مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفَّار‮ ‬الذاكرة‮ ‬يعيدني‮ ‬إلى‮ ‬المنفى
نشر في هسبريس يوم 03 - 08 - 2011

انتابني شعور غريب يلح على اختبار مفكرتي بإخلاص وصفاء ناذرين، فقررت تجريب حظي مع متعة الوفاء لذاكرتي، والنبش في شقوق مفكرتي، والعودة إلى الينابيع، عساني اخلع عنها صمت الحرائق، وكسل المسافات الممتدة في ذكريات النسيان.
وأنا أجاهد في تخطي ترددي العابر للأيام والأمسيات، نادتني صورة عارية الصوت، تمتحن أسراري ووفائي. تضغط على غصتي. إنها الصورة التي اختطفها رجال المخابرات من منزلي، يوم اقتحموا بيتي ذات مساء، بحي سيدي بوجيدة في مدينة فاس، من دون إذن ولا إعلان مسبق.. فاعتقلوني ومن‮ ‬معي. ‬صورة‮ ‬مكبرة‮ ‬مع‮ ‬المرحومة‮ ‬أمي‮ ‬وهي‮ ‬تعانقني،‮ ‬وشعر‮ ‬رأسها‮ ‬مفسوخ،‮ ‬ناعم‮ ‬وذو‮ ‬ملمس‮ ‬حريري،‮ ‬تحسسني‮ ‬في‮ ‬نظرتها‮ ‬الحنونة‮ ‬بتعاطفها‮ ‬الكامل.
فتحت‮ ‬نوافذ‮ ‬البدايات‮ ‬على‮ ‬مصاريعها.. ‬كلمتني‮ ‬بهجتي‮ ‬وانشرحت‮ ‬فرحتي،‮ ‬خوفا‮ ‬من‮ ‬شيخوخة‮ ‬الذاكرة،‮ ‬وصدأ‮ ‬التردد. ‬نادتني‮ ‬أطوار‮ ‬تجربتي‮ ‬وانتشلتني‮ ‬من‮ ‬قلب‮ ‬زخم‮ ‬الأحداث. ‬
من‮ ‬مخلفات‮ ‬جلدي‮ ‬القديم..
من‮ ‬دفاتر‮ ‬الدروس‮ ‬الأولى..
من‮ ‬أيام‮ ‬مراهقتي‮ ‬وحبال‮ ‬جسوري..
من‮ ‬معالم‮ ‬قريتي‮ ‬وطفولتي‮ ‬الزائغة..
من‮ ‬زهرة‮ ‬وصفاء‮ ‬أحلامي‮ ‬السعيدة.. ‬
من‮ ‬أيام‮ ‬العشق‮ ‬والحنان،‮ ‬وسط‮ ‬انحناءات‮ ‬سنابل‮ ‬القمح‮ ‬وسيقان‮ ‬أشجار‮ ‬التين‮ ‬ب‮"‬عين‮ ‬غدانة‮"‬،‮ ‬وأفخاد‮ ‬شجر‮ ‬الزيتون‮ ‬ب‮"‬واد‮ ‬الرْحي".. ‬
من‮ ‬ذكريات‮ ‬الهجرة‮ ‬هروبا‮ ‬من‮ ‬الحضانة‮ ‬العائلية،‮ ‬إلى‮ ‬مدينة‮ ‬البخور‮ ‬والعطور‮ ‬والشغب‮ ‬المحروس‮ ‬والعشق‮ ‬المرشوش‮ ‬بماء‮ ‬الورد‮ ‬في: "سويقت‮ ‬بنصافي‮" ‬و"‬ساحة‮ ‬النجارين"..
من‮ ‬ذكريات‮ ‬سجني،‮ ‬وسذاجة‮ ‬حراسي،‮ ‬وعمر‮ ‬ليالي‮ ‬المظلمة،‮ ‬وضجيج‮ ‬رفاقي‮ ‬عند‮ ‬صياغة‮ ‬البيانات‮ ‬السياسية‮ ‬والاحتجاجية،‮ ‬وحتى‮ ‬التضامنية‮ ‬منها.. ‬في‮ ‬كل‮ ‬المناسبات‮ ‬والتجمعات.
