قال مدير قناة "الجزيرة" الإنجليزية، جايلز تريندل، إن شبكة قنوات "الجزيرة" مستمرة في طريقها، وستظل ملتزمة برسالتها، مشددا على أنها لن تغير خطابها بطلب من أحد. وفي مقابلة صحافية في الدوحة، قال تريندل: "الجزيرة مستمرة في عملها الملتزم بقيمها على أساس المهنية ونقل الأخبار بشكل واضح وصريح، ومستمرون في الالتزام بسياستنا التحريرية". وأضاف موضحاً: "سياستنا التحريرية تقوم على تغطية الأحداث بدقة وأمانة، وبشكل شامل ومثالي ومنصف، وهذا أساس عملنا". وقدمت كل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، عبر دولة الكويت، قائمة تضم 13 مطلبًا إلى دولة قطر، من بينها إغلاق شبكة "الجزيرة" والمحطات التابعة لها، وهي القائمة التي وصفتها الدوحة بأنها "ليست واقعية ولا متوازنة وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ". تريندل اعتبر أن "التضييق الذي تتعرض له الجزيرة ليس جديداً"، وقال: "الشبكة تعرضت كثيراً لمضايقات مثل التي تحدث الآن، قبل عام 2011 وما بعده؛ إذ تم إغلاق وقصف مكاتب لها، واعتقال صحافيين يعملون لديها؛ فالمسالة تمتد إلى ما قبل ذلك، وليس فقط في المرحلة الحالية". ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت "الجزيرة"، في ظل الضغوط التي تتعرض لها، ستُقدّم تنازلات أو تُغير من خطابها من عدمه، قال المسؤول نفسه: "سنستمر في عملنا وأداء دورنا الصحافي، ونقل الخبر بأمانة ودقة وصدق وعدل، وطرح الأسئلة الصعبة على مراكز القرار أينما كانت"، وأضاف مشدداً: "لا نستطيع أن نخفف من عملنا وأدائنا؛ لأن حكومة ما تطلب منا ذلك". الجزيرة و"الربيع" ولإبداء وجهة نظره بشأن أسباب إدراج مطلب إغلاق قناة الجزيرة ضمن مطالب الدول الخليجية الأربع التي تفرض عقوبات على قطر، قال تريندل: "منذ 2011 تولت الجزيرة مهمة تغطية أخبار ما سُمي بالربيع العربي؛ حيث نقلت مطالب جيل جديد من الشباب، وعرفت بتطلعات رجل الشارع والإنسان العادي والبسيط". وأضاف: "أرى أن هناك حكومات وأنظمة في المنطقة تشعر بالتهديد من موجة المطالب والآمال والإعراب عن التطلعات والتفاؤل بمستقبل جديد". واعتبر أن "هذا سبب واحد فقط من الأسباب التي جعلت الجزيرة تسلط عليها الأضواء الآن بهذه الطريقة، وأن يكون إغلاقها أحد المطالب". وحول اتهام الجزيرة ب"التحريض على ظهور الربيع العربي"، قال تريندل: "هناك فرق حيوي؛ الجزيرة نقلت وغطت هذا التحرك والتغيير لكنها لم تُحرض عليه، ولم تؤد إلى وقوعه". وأضاف موضحاً: "الحالة من الثورة أو الانتفاضة كانت عفوية ووليدة اللحظة ومشاعر الناس، ونحن قمنا بتغطيتها، وتابعنا أحداثها فقط". تريندل استغرب كذلك اتهام "الجزيرة" بدعم "داعش" و"القاعدة" و"حزب الله" و"الإخوان المسلمين" و"حماس" و"أمريكا وإسرائيل". وقال ساخراً: "تحتاج إلى أن تكون ساحراً حتى تستطيع تقديم الدعم لكل هذه الأطراف في الوقت نفسه"، في إشارة إلى كونها "أطرافا متضاربة المصالح والتوجهات، وبعضها معاد للآخر". وتابع المتحدث: "أستطيع أن أتحدى أن يأتي أحد بمحتوى