عرس ديمقراطي يسفر عن قيمة مضافة في الساحة المسرحية الوطنية انتخب مدير فرقة مسرح تانسيفت، الفنان المسرحي، حسن هموش، رئيسا للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، في ختام المؤتمر التأسيسي لهذه الفدرالية الذي التأم بمدينة مراكش يومي السبت والأحد 14 و15 يوليوز الجاري. وعرفت الجلسة الختامية للمؤتمر عرض ومناقشة والمصادقة على مشاريع الوثائق التي أعدتها اللجنة التحضيرية واشتغل عليها المؤتمرون في إطار ورشات موضوعاتية، ويتعلق الأمر بالقانون الأساسي للفدرالية والوثيقة التوجيهية التي ترسم خارطة الطريق للمرحلة القادمة، بينما أجل النظر في مشروع ميثاق الشرف إلى حين انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني الفدرالي. هذا وفي جو أخوي سادته الجدية والصراحة والديمقراطية، ساهمت 48 فرقة مسرحية محترفة في كل مراحل المناقشات ووضع التصورات ورسم الاستراتيجية التي ينبغي العمل وفقها. كما ساهم ممثلو هذه الفرق في الترشح للمسؤوليات والتصويت في إطار من الاستقلالية وروح النزاهة والديمقراطية، بحيث التجأوا لتقنية الترشيح الفردي الحر والاقتراع السري طبقا للمقرر التنظيمي الذي رسموه منذ البداية لسير المؤتمر. وهكذا ترشح لتولي منصب أول رئيس للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، كل من المخرج المسرحي حسن هموش مدير فرقة مسرح تانسيفت من مراكش، والكاتب والمخرج المسرحي عبد المجيد شكير رئيس فرقة أبعاد من الدارالبيضاء. ولم تسجل نتيجة الاقتراع هوة واسعة بين المترشحين الإثنين، بحيث حصل الأول على 27 صوتا، وحاز الثاني على 20 صوتا الشيء الذي يعكس مدى أهمية ووزن كل واحد منهما على حدة، سواء على مستوى الحضور الإبداعي في الساحة المسرحية، أو على مستوى المشاركة في تأطير وتنظيم القطاع المسرحي ببلادنا بحيث أنهما معا اكتسبا وراكما تجربة تنظيمية غنية، وكانا معا عضوين باللجنة التحضيرية للمؤتمر التي انبثقت منذ أزيد من سنة عن التنسيقية الوطنية للفرق المسرحية المحترفة التي تحولت اليوم إلى منظمة فدرالية. كما انتخب المؤتمر مكتبا وطنيا مكونا من ثمانية أفراد بعد أن تنافس زهاء 20 مرشحا على عضوية المكتب المركزي الفدرالي. وهم: بوسرحان الزيتوني، عبد المجيد شكير، بوسلهام الضعيف، خالد ديدان، لطيفة غنكور، رشيد برومي، خالد بويشو، محمد الزيات. وكانت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قد تميزت بالكلمة التي ألقاها المخرج بوسرحان الزيتوني رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي تحدث بإسهاب عن ظروف التحضير ومهام تدبير المرحلة التي فصلت بين اللقاء الوطني الذي انعقد بالدارالبيضاء في 28 يوليوز 2011 وبين انعقاد المؤتمر، تدبير طالما أخطأ مواعيده، وتعذرت سبل الوفاء بالالتزامات المقطوعة فيه، لأسباب تداخلت بين الذاتي والموضوعي، يقول بوسرحان الزيتوني. مفسرا أسباب ودواعي تأخير المؤتمر عن موعده بانشغال العديد من أطر اللجنة التحضيرية والفرق المسرحية بالتحضير للمؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمحترفي المسرح، ثم دخول المغرب في انتخابات برلمانية أسفرت عن تشكل حكومة جديدة، تم بعد ذلك انشغالات فنية مختلفة ما بين اليوم العالمي واليوم الوطني للمسرح فمهرجانات مسرحية عدة هنا وهناك توجت بالمهرجان الوطني للمسرح المنعقد بمكناس. لقد اشتغلنا، يقول رئيس اللجنة التحضيرية، وعيننا على تاريخ لم يكن ممكنا لنا أن نتقدم دون أن نعيد قراءته، وأن نحاول فهم أخطائنا فيه، وعوامل الإحباط التي طالما تمكنت من طموح الحركة المسرحية. إن أهم الخلاصات التي قادتنا، كانت من خلال