ذكريات‮ ‬لم‮ ‬تبرح‮ ‬الذاكرة..
توقظ‮ ‬مسافات‮ ‬الحلم‮ ‬المليء‮ ‬بالآلام‮ ‬والأحلام.. ‬وأسرار‮ ‬الطفولة‮ ‬القابعة‮ ‬في‮ ‬جذري..
شباب‮ ‬في‮ ‬نهضة‮ ‬عارمة،‮ ‬على‮ ‬قارعة‮ ‬المراهقة،‮ ‬وتبادل‮ ‬بطائق‮ ‬التهاني‮ ‬ودفاتر‮ ‬الذكريات‮ ‬بين‮ ‬تلميذات‮ ‬وتلاميذ‮ ‬الإمام‮ ‬الشطيبي..
أبجديات‮ ‬الحروف‮ ‬الملونة‮ ‬بقصص‮ ‬العشق‮ ‬الأولى..
قصص‮ "‬جرجي‮ ‬زيدان‮" ‬و‮"‬المنفلوطي‮" ‬و‮"‬طه‮ ‬حسين‮" ‬و‮"‬نجيب‮ ‬محفوظ‮"...
أغاني‮ ‬أسمهان،‮ ‬ونجاة‮ ‬علي،‮ ‬وليلى‮ ‬مراد،‮ ‬وأم‮ ‬كلثوم،‮ ‬ومحمد‮ ‬عبد‮ ‬الوهاب،‮ ‬وفريد‮ ‬الأطرش..
أغاني‮ ‬عبد‮ ‬الحليم‮ ‬حافظ،‮ ‬وفيروز،‮ ‬ووردة‮ ‬الجزائرية...
ناس‮ ‬الغيوان،‮ ‬والمشاهب،‮ ‬وجيل‮ ‬جيلالة...
محمد‮ ‬لعروسي،‮ ‬ورويشة،‮ ‬ومغني،‮ ‬ونجاة‮ ‬اعتابو...
أناشيد‮ ‬إعدادية،‮ ‬وأنشطة‮ ‬موازية،‮ ‬ثقافية‮ ‬ورياضية.. ‬في‮ ‬رحاب‮ ‬ساحات‮ ‬الإمام‮ ‬الشطيبي/ ‬بغفساي،‮ ‬وابن‮ ‬خلدون/ ‬في‮ ‬قرية‮ ‬أبا‮ ‬محمد،‮ ‬ومولاي‮ ‬سليمان‮ / بفاس.
صخب‮ ‬الحي‮ ‬الجامعي،‮ ‬أمسيات،‮ ‬وحلقيات‮ ‬النقاش‮ ‬وشعارات‮ ‬المظاهرات،‮ ‬ومخابئ‮ ‬الحب‮ ‬والحنان‮ ‬بالساحة‮ ‬الجامعية‮ ‬وضواحيها.
الاختطاف‮ ‬ثم‮ ‬الاختفاء‮ ‬القسري،‮ ‬بمخفر‮ ‬درب‮ ‬مولاي‮ ‬الشريف‮ ‬الرهيب،‮ ‬المعسعس‮ ‬بنتانة‮ ‬الأغلال‮ ‬ونزيف‮ ‬أبرياء‮ ‬الوطن‮ ‬الحبيب.
نقوش‮ ‬باتت‮ ‬موشومة‮ ‬في‮ ‬الذاكرة،‮ ‬تذكرني‮ ‬بأيام‮ "الباندا‮" (‬العصابة‮) ‬التي‮ ‬كنت‮ ‬أرى‮ ‬من‮ ‬تحتها‮ ‬جلاد‮ ‬درب‮ ‬مولاي‮ ‬الشريف،‮ ‬اليوسفي‮ ‬قدور،‮ ‬ومن‮ ‬كان‮ ‬يساعده‮ ‬من‮ "الحجاج‮" ‬في‮ ‬إنجاز‮ ‬مهامه‮ ‬اليومية.
