لم تتجاوز الهبات التي حولتها دول مجلس التعاون الخليجي إلى المغرب حوالي 1.1 مليار درهم إلى غاية يونيو الماضي، حسب ما تجلى من النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة؛ وهو مبلغ دون المستوى مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، إذ وصل إلى حدود 1.9 مليارات درهم. وكان قانون مالية العام الماضي توقع الحصول على هبات من تلك البلدان في حدود 13 مليار درهم، لكن مع نهاية العام لم تتجاوز 7.2 ملايير درهم. وتوقعت الحكومة المغربية، في قانون مالية 2017، أن تصل الهبات إلى 8 ملايير درهم؛ وستكون الأشهر المقبلة حاسمة في هذا الشأن. وتساعد هذه الهبات على دعم رصيد المغرب من العملة الصعبة، وتوجه غالباً إلى تمويل مشاريع تنمية البنية التحتية في المدن الكبرى ومشاريع الصحة. لكن وتيرة تحويل الهبات عرفت تباطؤا مقارنة مع السنة الماضية، وعرفت منحنى منخفضاً منذ تاريخ توقع الاتفاقية بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي. ويُعتقد أن هذا الانخفاض سببه تراجع عائدات النفط في تلك البلدان، إضافة إلى الأزمة الحالية بين دول الخليج بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وكانت أربع دول في مجلس التعاون الخليجي التزمت في 2012، في سياق الربيع العربي، بتوفير هبات بقيمة خمسة مليارات دولار للمغرب، إذ وعدت دول أربع، وهي السعودية والكويت والإمارات وقطر، بأن توفر كل واحدة منها 1.25 مليار دولار لتمويل مشاريع استثمارية. ويرتبط صرف هبات دول مجلس التعاون الخليجي بشرط تقديم مشاريع استثمارية، تتم دراستها وتقييمها من طرف لجان مشتركة، قبل التأشير على تحويل المبالغ المالية لإنجاز المشاريع المتفق عليها. وتدعم هبات دول مجلس التعاون الخليجي رصيد المغرب من العملة الصعبة، الذي وصل إلى 202.2 مليار درهم إلى حدود 14 يوليوز الجاري، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 15.8 في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية. ويرى إدريس إيفينا، الخبير الاقتصادي، في تصريح لهسبريس، أنه "يصعب تقييم وضع ومسار الهبات وما إذا كانت قد انخفضت أو توقفت"، مشيراً إلى أن "نهاية السنة الجارية كفيلة بتبيان ذلك". وأضاف الاقتصادي ذاته أن تاريخ وصول الهبات "ليس محدداً، بل مرتبط بالمشاريع المقدمة والمصادقة عليها من قبل لجنة مشتركة"، واستبعد أن يكون تراجع الوتيرة مرتبطا بأزمة الخليج الحالية، وأوضح: "لا أعتقد أن دول الخليج ستتراجع عن المساعدات، هناك اتفاقية موقعة معها.. نعم هناك أزمة لكنها لن تؤثر، لأن الدول نفسها مازالت تعطي دعمها لدول أخرى مثل مصر والأردن". ولا يحبذ الاقتصادي ذاته ربط انخفاض وتيرة الدعم بتراجع أسعار البترول، مشيراً إلى أن النسبة الكبيرة من الهبات المقدمة السنة الماضية للمغرب سجلت في الأسدس الثاني من السنة وليس الأول؛ لكنه أشار إلى أهمية "تتبع وزارة الاقتصاد والمالية للهبات التي تصل من دول الخليج"، وقال إن "هناك تقاعساً في هذا الجانب"، وزاد: "يجب على الحكومة أن توفر مشاريع يمكن تمويلها، كما يجب على رئيس الحكومة أن يعطي عناية خاصة لهذا الدعم". وأوضح المتحدث أن الهبات تلعب دوراً في تمويل عدد من المشاريع المهمة المتعلقة بالبنية التحتية، وأيضاً تدعم رصيد المغرب من العملة الصعبة، لتغطية حاجياته من الواردات. وكان من المفترض أن يحصل المغرب على كامل الهبات مع نهاية العام الماضي، غير أن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، قال في تصريحات سابقة إنها ستمتد إلى غاية العام الحالي؛ في حين أنشأت الحكومة حساباً خاصاً بها.