خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الأول للفدرالية المغربية للفرق المسرحية، المخصصة لمناقشة الجانب التدبيري للفدرالية، استغلَّ عدد من المتدخلين الفرصة لبثِّ الهموم التي تثقلُ كاهلَ المشتغلين في الحقل المسرحي، الذي يشهد ألَقُه انحسارا لعواملَ شتّى. "الجميع يتحدث اليوم عن الجهوية المتقدمة، وعن الانفتاح السياسي والاقتصادي المغربي على جواره الإفريقي، وهناك خبراء ومختصون يناقشون هذا الموضوع في المنتديات ووسائل الإعلام، لكن لا أحد يتحدث عن الجانب الثقافي الذي يشكّل المسرح أحد أعمدته"، يقول أحد المسرحيين. الفرق المسرحية المغربية المحترفة، بحسب خالد بويشو، مخرج مسرحي، تعاني من إكراهات عديدة، "ليس أقلَّها عدم استقرار الموسم المسرحي، علاوة على نقص الموارد، والشباك الوحيد تقريبا ممثلا في قطاع الثقافة بوزارة الثقافة والاتصال، وهو ما يعوق تسويق المنتوج المسرحي لهذه الفرق، عدا بعض التجارب التي تتمكن من تسويق منتوجها". منذ سنة 1998، دأبتْ وزارة الثقافة على تقديم دعم مالي سنوي للفرق المسرحية المغربية، بلغَ مجموعه خلال سنة 2017 نحو 15 مليون درهم، ويتراوح الدعم الذي تحصل عليه كل فرقة، حسب نتائج الدورة الأولى للدعم برسم السنة الجارية، ما بين 200 ألف درهم و40 ألف درهم، لكنّ خالد بويشو يرى أنّ الدعم المالي المقدم من طرف الوزارة للفرق المسرحية بمختف فروعه "هزيل جدا ولا يشرّف الممارسة المسرحية المغربية التي لها إسهامات كبيرة داخل وخارج المملكة". ولا تشتكي الفرق المسرحية المحترفة من "هزالة" الدعم المقدم إليها من طرف وزارة الثقافة فحسب، بل تشتكي أيضا من تأخّر صرْف هذا الدعم. وكان هذا الموضوع محور لقاء جمع ممثلين عن الفدرالية الوطنية للفرق المسرحية المحترفة بوزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، شهر يونيو الماضي، الذي وعد بتسوية هذا المشكل. عامل آخرُ يرى بويشو أنَّه يُعدّ من الإكراهات البارزة التي تعاني منها الفرق المسرحية المحترفة، يتعلق بالبنية التحتية، من مسارح ومركّبات، التي تعاني من عدد من الاختلالات، منها عدم الصيانة، نظرا لتعدّد المسؤوليات أو القطاعات المشرفة عليها في إطار الشراكات. وإذا كانت الأعمال المسرحية تحتاج إلى الاستمرارية، فإنَّ خالد بويشو يرى أنَّ اللا استقرار المادي للمشتغلين في هذا المجال "يُعدُّ من أكبر المساوئ التي تعانيها الفرق المسرحية"، مشيرا إلى أنّ هذا العاملَ "يؤثر على المشاريع الفنية ومخططاتها الممتدة على سنوات، وبالتالي يصعب على معظم الفرق برمجة أعمالها على المدى المتوسط، ويبدّد الكثير من الوقت والجهد كل موسم في البحث عن إنقاذ الموسم المسرحي للفرقة". في هذا الإطار، قال بويشو إنَّ الممارسين المسرحيين، والفدرالية المغربية للفرق المسرحية، يطالبون وزارة الثقافة بالحرص على الحفاظ على المكتسبات التي حققها "أبُ الفنون المغربي"، وبوضع جدولة محددة لانتظام الموسم المسرحي مع الدخول الثقافي، والرفع من قيمة الدعم المالي المخصص للفرق المسرحية، الذي وصفه ب"المُخجل جدا".