أوراق انبعثت من مخازن كتبيين، وأطلت من جديد على عشاق "الورق الأصفر".. تنوعت موضوعاتها بين الأدب والتاريخ والفلسفة وكتب ومخطوطات نادرة. من كتب لا تتجاوز قيمتها درهمين، إلى نوادر قد تصل إلى 45 مليون سنتيم، تعرض بشكل مخفي خوفا من السرقة داخل خيمات بلاستيكية، في معرض احتضنه فضاء ساحة البريد بالرباط للجمعية الجهوية للكتبيين. نوادر بأثمنة بخسة تختلف طرق عرض الكتب من "خيمة" إلى أخرى، أما العناوين فقد يصاب المرء بالدوار إن حاول أن يجد رابطا بينها. داخل فضاء ذخائر المغرب، من الأدب إلى الرياضيات، مرورا بالتاريخ والفلسفة بلغات عديدة، وعناوين كتب "غابرة"، قد تجد من بينها "رسائل موحدية" من إنشاء كتّاب الدولة المؤمنية الصادرة سنة 1941، و"قبائل المغرب" لعبد الوهاب بن منصور التي تعود طبعتها إلى سنة 1968 ب180 درهما، ومجموعة الاحتمالات والإحصاء الرياضي لمصطفى بنخليف تعود إلى سنة 1975، يعرضها الكتبي عبد القادر النجار، ضمن الكتب التي لا تتجاوز قيمتها عشرة دراهم فقط. الكتبي عبد القادر النجار قال في تعليقه على ذلك: "تخجل من نفسك وأنت تقدم كتبا تعود طبعاتها إلى سنوات السبعينيات من القرن المنصرم في العلوم والأدب بمثل هذه الأسعار". ويضيف المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "غرضنا من تخفيض الأسعار هو تشجيع الطلبة والباحثين على اقتناء الكتب؛ لكن مع الأسف يظل الإقبال ضعيفا في ظل غياب دعاية لهذا المعرض، الذي يتضمن كنوز الخزانات المغربية والعربية". نوادر الكتب والمخطوطات وبين رفوف فضاء مركز تكامل المعارف والدراسات، تنبعث رائحة "الورق الأصفر" سافرت عبر العقود، لتنبعث من جديد في مخازن الكتبيين، تجد من بينها أول طبعة ل"صحيح البخاري". وتوضح الكتبية فاطمة بحري أن "هذه الطبعة، التي تعود إلى سنة 1920، متوفرة فقط في نسختين: الأولى بخزانة المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، والثانية بمكتبة آل سعود بالدار البيضاء، وأكيد أنها غير متاحة للقارئ المغربي، اليوم نعرض الأجزاء الثلاثة بقيمة 3500 درهم فقط". خزانة هذا الفضاء البلاستيكي تتضمن مخطوطات في اللغة تعود إلى 200 و600 سنة، وأخرى في الفقه تعود إلى 250 سنة مضت، تتراوح قيمتها المادية بين 4500 و5000 درهم فقط، تقول المتحدثة ذاتها، "لا تعد بمخطوطات قديمة جدا، وبالتالي أثمنتها ليست لها قيمة كبيرة، في حين أننا نتوفر على مخطوطات نادرة لا يمكننا عرضها بهذا الفضاء، خوفا من سرقتها إلا تحت الطلب نظرا لقيمتها المادية"، مشيرة إلى توفرها على كتاب "تاريخ الأندلس" طبع بلندن سنة 1815، والذي تبلغ قيمته المالية 45 مليون سنتيم. غياب دعم المسؤولين تروم مبادرة كتبيي العاصمة الرباط تشجيع الإقبال على القراءة وتمكين الباحثين عن نفائس الكتب غير المتوفرة في المكتبات بأثمنة في المتناول، خاصّة أنَّ الأسعار في أروقة المعرض تنحصر بين درهمين ومائة درهم، يوضح العارض نبيل. ويضيف كتبي فضاء شالة، في حديثه لهسبريس: "على الرغم من توفر كتب بأسعار في متناول القدرة الشرائية للجميع؛ فإن إقبال الزوار على اقتناء الكتاب يظل ضعيفا، خاصة أمام لا مبالاة الشباب بالكتاب". وزاد المتحدث قائلا: "كيف يمكن التشجيع على القراءة، في ظل غياب أي دعم من لدن الجهات المسؤولة؟ مع العلم أن كل كتبي يكتري هذا الفضاء ب5000 درهم، بالإضافة إلى تكاليف النقل والحراسة الليلية وغيرها". إلى جانب الكتب التي تتراوح قيمتها بين درهمين و30 درهما، يعرض فضاء كتبي شالة كتبا نادرة تعود إلى ستين سنة، يوضح العارض سالف الذكر: "على سبيل المثال، نعرض مجلدات ب50 درهما، تضم نسخا لمجلة "العربي" التي تعود إلى سنة 1958 و1959، قمنا بتجميع النسخ وتغليفها لتوريثها للأجيال المقبلة والحفاظ عليها من الاندثار".