عبد اللطيف كان رجلا من خيرة الناس بشهادة جميع من عرفوه وهم كثيرون جدا. ذهب ضحية التعذيب الوحشي الذي مارسه عليه جلادو درب مولاي الشريف، وغيره كثير...مازالت رائحة أنفاسهم حاضرة بأجواء الدرب وعلينا من حين لآخر الذهاب للترحم على أرواحهم هناك حتى لا ننسى. صمد عبد اللطيف زروال وأدى الثمن غاليا: حياته، وبعد أن انفضح أمر وفاة الشهيد زروال من جراء التعذيب الوحشي على أيدي زبانية درب مولاي الشريف تم الإعلان أن سبب موته هو إصابته بمرض عضال في المعدة. ولا علم لي هل تم إجراء تشريح الجثة ولا علم لي هل فعلا تمت مساءلة القائمين على الدرب آنذاك في الموضوع. وما أعلمه علم اليقين أنه كانت هناك نية إبعاد قضية زروال عن المحاكمة. فحتى محاضر الشرطة تم تغييرها وإعادة صياغتها بعد استشهاده وذلك بحذف كل ما هو مرتبط به، وهذه ممارسة تعد قمة الاستهتار بحياة الأشخاص آنذاك ببلادنا، فكيف يا ترى يشعر الآن أصحاب الأيادي التي تلطخت بدماء الشهيد ؟ وكيف سيكون موقف أبنائهم إذا علموا بالأمر ؟ كانت هناك نية واضحة لطمس قضية الشهيد زروال. عندما سلموا إلينا ملابسنا استعداد لمغادرة الدرب وعرضنا على النيابة بعد أكثر من سنة من الاعتقال التعسفي بدا خوف رهيب على الرفيق شيشاع، كان خائفا من الاحتفاظ به بالمعتقل لأنه هو الذي كان على موعد مع الشهيد عبد اللطيف زروال وهو الشاهد الأول على اعتقاله واختطافه وإيداعه بمعتقل درب مولاي الشريف. وما دام البوليس كان في نيته إقبار القضية اعتقد " شيشاع" اعتقادا أكيدا أنه سيقبر هو كذلك لأنه هو الشاهد على النازلة، وزاد خوفه عندما علم أن سجل الدخول إلى مستشفى ابن سينا تم تزويره بإسقاط اسم الشهيد عبد اللطيف زروال منه وذلك بنزع الورقة المثبت عليها اسمه وتاريخ نقله إلى المستشفى قبل لفظ أنفاسه الأخيرة بقليل. وتأكد، من هذه النازلة بعد معاينة السجل، محمد السريفي عندما إلى هناك من جراء تعقيدات صحية مرتبطة بالقلب. إلا أن تخوفات " شيشاع" اندثرت مع تقديمه للنيابة، لكن شيئا من الخوف ظل يسكنه حتى وهو بالسجن قبل المحاكمة. كان الجلادون يرمون لنا قطعة: لحم" متناهية الصغر كل عشرة أيام وكان فطورنا عبارة عن طحين مغلي بماء مع قشور طماطم نتناوله لمجرد سخونته ليس إلا.