في تفاعل إيجابي فريد، رقص الجمهور الحاضر على إيقاعات موسيقى نجوم اليوم الأول من المهرجان، ولم يبخل ضيوف المهرجان من القارات الخمس وأبرز "لمعلمين" الذين أحيوا عروض يوم أمس الخميس، على عشاق نغمات الجاز وكناوة، فقدموا أجمل ما جادت به حناجرهم وآلاتهم الإيقاعية. وقبل انطلاق حفل الافتتاح الرسمي للمهرجان، جرى استعراض الفرق الفلكلورية المشاركة في لوحات فنية مستوحاة من التراث الكناوي، في جولة فنية امتزج فيها الرقص والغناء بكافة ألوان الفن الكناوي، وأزيائه التقليدية، لتعطى بعد ذلك انطلاقة الحفل الرسمي، الذي شق طريقه نحو أسوار ساحة مولاي الحسن. وتألق في الساحة المذكورة، ليلة أمس، كل من العازف الموسيقي حوميون خان، و"لمعلم" حميد القصري، حيث التقى السيتار بالكمبري، مقدمين توليفة متناغمة كرمت التقاليد الموسيقية العريقة. وبعرض فني استثنائي أمتع لمعلم مصطفى باقبو وميكيل نوردسو باند من الدانمارك الجمهور في الساحة ذاتها، في حين التقى محبو النغمة العيساوية مع فرقة حمادشة الصويرة، في إطار الحفلات الموسيقية الحميمية، المقامة في رياض "دار الصويري"، إلى جانب "لمعلم" عبد النبي كيداري. وفي"الزاوية العيساوية"، المقر الديني والمركز الروحاني، جمع حفل موسيقي حميمي آخر بين لمعلم عبد الله أخاراز ولمعلم سعيد البوركي. وسيكون جمهور "موكادور" اليوم الجمعة، على موعد جديد مع ألوان المزج الموسيقي، الفريدة والمدهشة، التي تكسر الحواجز بين الأجناس الموسيقية، وتشهد ساحة مولاي الحسن في سهرة الليلة عرضا فنيا رائعا يجمع بين العازف الموسيقي المتمرس صوني تروبي، و"لمعلم" عمر حياة، البارع في مجال المزج الموسيقي. وفي الساحة نفسها، من المنتظر أن يتألق عازف الطبول العصرية، الأسطوري طوني ألين، و"لمعلم" محمد كويو، الشغوف بعالم "تاكناويت". وستطل سفيرة الموسيقى الأمازيغية هند زهرة، على جمهور الصويرة، عبر المنصة نفسها، لتقدم أجمل ما أدت، وأحدث أغانيها، التي تحظى بشعبية واسعة. وتتوالى عروض المهرجان على مدى الثلاثة أيام المتبقية، تصدح فيها أسماء ألمع نجوم الجاز و"كناوة"، من بينهم أمادو باجايوك، وساليف كيتا، وليزومباسدور، وباري، والطفل المعجزة مهدي ناسولي، بالإضافة إلى مجموعة "دركا" وآخرون. كما سيستمتع ضيوف المهرجان، بلقاءات فنية وعروض موسيقية عديدة، منها سهرة لمعلم حسن بوسو، وكيني كاريت من الولاياتالمتحدةالأمريكية، في حين سيجمع عرض آخر بين لمعلم محمود كينيا وكريم زياد من الجزائر. ومن فقرات المهرجان أيضا، محطة يطلق عليها "شجرة الكلمات"، وهي عبارة عن منتدى للحوار والتبادل أحدث سنة 2006، يعقد كل ظهيرة، ابتداء من الساعة الرابعة بالمعهد الفرنسي للصويرة، حيث يجري حوار حر في جو حميمي بين فناني كناوة وضيوف موسيقى العالم. وأكد عبد السلام عليكان، المدير الفني للمهرجان، أن هذا الأخير، مبني على حمولة ثقافية كبيرة جعلت الشباب المغربي يميل لتراثه من خلال إنشاء مجموعات