أو برنامج تعرضه الجزيرة يثبت دعمنا لهذه المنظمات. محتوى القناة معروف ومتاح الكترونياً، ويمكن للجميع الاطلاع عليه". ورأى أن "الاتهامات تعد بمثابة تمويه على الواقع، ولا تمثل القضية الحقيقة". واستطرد: "هذه الموجة تعبر عن رغبة استبدادية، وتعتبر بمثابة قرارات قمعية الغرض منها قمع الناس، وهذا هو الهدف الأساسي". حصار الشبكة ولافتاً الانتباه إلى بعض الإجراءات التي طالت "الجزيرة" في سياق الأزمة الخليجية الراهنة، قال تريندل: "مكاتبنا جرى إغلاقها في السعودية والأردن، كما تم حجب إشارات البث والمواقع الإلكترونية التابعة للشبكة. ومنعت السعودية تشغيل قنوات الجزيرة في الفنادق والأماكن السياحية، وفرضت غرامات على من يخالف ذلك". ومعقباً على ذلك، قال المسؤول في قناة الجزيرة: "نحن ندين هذه الاجراءات بشدة، ونطالب كل الحكومات باحترام حق الصحافة والصحافيين والإعلام، وضمان حرية التعبير، وحرية وصول المعلومة إلى الناس كحق طبيعي لهم". وأضاف: "نرى أن أي رغبة في إغلاق الجزيرة هي محاولة لتكميم الأفواه، ومصادرة لحق التعبير وإيصال المعلومة إلى الناس". وشدد تريندل على أن "الجزيرة ستستمر على نهجها، وستظل ملتزمة برسالتها، وهي مهمة ضمان حق التعبير الذي هو حق للجميع؛ فليس من حق أي أحد أن يحرم الناس من هذا الحق". وأعرب عن استغرابه من مطالبة دول قطر بإغلاق شبكة قنوات الجزيرة، قائلاً: "المطالبة بإغلاق الجزيرة يشبه أن تطلب ألمانيا من بريطانيا إغلاق هيئة الإذاعة البريطانية BBC" وبشأن احتواء قائمة مطالب الدول المحاصرة لقطر إغلاق مواقع إلكترونية وقنوات أخرى ترتبط بكونها مدعومة من الدوحة، قال تريندل: "أي محاولة لتكميم أي وسيلة إعلامية هو حرمان للناس من حقهم الطبيعي في التعبير والحيلولة دون وصول المعلومة إلى الناس". وشدد على أن "وجود إعلام منفتح وحر هو ركيزة أساسية لأي مجتمع حر ديمقراطي فيه احترام للحريات والحقوق. وعندما يناقش ويخاطب الإعلام الجميع وكافة الأطياف، فهذا دليل على أن المجتمعات تعيش حالة صحية". مواقف حقوقية كانت منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان وحرية الرأي وحماية الصحافيين شجبت مطلب "دول الحصار" بإغلاق شبكة الجزيرة. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان، إن "مطالبة الحلفاء بإغلاق شبكة الجزيرة ليس عقابا لقطر، بل هو عقاب لملايين العرب في المنطقة بحرمانهم من تغطية إعلامية مهمة". كما اعتبر "الاتحاد الدولي للصحافيين"، في بيان له، أن "مطلب إغلاق الجزيرة سيؤثر على حرية التعبير في العالم"، مضيفا أن "الجزيرة مصدر معلومات للمواطنين في الشرق الأوسط وغيره". وفي 5 يونيو الجاري قطعت السعودية والإمارات والبحرين، إضافة إلى مصر، علاقاتها مع قطر، وفرضت الدول الثلاث الأولى حصاراً برياً وجوياً عليها، لاتهامها ب"دعم الإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة مشددة على أنها تواجه حملة "افتراءات" و"أكاذيب" تهدف إلى فرض "الوصاية" على قرارها الوطني. *وكالة أنباء الأناضول