التقريع اللاذع للإدارة، وفقدان الثقة في بعض السياسيين، والاعتراف بأن النموذج المؤسسي المغربي يبقى في معظمه حبرا على ورق، مقابل الإشادة بالأدوار التي تقوم بها الأجهزة الأمنية والتنويه بعدد من المخططات القطاعية التي اعتمدها المغرب، نقط من أبرز النقاط التي جعلت الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال18 لعيد العرش يحظى باهتمام بالغ من لدن المهتمين بالشأن العام والمواطنين على حد السواء. كما أن السياق الذي جاء فيه الخطاب، والمتسم بالاحتقان المتواصل لما يزيد عن التسعة أشهر بإقليمالحسيمة، جعل كل الأنظار تتجه نحو القصر الملكي، لمعرفة ما سيعبر عنه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السنوية لجلوسه على عرش أسلافه، حول كل هذه القضايا التي شغلت المواطنين في الظروف الخاصة التي عاش على إيقاعها المغرب بعد ثاني انتخابات تشريعية في ظل دستوره الجديد. وسائل الإعلام الدولية أفردت هي الأخرى مساحات للخطاب الملكي، إلى جانب اهتمامها بالعفو عن جزء من المعتقلين على خلفية "حراك الريف"، المطلب الذي تشبث به سكان الريف بعد أحداث صلاة الجمعة الشهيرة في كرونولوجيا الحراك، وانطلاق مسلسل الاعتقالات في صفوف أبرز رموزه. البداية من الصحافة الفرنسية التي اهتمت بمضامين الخطاب الملكي، بقدر اهتمامها بالعفو عن جزء من رموز "حراك الريف"، إذ أبرزت صحيفة "لوفيغارو" أنه قُبيل إلقاء الملك لخطاب العرش أعلنت وزارة العدل عن استفادة 1178 شخصا من عفو ملكي، جزء منهم اعتقلوا في وقت سابق على خلفية أحداث الحسيمة. الصحيفة ذاتها ذكّرت قراءها بأن هذه المستجدات تأتي بعد أشهر عن المقتل المأساوي لمحسن فكري داخل حاوية لنقل القمامة، وبعد التصعيد الذي شهدته منطقة الريف خلال شهر ماي الماضي، معتبرة أن هذا الشهر شهد تعاملا مشددا من لدن السلطة في التعاطي مع الاحتجاجات؛ وهو ما أسفر عن سلسلة من الاعتقالات في صفوف رموز الحراك. من جهتها، أفردت صحيفة "ليكسبريس" مساحة لخبر إطلاق سراح عدد من معتقلي الريف، ونقلت عن مصدر حكومي مغربي رفيع المستوى أن الأمر يتعلق ب40 شخصا متابعين على خلفية الحراك؛ وهو القرار الذي وصفه المصدر ذاته ب"القرار الهام والإيجابي جدا". وركزت الصحيفة الفرنسية ذاتها بالإشادة التي خص بها الملك الأجهزة الأمنية في تعاطيها مع الاحتجاجات، مذكّرة بأن هذا التنويه يأتي بعد انتقادات كثيرة وجهتها عدد من الجمعيات غير الحكومية إلى رجال الأمن في تعاطيهم مع التظاهرات التي شهدها إقليمالحسيمة. بعيدا عن أوروبا، اختارت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" عنوانا قويا في تغطيتها لمضامين الخطاب الملكي الأخير، موردة أن الملك "قرّع السياسيين، والمسؤولين الذين أخلوا بواجباتهم". وسجلّت الوكالة الصينية أنه "في إشارة مباشرة إلى الوضع المقلق بمدينة الحسيمة شمال المغرب، حذر الملك من أن الأحزاب السياسية وممثليها يمتنعون عن أداء واجباتهم، أحيانا عمدا، وأحيانا بسبب انعدام مصداقيتهم ووطنيتهم"، ونقلت عن الملك تأكيده أن "السياسات التنموية لا تزال سليمة"، مقابل إرجاع المشكل إلى "العقليات وعدم القدرة على المبادرة والابتكار". النسخة الإنجليزية لشبكة "الجزيرة" ركزت على خبر إطلاق سراح جزء من معتقلي حراك الريف، تزامنا مع الخطاب الملكي؛ لكنها عادت إلى التأكيد على أن المطالب الشعبية في منطقة الريف ترفع شعار إطلاق كل معتقلي الحراك. وأورد المصدر الإعلامي ذاته تصريحا لأحد أعضاء هيئة دفاع المعتقلين، اعتبر فيه أن خطوة إطلاق سراح بعض المتابعين "خطوة إيجابية؛ لكنها لم تذهب إلى أبعد مدى، لأننا ننادي بالإفراج عن كل المعتقلين".