قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن حق المواطنين المغاربة في التجمع والاحتجاج كثيراً ما يكون مشروطاً بمدى رضا الحكومة عن الرسالة التي يريدون إيصالها، في إشارة إلى الوقفة التضامنية التي نظمت يوم 8 يوليوز الجاري وفضتها قوات الأمن. وكانت هذه الوقفة التضامنية مع سليمة الزياني، المعروفة ب"سيليا"، المعتقلة في "سجن عكاشة" على خلفية أحداث الحسيمة، عرفت مشاركة العشرات من الحقوقيين، وأصيب إثر تدخل أمني لفضها المحامي عبد العزيز النويضي، ومصور صحافي ومحتجون آخرون. وانتقدت المنظمة، في بيان لها اليوم الخميس، هذا التدخل الأمني، إذ صرحت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قائلة: "رغم أن الدستور يكفل للمواطنين حق التجمع إلا أن الشرطة المغربية قامت بدفع هذه المجموعة الصغيرة من المتظاهرين السلميين ولكمتهم وركلتهم. في المغرب، كثيرا ما يكون حق المواطنين في التجمع مشروطا بمدى رضا الحكومة عن الرسالة التي يريدون إيصالها". وأضافت المنظمة أن "رجال الأمن طاردوا المحتجين ذكوراً وإناثاً، ودفعوهم وانهالوا عليهم بالركل واللكم"، واعتبرت أن "عملية تفريق المتظاهرين انتهكت على ما يبدو حرية التجمع السلمي، وربما استخدمت القوة المفرطة، خاصة في غياب أي أدلة على ارتكاب المحتجين لأي عنف، باستثناء بعض الدفع". ونقلت المنظمة عن خديجة الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أنه "يُفترض أن تحذر الشرطة المعتصمين 3 مرات قبل تفريقهم أو إخلاء المكان بالقوة؛ لكن هذه المرة بدؤوا مباشرة في دفع الناس دون سابق إنذار، مستخدمين ألفاظا نابية في حقهم". وينص القانون المتعلق بالتجمعات العامة على ضرورة إعلام منظمي المظاهرة في مكان عام السلطات المحلية بشكل مسبق، دون الحصول على تصريح مسبق، وللسلطات أن تقرر منعها إن رأت أنها تهدد "الأمن العام"، حسب ما يقتضيه الظهير الشريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية. جدير بالذكر أن ولاية جهة الرباط أصدرت بياناً حول هذه الوقفة التضامنية، أشارت فيه إلى أن "تدخل السلطة المحلية والقوات العمومية جاء من أجل تنفيذ المقتضيات القانونية المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 377 .58 .1 الصادر بتاريخ 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية كما تم تعديله وتتميمه، لاسيما الفصل السابع عشر منه". وينص الفصل 17 من الظهير المذكور على أنه "يمنع كل تجمهر مسلح يقع في الطرق العمومية، ويمنع كذلك في هذه الطرق كل تجمهر غير مسلح من شأنه أن يخل بالاطمئنان العام". وأوضح البيان أن "ممثل القوة العمومية، الحامل للشارة الوظيفية، عمد طبقا لما هو منصوص عليه في الفصل 21 من الظهير أعلاه إلى مطالبة الحاضرين بالانصراف وفض التجمهر لما يشكله من إخلال بالأمن العام وعرقلة لحركة السير والمرور". وأضافت السلطات أن "بعض المتجمهرين أبدوا امتناعا برفضهم فض التجمهر، بل وتعمد بعضهم استفزاز ومواجهة أفراد القوات العمومية وتعريضها للعنف اللفظي والجسدي، ما اضطرت معه القوات العمومية وبتنسيق مع النيابة العامة المختصة إلى التدخل لتفريق هذا التجمهر". وخلف هذا التدخل الأمني في حق الوقفة التضامنية موجة انتقادات امتدت إلى البرلمان، إذ أثار عدد من البرلمانين موضوع التدخلات الأمنية في حق المحتجين السلميين، وطالبوا السلطات باحترام المقتضيات القانونية في التعامل مع الاحتجاجات السلمية.