بعد معاناة طويلة مع التشرد والعيش لأزيد من شهرين داخل سيارة مهترئة ببقعة أرضية بحي "مونفلوري2" بمدينة فاس، تدخلت، صباح اليوم الأربعاء، السلطات ومجموعة من جمعيات المجتمع المدني، وجرى نقل "مهندس الدولة" عبد الفتاح وادي إلى مركز للرعاية الاجتماعية "عبد الهادي التجموعتي". ورفض عبد الفتاح في البداية فكرة الانتقال إلى المركز الاجتماعي سالف الذكر والكائن بالعاصمة العلمية بدعوى أنه سيتعرض مجددا للإهمال، ويفضل الانتقال إلى سكن خاص، ليتدخل بعد ذلك مجموعة من الشباب القاطنين بالمنطقة لإقناعه بالصعود إلى سيارة الإسعاف التابعة للمبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال. وقال أنور راضي، شاب يقطن بالمنطقة ذاتها التي اتخذها وادي ملجأ له، في اتصال بجريدة هسبريس، "رفض عبد الفتاح وادي الانتقال إلى دار المسنين ودخل في مشادات كلامية مع قائد المنطقة ومدير المركز الاجتماعي، إلا أن المسؤولين الحاضرين أكدوا له أنه لن يبيت ليلة واحدة في العراء؛ وهو ما دفعه إلى أن يستسلم ويصعد إلى الإسعاف بمساعدة شباب المنطقة". وأضاف المتحدث ذاته للجريدة: "قمنا بحمل جميع الأغراض الخاصة بعبد الفتاح وادي إلى سيارة الإسعاف بالإضافة إلى كرسيه الكهربائي المتحرك الذي حصل عليه بدار المسنين التي كان يقطن بها قبل أن يغادرها ويتخذ من سيارته المهترئة مسكنا له وقامت السلطات بأخذ سيارته إلى المحجز البلدي". من جهته، قال مصطفى الزهير، مدير المركب الاجتماعي متعدد الاختصاصات باب الخوخة، الذي كان يأوي عبد الفتاح وادي قبل أن يغادره ويختار التشرد: "كان شخصا دائم الاشتباكات مع المسنين، ومتعصبا جدا"، وزاد "لم يتعرض للطرد، كما ادعى في خرجاته الإعلامية؛ بل غادر المؤسسة الاجتماعية بمحض إرادته". وأضاف مدير المركب الاجتماعي، في اتصال بجريدة هسبريس: "ذات يوم أخبرنا بأنه يرغب في زيارة أقاربه، وحصل على إذن المغادرة لمدة ثلاثة أيام فقط؛ إلا أنه لم يعد إلى المركز، بعد انقضاء المدة المحددة"، لافتا إلى أن "جميع العاملين بالمؤسسة كانوا يعاملون عبد الفتاح معاملة خاصة، بحكم أنه يعاني من خلل عقلي ويهلوس باستمرار ويشكك في تصرفات العجزة، ويظن دائما أنه مستهدف من لدن الجميع". وأكد مصطفى الزهير أن "عبد الفتاح وادي، الذي يدعي أنه كان مهندس دولة وتعرض للظلم وسرقت أملاكه، لم يكن مهندسا ولا أستاذا جامعيا... لقد كان شرطيا يشتغل بدولة قطر، وطرد منها بسبب ارتكابه لخطأ مهني، وحصلنا قبل إيوائه على مستندات تثبت طبيعة الوظيفة التي كان يزاولها قبل دخوله إلى المغرب". يذكر أن عبد الفتاح وادي رجل في ال46 من عمره، لقي تعاطفا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تحظى قصته باهتمام كبير من لدن وسائل إعلام وطنية بسبب الحكاية التي سردها: "كنت مهندس دولة سابق، وتعرضت لسرقة أملاكي، وسجنت عدة سنوات، وقطعت ساقاي بسبب تسمم تعرضت له من لدن جهات عليا، وطردت من المستشفى بعد يوم واحد من إجرائي للعملية الجراحية". وتبين فيما بعد أن الرجل يعاني من مشاكل نفسية، ويظن أنه مستهدف من لدن الجميع، وكان يشتغل شرطيا بقطر ولا علاقة له بالهندسة أو أي شيء من الادعاءات التي تفنن في سردها واختلفت تواريخها وأحداثها من منبر إلى آخر.