شرع قاضي التحقيق بحكمة الاستئناف بمراكش، أمس الخميس، في تحقيقاته التفصيلية بخصوص الاستيلاء على قرية طبية بالمنطقة السياحية أكدال وتحويلها إلى مشروع سكني، بعد النصب على مؤسسة استثمار إماراتية وطبيب فرنسي. وكانت عناصر فرقة جرائم الأموال التابعة لمصلحة الشرطة القضائية بولاية أمن مراكش استمعت لمسعود محمد العور، المدير المركزي لشركة التسويق الإماراتي، وجون كلود نوفيل، طبيب فرنسي مؤسس شركة شمال جنوب للاستثمار، في محاضر قانونية حول موضوع شكايتين إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش. وتتهم الشكايتان مواطنيْن مغربيين؛ الأول يدعى فؤاد والثاني عز الدين، بجناية تكوين عصابة إجرامية والنصب وعدم تنفيذ عقد والتزوير واستعماله، الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها بمجموعة القانون الجنائي. وبحسب مصادر هسبريس، فإن الطبيب الفرنسي، وبمساعدة طبيب مغربي سبق وأن عمل إلى جانبه بالخارج، تقدم إلى السلطات المحلية بمراكش، خلال سنة 2007، بمقترح مشروع من أجل إنجاز قرية طبية خصوصية، فوق ملك الدولة بالمنطقة السياحية أكدال، قبل أن توافق جميع الجهات المعنية على المشروع، خلال سنة 2010، بما فيها إدارة الأملاك المخزنية التي وضعت رهن إشارة صاحب المشروع بقعة أرضية مساحتها تزيد عن هكتار واحد و700 متر مربع، بقيمة 350 مليون سنتيم. وأضافت المصادر نفسها أن الطبيب الفرنسي ظل ينتظر الحصول على عقود البيع من إدارة الأملاك المخزنية لحوالي سنتين دون جدوى، إلى أن قرر التراجع عن المشروع، قبل أن يظهر المشتكى به الأول، الذي قدم نفسه للطبيب الفرنسي بصفته ممثلا لإحدى شركات الاستثمار الإماراتية، وأوهمه بأن الأخيرة ترغب في الاستثمار في مجال الصحة بالمغرب. وطالما أن الفرنسي يتوفر على عقار مخصص لهذا الغرض، فإن الإماراتيين مستعدون لتمويل المشروع، وهو الأمر الذي وافق عليه الطبيب الفرنسي. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها هسبريس، فإن المشتكى بهما اقترحا على الطبيب الفرنسي أن يتنازل عن 98 بالمائة من أسهمه في شركته "شمال جنوب للاستثمار"، المالكة للعقار السالف ذكره، لفائدة الشركة الإماراتية، ويحتفظ بسهم واحد وسهم آخر لفائدة المشتكى به الثاني الذي سيتم تعيينه مسيرا جديدا لشركة "شمال جنوب للاستثمار"، مقابل أن تتكلف الشركة الإماراتية ببناء المشروع وتجهيزه. وأضافت مصادر هسبريس أنه تم الاتفاق بعد ذلك على توقيع عقد كراء لشركة في ملكية الطبيب الفرنسي وصديقه الطبيب المغربي، من أجل الاشراف على إدارة المشروع الطبي لمدة 15 سنة مقابل مليار و200 مليون كسومة كرائية سنوية تدفعها الشركة المسيرة لفائدة الشركة الإماراتية، على أن تتنازل الأخيرة عن القرية الطبية لفائدة الطبيب الفرنسي بعد مرور 15 سنة من الاستغلال، وهو الاقتراح الذي وافق عليه الطبيب الفرنسي بعد استشارة خبراء قانونيين فرنسيين. وأوضحت المصادر نفسها أن المشتكى بهما تمكنا من الاحتيال، أيضا، على العديد من المؤسسات الرسمية، وفي مقدمتها السفير الإماراتي بالمغرب، ووالي جهة مراكشآسفي، وعدد من المسؤولين الذين أوهماهم المشتكى بهما بأن مشروع القرية الطبية سيتم تمويله من طرف الشركة الإماراتية، ما جعل هؤلاء المسؤولين يحضرون عملية التدشين الرسمي للمشروع، الذي تم الترويج له باعتباره مشروعا استثماريا استثنائيا ستنفذه شركة إماراتية بالمغرب، وهو الأمر الذي سهل عملية التسريع بجميع التراخيص اللازمة.