اضطرّ منظمو مهرجان الصويرة لموسيقى كناوة وموسيقى العالم، في آخر ليلة من ليالي المهرجان، إلى إرجاع ثمن التذاكر لمجموعة من الجمهور الذي حضر إلى دار لوبان لمتابعة حفل أحياه كل من المْعلم عمر حياة، والإخوة بوني، والمعلم عزيز باقبو، وكان مبرمجا أن يشارك فيه أيضا المغني الجزائري أمازيغ كاتب. الأجواء داخل دار لوبان، التي لا يُسمح بالولوج إليها إلا بالنسبة إلى الجمهور المتوفر على تذاكر الدخول، كانت احتفالية منذ انطلاق السهرة الختامية، واستمرّت على ذلك النحو إلى غاية حوالي الساعة الثانية صباحا، حين توسّط كريم زياد، المدير الفني لمهرجان كناوة، باحة دار لوبان، وأخبر الجمهور بأن أمازيغ كاتب لن يحضر، بسبب وعكة صحية طارئة ألمّت به. الجمهور لم يتقبّل عدم حضور الفنان الجزائري المعروف، إذ سرعان ما انطلق الصفير، قبل أن ترفع مجموعة من الحاضرين خلال الحفل شعار "Amazigh ou rembourser"، أي "إما أن يحضر الفنان أمازيغ أو أعيدوا إلينا نقودنا"؛ ليقترح كريم زياد حلا آخر، تمثل في تعويض الفنان الجزائري بالفنان الكناوي باقبو، لينقسم الجمهور إلى فريق مؤيد وفريق رافض. المدير الفني لمهرجان كناوة اضطر تحت إلحاح الرافضين إلى الاستجابة لمطلبهم، وطلب منهم الالتحاق بالمسؤول عن الصندوق ليعيد إليهم ثمن التذاكر التي اقتنوها؛ لكنهم سرعان ما عادوا إلى الاحتجاج، بسبب غياب المسؤول المعني، وتوقف الحفل لبضع دقائق إلى أن جرت تسوية المشكل، حيث غادر مجموعة من الجمهور، وبقي آخرون يتابعون الحفل الذي أحياه الفنان باقبو وكريم زياد نفسه. وعلى عكس التوتر الذي ساد دار لوبان، عاشت باقي المنصات التي احتضنت آخر سهرات مهرجان الصويرة لموسيقى كناوة وموسيقى العالم أجواء احتفالية إلى غاية دنوّ الفجر، وخاصة منصة ساحة مولاي الحسن، التي غصَّت عن آخرها بآلاف الجماهير التي جاءت لحضور حفل المغني البرازيلي كارلينوس براون، والذي سبق أن أحيى حفل الافتتاح بالمنصة نفسها مع المعلم سعيد ومحمد كويو. الفنان البرازيلي استطاع أن يُرقص جمهور ساحة مولاي الحسن على إيقاعات الموسيقى البرازيلية منذ انطلاق حفله بعد منتصف الليل، إلى غاية الساعة الرابعة صباحا؛ واستطاع أن يجعل الجمهور، الذي كان في أغلبه من الشباب، يتفاعل مع أغانيه ويرقص على إيقاعها إلى نهاية الحفل، الذي استقطب أكبر عدد من الجمهور منذ انطلاق مهرجان كناوة يوم الخميس الماضي. حماسُ الفنان البرازيلي لم يفْتر طيلة ثلاث ساعات ونصف الساعة التي دامها حفله، إذ ظل يجوب المنصة طولا وعرضا، ونزل مرتين عند الجمهور الذي استقبله بحرارة، وتفاعل حتى مع المصورين الصحافيين، إذ طلب منهم الصعود إلى المنصة لأخذ صور له مع جمهور مدينة الصويرة، التي قال إنها تشكل ساحة فريدة للتعايش بين مختلف أجناس البشر في جو من التآخي والمحبة والسلام. وكانت الأغنية الأخيرة التي أداها كارلينوس براون ضمن حفله الساهر إعلانا عن إسدال الستار على الدورة العشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بمدينة الصويرة، الذي قالت عنه منتجته نائلة التازي إن منظميه مصرون على أن يستمر لسنوات أخرى طويلة، "ونأمل أن نلتقي مجددا بعد عشر سنوات، بل وبعد عشرين أو ثلاثين سنة".