فرح الحرية والاحتفاء بها علنا في غفساي، يوم 23 فبراير من سنة 1993، رغم حصار الحاقدين وكيد الناقمين وحزن الحاسدين، وانقطاع التيار الكهربائي لحرمان أزيد من 200 مشارك في حفل الاستقبال الذي حضره قاعديون من كل ربوع الوطن، ومعتقلون سياسيون سابقون (عبد الإله بنعبد‮ ‬السلام،‮ ‬عمر‮ ‬الزايدي،‮ ‬علي‮ ‬القيطوني...)‬،‮ ‬وبعض‮ ‬عائلات‮ ‬المعتقلين‮ ‬السياسيين‮ (‬عائلة‮ ‬الطبل،‮ ‬وبلكحل،‮ ‬وعبو‮ ‬وقرطيط‮...)‬،‮ ‬والعديد‮ ‬من‮ ‬أفراد‮ ‬العائلة‮ ‬وأبناء‮ ‬المنطقة.
نشوة‮ ‬القُبل‮ ‬الأولى،‮ ‬وفرحة‮ ‬العائلة‮ ‬بعودة‮ "الخطاطيف" ‬إلى‮ ‬بيت‮ ‬الوالدة‮ ‬بعد‮ ‬هجرة‮ ‬طويلة.
مقاومتي‮ ‬للإقامة‮ ‬الجبرية‮ ‬التي‮ ‬منعتني،‮ ‬بأمر‮ ‬من‮ ‬الدرك‮ ‬الملكي،‮ ‬من‮ ‬مغادرة‮ ‬قريتي‮ ‬إلى‮ ‬إشعار‮ ‬آخر.. ‬وأنا‮ ‬مازلت‮ ‬في‮ ‬الأسبوع‮ ‬الأول‮ ‬من‮ ‬حريتي،‮ ‬انتشي‮ ‬نسيم‮ ‬الحرية‮ ‬وأغرق‮ ‬في‮ ‬دفء‮ ‬الحنان.
الرحيل‮ ‬إلى‮ ‬فضاءات‮ ‬البوغاز‮/ ‬طنجة‮ ‬بحثا‮ ‬عن‮ ‬لقمة‮ ‬العيش،‮ ‬وأسرار‮ ‬بوابة‮ ‬المغرب‮ ‬الأولى.
ذكريات‮ ‬بني‮ ‬مكادة‮ ‬وحي‮ ‬الدريسية‮ ‬وحي‮ ‬المصلة.. ‬وتعليم‮ ‬المبادئ‮ ‬الأولى‮ ‬للتصريحات‮ ‬الجمركية‮ ‬والنموكلاتورا.
ذكرياتي‮ ‬مع‮ ‬خدمات‮ ‬الصادرات،‮ ‬والواردات،‮ ‬والمعشرين،‮ ‬وأصحاب‮ ‬شاحنات،‮ ‬وعربات‮ ‬السلع،‮ ‬ورجال‮ ‬الجمارك،‮ ‬والأمن‮ ‬السري..
إحياء صداقات قديمة، والتعرف على وجوه جديدة، مشاركة المعطلين همومهم، وعزف الموسيقى في أمسياتهم.. جنون الرفاق وصعاليك المد والجزر.. من حركة تجميع اليسار إلى الحركة من أجل الديمقراطية، مرورا بالديمقراطيين المستقلين.
حنين ملتهب لقبيلة بني زروال، شمال المغرب، بأفخادها الخمسة: بني إبراهيم وبني مكة، وبني ملول، وبوبعان وأولاد قاسم؛ أسماء عيونها التاريخية (عين تزغدرة، عين باردة، عين تاسياست بأولاد قاسم، عنصر العباد بجبل ودكة وعين شجرة بغفساي..)، برتقالها الشهير بحلاوته، تينها‮ ‬وزيتونها‮ ‬وعنبها...
