا من أجل الإنسانية، وهو ما يجعل بال العائلة يرتاح كلما تذكرت خصاله الحميدة، وطريقة تعامله من الصغير قبل الكبير، مختتما قوله "لا يسعنا إلا أن نطلب له الرحمة والمغفرة وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة". من جانبه، استحضر سعيد آيت سعيد، ابن عم الراحل، الأخلاق والخصال الحميدة التي يتمز بها الشهيد، مشيرا إلى أنه كان يحسن المعاملة مع أفراد العائلة وزملائه في العمل ومع كافة الناس. واسترسل المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن الفقيد "كان يحب صلة الرحم، حيث يقوم في كل عطلته السنوية بزيارة العائلة التي توجد بمختلف مناطق ورزازات وزاكورة"، مختتما قوله بأن "العائلة ضاع منها نصفها بعد موت محمد، الذي كان نموذجا يحتذى به في العائلة من خلال تواضعه وإنسانيته". في المقابل، لم تتمالك أرملة الراحل وابنته نفسيهما للإدلاء بتصريح لجريدة هسبريس، حيث غلبت عليهما الدموع، مشددتين على أن وفاة محمد أيت سعيد تساوي موت الجميع ونهاية لكل شيء؛ فيما قال أيوب آيت سعيد، ابنه البكر، إن والده الراحل كان يعامل أبناءه معاملة الأصدقاء، وكان يوفر لهم كل ما يحتاجونه لإرضائهم. وازداد محمد آيت سعيد سنة 1969 بدوار ساون التابع للنفوذ الترابي لإقليم زاكورة، متزوج وأب لثلاثة أبناء، وتقطن أسرته حاليا بالجماعة الترابية ترميكت في إقليم ورززات. وكانت بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام في إفريقيا الوسطى أعلنت، يوم الثلاثاء الماضي، أن الهجوم، الذي طال التجريدة المغربية من أصحاب القبعات الزرق وأودى بحياة جنديين مغربيين، وقع عندما كانت التجريدة ترافق شاحنات تنقل مياه الشرب للمواطنين بمدينة بنغاسو الواقعة بجنوب شرق البلد الإفريقي سالف الذكر.