تقف بجانب ما يمكن أن يسمى مجازا "أثاثا"!، تندب حظها العاثر الذي رمى بها في "كاريان مونتيكي" في الحي المحمدي بقلب مدينة الدارالبيضاء. فاطنة؛ ببشرتها التي أنهكها الزمن، لم تجد سوى البكاء حسرة على الظروف التي أوجدتها بهذا المكان، في وقت لا تملك فيه حولا ولا قوة للانتقال إلى منزل يصون كرامتها في انتظار "شقة الدولة" التي قد تأتي، وقد لا تأتي! بكاء ونواح، إغماءات وصراخ، مشاهد عاينتها جريدة هسبريس، اليوم الاثنين، حين شرعت جرافات السلطات المحلية بالحي المحمدي في هدم براريك "كاريان مونتيكي"، المحاذي لمقاطعة درب مولاي الشريف. "لا أعرف أين سأذهب أنا وابنتي، لا معيل لنا؛ فالزوج متوفى والابن في السجن"، تقول فاطنة، التي هدمت السلطات اليوم "منزلها"،مضيفة: "أشتغل خادمة في البيوت، ولكل يوم رزقه، ولا يمكنني أداء أي مبلغ لكراء منزل". ونفت فاطنة، بشكل قاطع، أن تكون سلطات الحي المحمدي قد أبلغتهابأي إشعار من أجل الهدم، مؤكدة أن هذه السلطات لم تحدد لسكان "الكاريان" الجهة التي سيتم نقلهم إليها. وضع هذه الأرملة لا يقل سوء عن وضعية الباهي، الذي اعترض على هدم جرافات مرفوقة برجال الإنعاش الوطني، ل"براكته"، وعبّر عن رفضه للحلول التي قدمتها الجهات المختصة مقابل الهدم، متمثلة في الحصول على شقة ب"حي الرحمة" أو "عين حرودة". وقال المتحدث ضمن تصريح لهسبريس:"السكان يرفضون الانتقال إلى شقق، نحن نطالب بتسوية وضعيتنا على غرار المستفيدين السابقين الذين حصلوا على بقع أرضية"، موجها نداءه إلى الملك محمد السادس للتدخل لمنحهم البقع الأرضية التي وعدوا بها. وعلى الرغم من اعترافه بأنه لا يطيق العيش وسط "البراكة" التي لا يتوفر فيها حتى على مرحاض، ما يضطره إلى التوجه إلى المقهى لقضاء حاجته، بينما زوجته تلجأ إلى "براكة" الجيران للغرض نفسه، إلا أنه شدد على أنه لن يغادر المكان إلا حين منحه، رفقة باقي الرافضين لقرار السلطات، بقعة أرضية، وليس دفعهمإلى الكراء الذي لا يستطيعون أداء سومته. وكانت الصدمة بادية على محيا الطفلة آية، التي تفاجأت بكون معاول رجال الإنعاش الوطني بدأت تهدم منزلها في غياب والدها، كشفت أن هذا التدخل خلف لها رعبا وهلعا من سقوط جدران "المنزل" عليها، قبل أن يتدخل الأب الذي منعهم من مواصلة الهدم. وندد عدد من أبناء الحي الصفيحي بالطريقة التي تعاملت بها السلطات معهم، خاصة أنها لم تقدم ضمانات من أجل تغيير مكان إقامتهم. من جهته، أكد مصدر من السلطات المحلية، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الأسر التي تم هدم دورها الصفيحية "ستستفيد من بقع أرضية بتجزئة الرياض 1 بسيدي حجاج التابعة لإقليم مديونة". وأشار إلى أن عدد "البراريك" التي تم هدمها بالدوار المذكور وصل إلى 166، مضيفا أنه تم إبلاغ المعنيين بالأمر قبل أسبوعين بقرار الهدم، بعدما تمت دراسة ملفاتهم وتم التأكد من استيفائها للشروط القانونية المطلوبة. و"بالرغم من كون عدد البراريك يصل إلى 166، فإن عدد المستفيدين بلغ 235، ما يعني أن أسرا استفاد أبناؤها المتزوجون أيضا في هذه العملية التي تدخل ضمن مخطط القضاء على دور الصفيح في الدارالبيضاء"، يقول المصدر ذاته. مصدر آخر من السلطات المحلية أكد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الأسر التي تم هدم "براريكها" ستستفيد من شقق بحي الرحمة في الدارالبيضاء، أو بجماعة عين حرودة. وقال المتحدث: "السلطات تعمل على هدم المنازل التي تم التوصل بملفات الاستفادة التي قدمها أصحابها، بينما تدخل في مفاوضات لإقناع الآخرين بمغادرة البراريك من أجل الحصول على شقق في الأحياء المذكورة".