ثم‮ ‬الاغتراب‮ ‬خلف‮ ‬البحار،‮ ‬بحثا‮ ‬عن‮ ‬فضاءات‮ ‬شاسعة‮ ‬ورحبة،‮ ‬لتفادي‮ ‬انسداد‮ ‬الآفاق،‮ ‬وزحمة‮ ‬الرفاق. ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬الأهل‮ ‬والأحباب.. ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬أمي‮ ‬الحنونة‮ ‬التي‮ ‬تركتها‮ ‬تتألم‮ ‬فوق‮ ‬فراش‮ ‬الموت..
بعيدا‮ ‬عن‮ ‬خديجة‮ ‬زوجتي‮ ‬التي‮ ‬تركتها‮ ‬ورائي،‮ ‬تدير‮ ‬مشروع‮ "‬وراقة‮ ‬منال‮" ‬المتواضع‮ ‬إلى‮ ‬أقصى‮ ‬الحدود،‮ ‬تصارع‮ ‬الحياة‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬البقاء،‮ ‬وكسب‮ ‬كسرة‮ ‬خبز‮ ‬بعرق‮ ‬الجبين..
بعيدا -كذلك- عن ابني خليل الذي تركته صبيا، وهو في سنته الأولى، بعد أن ودعت قريتي وأوقفت جريدتي/ "الزيتونة"، ذلك المولود الإعلامي الذي استمر أزيد من ثلاث سنوات، يطوف المغرب وبعض العواصم الأوروبية، للتعريف بغفساي وطرح هموم أهلها والاحتفاء بأمجادها؛ وبعد أن استقلت من "ألدوص"/ الجمعية المحلية للتنمية والأعمال الاجتماعية التي كنت أترأسها، إلى جانب النفيسي، والدرقاوي، والطايق، وعبد الغني، والمنصوري، وگيو، والمخلخل وآخرين.. لأحط الرحال بمدريد، عند الصديق حميد البجوقي، ومناضلي جمعية العمال المهاجرين المغاربة بإسبانيا، ثم الانتقال إلى مدينة ليون، ضيفا عند ابن البلد حسن الزغاري، وأخيرا إلى باريس التي استقبلني فيها الصديقان المباركي والمحجوبي، قبل أن التقي ابن عمي خليل المريزق والصديقين عبد الإله الخديري، وعبد السلام "دياونا" ب"سان‮ ‬دوني‮"‬،‮ ‬وعلي‮ ‬الباز‮ ‬ب‮"‬جينڤيليي‮" ‬وآخرين. ‬
تذكرت الأيام الأولى بباريس، حين اتصل بي أحد المقربين من "جون بيير شوفينمون"/ وزير الداخلية الفرنسي السابق، ليخبرني بالموافقة على تقديم طلب الحصول على حق اللجوء الدستوري، الذي لم يكن يعرفه إلا القليل.. وبعدها القيام بالإجراءات الضرورية لدى "المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين" (أوفبرا)، للحصول عل حق اللجوء السياسي/ الدستوري... وعلى سكن متواضع ب"بيكون ليبرويير"، وعلى عمل (كحارس ليلي) بإحدى فنادق باريس ب"بلاص كليشي"...
لتبدأ رحلتي الجديدة مع العديد من الصديقات والأصدقاء (من أوروبا) الذين تعرفت عليهم، من بينهم من كان ناشطا في هيئة حقوقية أو سياسية، أيام الحملة الدولية التي نظمتها منظمة العفو الدولية، للتضامن مع معتقلي الرأي في المغرب، وذلك سنة 1991. ورفاق أخرين مسؤولين في "جمعية العمال المغاربة بفرنسا/ أ.ط.م.ف"، و"جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب /أصدوم"، و"جمعية هجرة وتنمية"، وجمعيات مغاربية وفرنسية أخرى، ومناضلين ومغتربين ولاجئين سياسيين وقدماء الطلبة التقدميين، والماركسيين، والماويين، والاتحاديين بكل اختياراتهم وتياراتهم... وعائلة بعض المختطفين، والشهداء، ومعتقلين سياسيين سابقين... ومثقفين وفنانين وإعلاميين وشخصيات‮ ‬متعددة‮ ‬المشارب‮ ‬والاهتمامات. ‬
كنت قد تعرفت على هؤلاء، في لقاءات وملتقيات وأمسيات وتظاهرات ومسيرات، في شوارع باريس الواسعة، وفي مقرات ومكاتب الجمعيات، وفي الأحياء العتيقة المشهورة بالأندية والمقاهي وضجيج الحانات ومحلات النبيذ المعتق، وقرب الكنائس المسيحية القديمة وهي تقرع نواقيسها في "مونمارت‮" ‬و‮"‬نورتردام‮ ‬دو‮ ‬باري‮" ‬وفي‮ ‬بعض‮ ‬مدن‮ ‬الضاحية‮ ‬الباريسية‮ "‬بوا‮ ‬كلومب‮" ‬و"‬انيير‮" ‬و‮"‬بيكون‮ ‬ليبرويير‮" ‬و‮"‬جينڤيليي‮"..