محاولة تشريح أسباب الخلافات التي عطلت وحدة الصف المسرحي، أو دمرت كل سبيل إليه، فكان أن وجدنا أن العديد من مشاكلنا تنبع من غياب ثقافة الاعتراف بالآخر وعدم الإيمان بالحق في الاختلاف، وتغييب المبدع من سلطة القرار وفرض الوصاية عليه، وعدم الإيمان بالمشترك والسعي لإعلائه. وأكد المتحدث أن الفنان المسرحي ليس ظهرا يعتلى، ولا صوتا هلاميا يتم توظيفه في معارك شخصية، إنه صاحب القرار والصوت. ليست الإطارات الممكنة للفنانين مجرد بيوت أكرية، ولا الفنان مجرد عابر مكتري. وليس الفنان المسرحي، وإطاراته مجرد كومة خارج حسابات البحث، ولا هم مرتهنون إلى فراغ في الزمن ولا نفايات في المكان، يصادرون باسم الماضي، ويلغون في الحاضر. إذا كان عدم المساندة هو الطابع العام الغالب في العلاقات البين مسرحية، يقول المخرج المسرحي الزيتوني، وإذا كان مرد ذلك على تقدير خاطئ بأن الجميع إنما يسعى إلى مصلحته الخاصة، فإن الحقيقة المؤكدة أن المصير مشترك لأن المسرح الذي نبتغيه هو بالضرورة مشترك ومن غير الممكن التحرك فيه وصنعه دون حد مشترك يتبلور في جهد جماعي يعبر عن إرادة جماعية. إن مشاكل المسرح المغربي هي مشاكل مشتركة، وأن ما قد يمس بفرقة اليوم سيمس فرقة أخرى غدا. ولم يفت رئيس فرقة اللواء المسرحي البيضاوية أن يشير إلى الحراك الاحتجاجي الذي قاده المسرحيون السنة الماضية في مواجهة القرارات البيروقراطية لوزير الثقافة السابق، معتبرا أن «المعركة ضد تفرد وزارة الثقافة على عهد الوزير السابق بنسالم حميش وإلغائه لإرادة قسم كبير من الفرق الفاعلة وضرب لحقها في إبداء الرد ومراجعة القرارات ورفض أي نظرة دونية واعتبار الفرق مجرد وجود هلامي لا وجه له ولا طعم ولا رائحة، (هذه المعركة) لعبت دورا حاسما في بداية تشكل لمشروع الحاجة إلى إطار يعبر عنا ويساعدنا في أن نكون معادلة مركزية في كل ما يمس الحركة المسرحية الوطنية، وهو ما أكده القرار التاريخي الذي قضى بمقاطعة الدورة 13 من المهرجان الوطني بمكناس وتعليق التعاطي مع قرار السيد حميش من طرف غالبية الفرق المسرحية، نجم عنه موسم مسرحي مضطرب انعكست أثاره على الدورة 14 من المهرجان الوطني للمسرح، بدعم كامل من النقابة المغربية لمحترفي المسرح وجمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي».. وبين انطلاق هذه المعركة وانعقاد المؤتمر التأسيسي أصبحت اللجنة التحضيرية، يقول الزيتوني، تدبر الوقت بين متابعة توصيات لقاء يوليوز 2011، والانخراط في أي حوار يهم مصلحة المسرح المغربي والفرق المسرحي. في هذا الإطار استقبل أمين الصبيحي وزير الثقافة اللجنة التحضيرية واستمع لمرافعتها فيما يتعلق بالوضع المسرحي عموما وطبيعة المشاكل التي تعيشها الفرق المسرحية المحترفة خصوصا، «وقد وجدت اللجنة التحضيرية فيه المنصت والمهتم والمستعد لدعم الثقافة والفن المغربيين مما جعلنا ننخرط في ورش تغيير استراتيجي للدعم المسرحي وتطوير للبطاقة المهنية وقانون الفنان»، يؤكد المتحدث. مضيفا أن اللجنة التحضيرية تفخر لكون تعاطيها مع هذا الورش «كان تعاطيا مسؤولا وواعيا ومقدرا لطبيعة المرحلة التي تعيشها الحركة وحاجاتها الملحة على المدى القصير والبعيد». وأكد الفنان بوسرحان الزيتوني في ختام كلمته أن الوصول إلى هذه اللحظة لم يكن سهلا، ولم تكن ظروف العمل مشجعة «لكننا غالبنا لنوصل الأمانة إلى أهلها، والقرار إلى أصحابه، هم المسؤولون عنه الآن وهم من سيحددون ما سنكون عليه. فإن أخطأنا فالمعذرة وإن كنا أصبنا فذلك نتيجة صبر المسرحيين المغاربة»، وثقتهم وإصرارهم على الفعل الجاد والحضور المجدي في الساحة الإبداعية والنضالية على حد سواء.