فنية راقية أصبح لها صيت عالمي، مبرزا أن دورته لهذه السنة ستتميز بمشاركة فنانين عالميين كبار، سيأتون لملاقاة كناوة (لمعلمين) بروح التقاسم والحوار في إطار أعمال فنية ثنائية. فيما أكدت نائلة التازي، منتجة ومديرة المهرجان، أن الدورة 18، لم تكتف بأمجاد الماضي، بل نجحت في تجديد هذه التظاهرة، دون التنكر لخياراتها وطموحاتها الأولية. فرغم الإكراهات المالية والتنظيمية، وفترات الأزمة ومقاومة بعض الأطراف، كان المهرجان كل سنة في مستوى الجمهور والفنانين والشركاء، الأوفياء أو الظرفيين. وأضافت، في تصريح سابق، أن الطاقم المنظم للمهرجان، بحكم المسار الذي سلكه، والعقبات التي تخطاها، والمغامرة الإنسانية والموسيقية التي أطلقها وعايشها بحدة، من حقه أن يأمل يوما ما في تحقيق استدامة المهرجان على أسس صلبة. قال إنه يستعد ل'ديو' جديد مع حومايون خان وأسماء لمنور القصري: لا أتخيل مهرجان كناوة بدوني عبر "لمعلم" حميد القصري، الذي أصبح رمزا من رموز مهرجان كناوة وموسيقى العالم، عن سعادته بالوقوف من جديد على خشبة مسرح هذه التظاهرة الكبرى، وعن اعتزازه بلقاء النجم الأفغاني حومايون خان، العازف الموسيقي البارح، بعد أن افتتحا فعاليات الدورة 18 للمهرجان. أكد القصري أنه لا يتخيل مهرجان كناوة بدونه، معتبرا إياه فرصة للقاء البارعين في أداء الموسيقى الإفريقية والنغمات الأصيلة. عن المهرجان وجديده الفني مع أسماء لمنور وحومايون، كان للقصري مع "المغربية" الحوار التالي. لا يمكن الحديث عن مهرجان كناوة دون الحديث عن القصري، ما سر العلاقة التي تجمعك بهذه التظاهرة؟ السر يكمن في حب "تاكناويت" و"لمعلميين"، وطقوس المهرجان العريقة التي تذكرنا بتاريخ تاكناويت لا يمكن أن أتخيل المهرجان دوني، هذا المهرجان الذي يخول لنا فرصة اللقاء بنجوم عالميين بارعين في أداء اللون الموسيقي الإفريقي، يجمعنا حب الموسيقى وتجمعنا الصداقة تحت سماء موكادور، هذه المدينة العريقة والهادئة. ولا يمكن لأحد أن ينكر بأن مهرجان كناوة منح إشعاعا ونكهة خاصة لهذه المدينة، ولهذا اللون الغنائي بصفة خاصة. من وجهة نظرك، فيما تختلف الدورة 18 عن سابقاتها؟ أعتقد أن "معلمي كناوة" اكتسبوا من الخبرة والتجربة، ما يؤهلهم لتقديم دورة استثنائية وفريدة، وبذل الجهد المضاعف لإدخال الفرحة لقلوب جمهور متعطش لهذا اللون الموسيقي، فيحج بكثافة من أجل أن يغذي روحه بالإيقاعات الإفريقية والمدائح النبوية. وبدا واضحا حماس نجوم المهرجان قبل الأيام القليلة التي سبقت المهرجان، حيث كان "المعلمين" يستعدون للدورة 18، بقوة، ويحرصون على قضاء فترات طويلة في التدريب. التقيت هذه السنة في حفل افتتاح المهرجان مع الفنان الأفغاني حومايون خان، ماذا مثل لك ذلك؟ سبق أن التقيت مع حومايون قبل 3 سنوات، وأؤكد على أنه فنان عاشق ل"تاكناويت"، كان متحمسا لحضور مهرجان كناوة، وبدوري سعدت كثيرا بالتعاون الفني معه، وكنت متحمسا أيضا. خضت تجربة الديو مع مجموعة من الفنانين، سواء على خشبة مسارح كناوة أو من خلال الألبومات الغنائية أو السينغل، كيف كانت تلك التجارب بالنسبة إليك؟ أنا فنان عاشق للنغمة والموسيقى بجميع أنواعها، لذلك أجد نفسي منفتحا على كافة الأجناس الموسيقية، ومستعد للتعاون مع أي صوت جميل. وأؤكد أنني أفتخر بأن أتقاسم الغناء مع النجوم المغاربة والأجانب، شرط أن يضيف ذلك العمل الفني للمسار الفني لكلينا، ويساهم في بلوغ الأغنية المغربية الصدارة. وفي هذا الإطار، أعد الجمهور بتقديم أعمال فنية مشتركة، بلهجة كناوية وموسيقى مدروسة ومواضيع يستوعبها. في حال ما إذا فكرت في إعادة تجربة الديو، من ستختار من الفنانين؟ بما أنني أعشق الموسيقى بصفة عامة، وهو الأمر الذي ساعدني على وضع بصمتي في الموسيقى الكناوية، أرحب بأي تعاون فني، ولا أخفي عليك أن هناك مشروعا فنيا مرتقبا مع الفنانة أسماء لمنور، التي تحب بدورها فن "تاكناويت"، إذ من المنتظر أن نقدم معا قطعة حمدوشية، كما سأقدم إلى جانب النجم الأفغاني حومايون قطعة كناوية باكستانية. قدمت حفلات عديدة في العالم العربي وأوروبا، كيف يتجاوب الجمهور هناك مع موسيقى كناوة، مقارنة بالجمهور المغربي؟ أكيد أن الجمهور المغربي متشبث أكثر بالتراث الكناوي، لكنني أندهش فعلا عندما أحيي حفلات خارج المغرب، في دبي وألمانيا وغيرها، وأجد الجمهور الأجنبي يتجاوب وينفعل مع الإيقاعات الكناوية والنغمات المغربية الأصيلة، وأحيانا لا يدعوني أنزل من منصة المسرح. وأؤكد أن "كناوة" أصبح فنا قائما بذاته، ساهم في تألقه وبروزه في العالم المزج بين أنغامه وبين إيقاعات أخرى إفريقية. أين يصنف حميد القصري فن كناوة في المغرب، وفي أي مرتبة يضعه بالمقارنة مع باقي الأجناس الغنائية؟ لا يمكن لأحد أن ينكر أن روح "تاكناويت" وإيقاعاته حاضرة في جميع الأجناس الموسيقية الأخرى، بما فيها العيساوية، والأمازيغية، والشعبية، وموسيقى الجاز، وغيرها، وأعتقد أن ذلك سر عشق الجمهور المغربي والأجنبي لها اللون الغنائي، الذي نتمنى له مزيدا من الازدهار. منتدى الصويرة: نساء إفريقيا على طاولة النقاش بمهرجان 'كناوة' تنطلق، اليوم الجمعة، دورة جديدة من منتدى مهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي اختار المنظمون تركيز النقاش فيه هذه السنة، حول "نساء إفريقيا: إبداع ومبادرة". ويواصل المهرجان هذه السنة التفكير حول موضوع "إفريقيا القادمة"، وخلق فضاء للنقاش والحوار بين ثلة من المتدخلين المرموقين على الصعيدين الوطني والدولي، على مدى يومين، من التاسعة والنصف صباحا إلى الواحدة والنصف بعد الظهر بفندق أطلس الصويرة. وكانت نائلة التازي، مديرة ومنتجة مهرجان كناوة موسيقى العالم بالصويرة، أكدت، في تصريحات سابقة، قائلة إن "هذا المهرجان يعد امتدادا طبيعيا وثقافيا وموسيقيا للتوجه الديبلوماسي والثقافي والاقتصادي الجديد للمغرب في إفريقيا"، مضيفة أن "الدورة الرابعة من