أرفع لك القبعة الصحافي حميد المهداوي؛ لأنك رفعت سقف حرية الصحافة عاليا، ودافعت عن استقلالية مهنة الصحافي، وشكلت نموذجا خاصا به يحتذى به في أدبيات المهنة، وآمنت بأن الصحافي دوره صناعة التغيير في المجتمع وليس تنميق الكلام وتزيين وجه السلطة.. اعتقلوك وتابعوك؛ لأنك أصبحت رقما صعبا في المجتمع، فضحت أمرهم، وكشفت عورتهم، وعريت فسادهم واستبدادهم، نورتنا حول حقوقنا وحرياتنا، فخافوا منك لأنك تملك أقوى سلاح.. إنه سلاح الكلمة والصدق والشجاعة، لا تخاف في الحق لومة لائم.. أرادوك هينا وطيعا ولقمة سائغة بين أيديهم، حتى تنسى هموم الجماهير ولا تسهر على توعيتها؛ لأن في أمية الشعب نصرا لهم فإذا بك تهزمهم بتوعيتنا حقوقيا ودستوريا وقانونيا وسياسيا ومجتمعيا.. إنهم أرادوا اغتيال "بديل" بحبسك وسجنك، لأن "بديل" صار بديل الشعب في التوعية والتثقيف بالحقوق والحريات، فإذا بك تهزمهم.. اُعتقل المهداوي؛ لكنهم لن يستطيعوا قتل فكره وفكر "بديل"، لأنهما مستمران.. لقد كشفوا باعتقالهم المهداوي عن بلادتهم، لأنهم باعتقاله شوّهوا صورة المغرب الحقوقية وجعلونا في زمن الردة الدستورية.. لكن المهدوي انتصر على سجانيه، فكل المنظمات المدنية والحقوقية والصحافية انتقدت الحكم الجائر بإدانته؛ لأنه حكم سياسي مطبوخ على نار الانتقام.. وهذا الحكم الفاجعة هو وسام يعلق على صدر الصحافي المهداوي.. إنه وسام الشعب والإخلاص للوطن والمواطنين، وهذا لعمري أكبر ما يفتخر به الإنسان.. لقد أسهموا في المزيد من التعريف بالمهداوي وببديل، أرادوا إقبار الفكرة فانتشرت كالنار في الهشيم، المهداوي صار قضية شعب، المهداوي فكرة جميلة، صنعت بدور التغيير، قربت المواطن من الصحافي والصحافة، الصحافة أصبحت هي محفزة الجماهير على الدود عن الحقوق والدفاع عن الكرامة؛ فالمهداوي لسان كرامتنا وحقوقنا. ما أشجع حميد وما أبلد سجانيه، حميد كسب حب الجماهير، والجميع تضامن معه لأنه صحافي حقوقي وإنساني ساند جميع المظلومين والمقهورين وجميع الحركات الاحتجاجية. اعتقال حميد وحرمانه من حريته هو ضريبة النضال، وهو شمعة ستضيئ درب مسيرة النضال في سبيل الدفاع عن حرية واستقلالية مهنة الصحافة.. الحمد لله، حميد لم يخن ولم يسرق ولم يبع أي قضية... كان وطنيا وملكيا بامتياز.. كانت جرعته الزائدة حب الوطن؛ فعاقبوه بسببها لأنهم يريدون استمرار جرعات الفساد والاستبداد.. حميد سنبقى أوفياء ومحبين لشخصك ولخطك التحريري، بديلنا وضميرنا، ولا تبتئس بما يفعل الظالمون، الساقطون في وحل ومستنقعات التاريخ. *الكاتب العام للنقابة الوطنية لعدول المغرب