أجواء حزينة تلك التي تخيم على منزل شهيد الواجب الإنساني العريف الأول هشام أمهريط بمركز صنهاجة، على بعد ثلاثة كيلومترات من مدينة صفرو، منذ أن فجعت عائلته بخبر مقتله يوم الأحد ما قبل المنصرم في هجوم لمليشيات "أنتي بالاكا" على شاحنة صهريج مياه بمدينة "بانغاسو" كانت تحت حماية أفراد من التجريدة المغربية العاملة مع القبعات الزرق بجمهورية إفريقيا الوسطى. الأب محمد أمهريط ذكر لهسبريس، لدى زيارتها إلى بيت عائلة الشهيد، أن خبر مقتل ابنه هشام كان مفجعا لجميع أفراد العائلة ولساكنة مركز صنهاجة التي كانت محبة له، مضيفا: "فقدنا ابنا عزيزا علينا جميعا، مات شهيدا، الله يرحمه. كان معينا لي في إعالة الأسرة وفي تحمل تكاليف الحياة". وواصل أمهريط الأب متذكرا مناقب نجله، والألم يعتصر قلبه، بالقول: "حتى أنا كنت عسكريا، دافعت عن وطني وخلفني ابني في ذلك. وعدني بأن يرسلني لأداء مناسك الحج رفقة أمه، ما نريده الآن هو الإسراع بإيصال جثمانه إلينا". من جانبها، لم تتمالك والدة الفقيد، حليمة البودالي، دموعها وهي تتحدث لهسبريس عن نجلها الفقيد، موردة أنها صدمت بخبر مقتل ابنها؛ "ذهب شابا. ترك مكانه فارغا. كان المنزل به منورا؛ لقد مات شهيدا والحمد لله"، وذكرت أنه اتصل بأسرته يومين قبل استشهاده، وطمأنهم على أنه بخير. وأبدت أم هشام أسفها على تأخر وصول جثمان نجلها قائلة: "فاجأني فقدان ولدي، ما لم أر الصندوق، فأنا غير مرتاحة، أرجوهم أن يوصلوا لنا جثمانه"، مضيفة بالقول لهسبريس: "استشهد وهو يرفع راية المغرب، هذا ما يزيد من صبرنا". أرملة الفقيد، التي أكلمها خبر فقدان زوجها، حكت لهسبريس كيف كان هشام محبا لعمله وحريصا على القيام به أحسن قيام، مضيفة: "طبعا، وفاته تشكل بالنسبة إلي صدمة كبيرة لم أتوقعها، لقد أخبرني، قبل وفاته بفترة قصيرة، بأنه مرت ثلاثة أشهر ولم يبق إلا ثلاثة أخرى ليعود إلى المغرب.. لقد ذهب شهيدا، الله يرحمه". وعبرت أرملة الفقيد، بدورها، عن قلقها من تأخر وصول جثمانه، قائلة: "حرام، مر أسبوع ونحن ننتظر، ليرحمونا.. إكرام الميت دفنه، لقد تأخرنا كثيرا، كان يقول لي دائما إذا مت شهيدا فذلك أحسن شيء، وهذا ما كتبه الله له". شقيقات الهالك، أيضا، كان فقدان هشام ذا وقع كبير عليهن، كما هو الشأن بالنسبة لفوزية التي ذكرت لهسبريس بأنها لم تقدر على تحمل خبر فراق شقيقها، مبرزة أن طول انتظار جثمانه يزيد من معاناة أفراد الأسرة؛ الأمر نفسه لدى غزلان وحنان، اللتان قالتا بأن هشام كان حنونا، يحبه الصغير والكبير، ومحبوبا لدى جميع أبناء شقيقاته وشقيقه خالد، حيث يسألون دائما عن موعد مجيئه. أما خالد، الشقيق الوحيد لهشام، الذي اضطر لأن يتخل عن عمله بمدينة أكادير ليتكفل بجميع التدابر المتعلقة بجنازة الشهيد وليواسي والديه وشقيقاته، فقد ذكر لهسبريس أنه بفقدان شقيقه يكون قد فقد نصفه، وقال: "كان هشام يشاورني في كل صغيرة وكبيرة، لقد رحل فجأة، ذهب والبقاء لله". وقد اختارت أم الفقيد، الذي ازداد في أحد أيام سنة1981 قبل أن ينخرط بصفوف القوات المسلحة الملكية سنة 2000، أن يدفن جثمان ابنها هشام بمقبرة بودرهم بمدينة صفرو، إلى جانب جده وجدته. والتحق الراحل، الذي خلف وراءه أرملة تزوجها قبل عام ونصف، بالتجريدة المغربية المتواجدة بجمهورية إفريقيا الوسطى في شهر أبريل من السنة الجارية.