كشف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أن إجراءات سيتم الإفراج عنها قريبا، وأخرى قيد الدرس، ستشكل "ثورة" في علاقة الإدارة بالمواطن، مبرزا أن هذه الإجراءات تروم بالأساس تغيير الصورة التي يشكلها المواطن عن المرفق العمومي، دون أن يخفي أن هذا الأخير ما يزال يعرف الكثير من الاختلالات، مقابل ثنائه على الموظفين الذين يشتغلون ب"كفاءة" والإشادة بتفانيهم في خدمة المواطنين. العثماني، الذي كان يجيب على أسئلة مستشاري الأمة في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بالغرفة الثانية، قال إن الإجراءات التي تستعد الحكومة لتنفيذها لتحسين أداء الإدارة ومصالحتها مع المواطنين تتضمن إصدار مرسوم يحدد الوثائق المطلوبة من طرف الإدارة وتوحيد خدماتها ونماذجها الإدارية، مسجلا في هذا الصدد أن "أي موظف يطالب المواطن بوثيقة غير موجودة في هذه المعايير الموحدة يعتبر أنه ارتكب خطأ مهنيا". وبعد أن ذكّر بمعاناة المواطنين مع اختلاف الوثائق من إدارة إلى أخرى، أوضح أن مشروع هذا المرسوم جاهز و"نحن بصدد نقاشه مع الإدارات قبل أن نصدره قريبا، وسيصادق عليه في الأسابيع القادمة". وفي إطار الجهوية الموسعة، أعلن رئيس الحكومة عن ميثاق جديد يروم اللاتمركز الإداري، يهدف، بحسبه، إلى تقريب الإدارة من المواطن، بحيث "سيتم نقل جزء من الصلاحيات المركزية إلى الجهات"، مبرزا أن هذا الميثاق سيصدر بدوره قريبا بعد أن يتم الانتهاء من مناقشته داخل عدد من القطاعات الحكومية. إجراء آخر كشف عنه العثماني يتعلق بمسطرة الإشهاد على مطابقة الوثائق لأصولها، الإجراء الذي وصفه مع وجود البطاقة الوطنية الجديدة بغير المجدي، وتابع بالقول: "البطاقة الوطنية لا تحتاج إلى المصادقة، نحن بصدد دراسة إمكانية إلغاء هذا الإجراء؛ بحيث سيمكن من تسهيل الأمور على المواطن وتجنيبه التنقل بين مصلحة وأخرى". ومن بين إجراءات أخرى قيد الدرس، أفصح العثماني عن توحيد الرقم الموحد للمواطن ليصاحبه طيلة حياته، بدل اختلافه بين المجال الصحي (التغطية الصحية) والأمني (البطاقة الوطنية) وغيرهما من المجالات. وفي الوقت الذي اعتبر فيه المسؤول الحكومي أن إصلاح الإدارة يهم كل مواطن ومواطنة بصفة يومية، ويهم المقاولة أيضا للنشوء وللتطور وإنتاج الثروة، أكد أن البرنامج الحكومي يتضمن عددا من الحلول وحزمة من الإجراءات وفق مقاربة شمولية وتشاركية، ويتعلق الأمر باعتماد الإدارة الرقمية، ومراجعة منظومة الوظيفة العمومية، وتسهيل الاستقبال وتبسيط الإجراءات، وتعزيز منظومة النزاهة، والاستمرار في استراتيجية محاربة الفساد. ورسم العثماني معالم تصور الحكومة لهذا الإصلاح عبر ثلاثة محاور أساسية هي تحسين علاقة الإدارة بالمواطن، وتثمين العنصر البشري، وتطوير الحكامة داخل الإدارة. ويأتي على رأس هذه الإجراءات اعتماد نظام موحد للاستقبال في المرافق العمومية، مضيفا أن من بين ما تم وضعه تحت تصرف المواطنين، في هذا الصدد، إحداث مركز للإرشاد والتوجيه وتلقي الشكايات (الرقم 37 37)، موضحا أن الرقم مشغل حاليا، وقد استقبل منذ 9 ماي الماضي، موعد انطلاقه، ألفين و447 اتصالا ورسالة إلكترونية عبر البريد الإلكتروني وصفحة "فيسبوك". وزاد رئيس الحكومة أن من بين هذه الإجراءات أيضا إعداد ميثاق للاستقبال يهدف إلى استقبال المواطنين بشكل لائق، قائلا: "الكثير من الموظفين لا يعرفون معايير الاستقبال اللائق، وهذا الميثاق مرجعي يبين هذه الإجراءات وحدودها، وحتى المواطن يمكنه معرفة هذه المعايير والشكاية في حال خرقها"، مسلطا الضوء على عدد من الآليات لتحقيق هذه الأهداف. وحدد العثماني هذه الآليات في أربع، هي إحداث وحدة خاصة بالتقائية السياسات العمومية (توحيدها)، ووحدة تتبع تنفيذ البرنامج الحكومية المنصوص عليها في هذا البرنامج تشتغل تحت الإشراف المباشر لرئيس الحكومة، ووحدة تتبع التقارير الصادرة عن هيئات الحكامة والرقابة الوطنية، ثم آلية تقييم السياسات العمومية.