المنتدى، الذي انطلق في 2012، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ستكون مناسبة لتقديم توضيحات حول الدور الرئيس، الذي تضطلع به النساء في تحويل القارة". وأوضحت نائلة أنه لا شك في أن النساء يمثلن أهم الفاعلين المحركين لعجلة الاقتصاد ليس فقط في إفريقيا بل في العالم بأسره، فهن حاضرات بقوة في شتى المجالات، وأضحين يتبوأن مراكز بارزة، وليس في نيتهن إطلاقا العودة إلى الظل الذي لطالما أجبرن على التواري خلفه. وستشكل هذه الثورة الحقيقية، حسب بلاغ، توصلت "المغربية" بنسخة منه، محور نقاشات المنتدى، بحضور أساتذة وعلماء أنثروبولوجيا وعلماء اجتماع ورؤساء مقاولات ومناضلات وفنانين سيتقاسمون تجربتهم بهذه المناسبة من خلال أربع موائد مستديرة تتصل ب "الأسرة تعيش ثورة" و"البروز المهني الجديد للنساء"، و"النساء والإبداع"، و"النساء والسياسة". الجدير بالذكر أن هذا الموعد السنوي سيستضيف، على الخصوص، عالمة التاريخ صوفي بيسيس، والمغنية المالية أومو سانغاري، والأستاذة المغربية رجاء شرقاوي المرسلي المتخصصة في فيزياء الطاقة العالية، والفيزياء النووية والوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة، ورئيسة أرباب المقاولات التونسية وداد بوشمعاوي، ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بنصالح شقرون. موسيقيو العالم يلتقون كناوة بروح التقاسم والحوار * تعتبر الدورة 18 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة مثل سابقاتها، إذ تم إعدادها بالإيمان والالتزام نفسيهما. هذه السنة أيضا، سيأتي موسيقيو العالم لملاقاة كناوة، بروح التقاسم والحوار. * وتشمل البرمجة هذه السنة حفلات موسيقية فردية وأخرى للمزج، سهرات إيقاعية و"ليلات"، ملتقيات وندوات، لن تحيد عن * القاعدة، حيث سيشمل جدول أعمالها مرة أخرى الجودة والأصالة والتقاسم. * وستعمل الحفلات الموسيقية الانتقائية على تحقيق التوازن بين كناوة والجاز والاكتشافات الموسيقية، وسيقدم فنانون موهوبون عروضهم كل مساء في ساحة مولاي الحسن، التي أصبحت رمزا للمهرجان، وفي * الأماكن الأسطورية للمدينة وعلى الشاطئ.... هذا العام ستقدم فرقة "ليزومباسادور" (السفراء) عرضا شيقا، أما المجموعة الأسطورية ورمز حيوية الموسيقى الإفريقية فأكدت عودتها إلى طليعة الساحة الفنية، وهذا بمثابة وعد وفا به المهرجان: الحفاظ على تجذره في إفريقيا. * من جهة أخرى، سيكون "لمعلمين" الأوفياء، مرة أخرى، مضيفين ومدعوين في الآن ذاته. أما الجمهور، فإن إدارة المهرجان تنتظر منه أن يكون مرحا، فضوليا ومهتما بالتجارب الموسيقية الجديدة كالمعتاد. وأخيرا، في هذه الظروف العصيبة، سيعمل مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة، الذي يدافع عن صورة أفضل للعيش معا، على * أن يكون عملا من أعمال المقاومة والتصدي للميولات الظلامية ولإغواء الانعزال على الذات. فليكن حضورنا في المهرجان حضورا قويا، مرة أخرى.