يلفظ مستودع من الأسرار مناجاتي، هذا الصباح إلى مجاهل، ومجرات لا يعرفها حتى القليلون من أحبائي الطيبين. حنين المسافات النابضة لمن سبقوني للمغامرة، للشموخ والتقدير، لرائحة المقاومة، ولشجرة الياسمين التي كانت تتوسط منزلنا بغفساي أيام المرحوم والدي.. وجها‮ ‬لوجه‮ ‬مع‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الأحداث‮ ‬والمسارات،‮ ‬بمخاوفها‮ ‬وآهاتها،‮ ‬بشرودها‮ ‬واستسلامها‮ ‬ووكل‮ ‬الأمل‮ ‬المنشود‮ ‬في‮ ‬قصائد‮ ‬رحلتها.
سافرت بعيدا ذلك الصباح، رغم طول المسافات وتعقد المسارات، فعزمت على إطلاق العنان لمذكرتي لكي أعثر على المنفذ الأول لرواية التفاصيل، واستعادة صوتي الجريح، وتضميد جراح الأرقام، ورفوف الغيم، وقساوة الاعتقال، وبرودة الزنازن، وأحزان المنافي، ونداءات الأحبة، ورسائل العشق، وجنون المحبة، وسنوات الإقصاء، والجمر والحرمان، وشهامة الضحايا وصمود العائلات وصمت الخائفين المرهوبين، والمستلبين والتابعين، وأشباه المثقفين، والانتهازيين والمتملقين، والتافهين والخانعين، والغامضين والمتنطعين...
هكذا،‮ ‬تلاشيت‮ ‬بين‮ ‬أثار‮ ‬الصبا‮ ‬وسنوات‮ ‬الزهو‮ ‬والاندفاع‮ ‬وحنين‮ ‬حضن‮ ‬الأم،‮ ‬لشوقها‮ ‬ولطفها،‮ ‬لعذوبتها‮ ‬ورقتها.
‮ ‬للوطن‮ ‬أرسلت‮ ‬قبلاتي،‮ ‬وتنهيداتي،‮ ‬وهمومي‮ ‬العارية‮ ‬أسرارها،‮ ‬على‮ ‬الهواء‮ ‬وعبر‮ ‬الأثير،‮ ‬ثم‮ ‬وضعت‮ ‬الصحف‮ ‬في‮ ‬الزاوية‮ ‬اليمنى‮ ‬قرب‮ ‬المدفأة. ‬كنت‮ ‬وحيدا‮ ‬لا‮ ‬منشرحا‮ ‬ولا‮ ‬حزينا.
لم‮ ‬أشارك‮ ‬أحدا‮ ‬في‮ ‬تحديد‮ ‬الموعد..
كانت‮ ‬ذاكرة‮ ‬العشق‮ ‬تحثني‮ ‬بكل‮ ‬صلابة،‮ ‬للإفصاح‮ ‬عما‮ ‬يخالجني‮ ‬من‮ ‬غضب‮ ‬وهموم. ‬كان‮ ‬بإمكاني‮ ‬أن‮ ‬اختلق‮ ‬أجوبة‮ ‬لكل‮ ‬سؤال‮ ‬يدور‮ ‬حول‮ ‬التجربة. ‬
وكان بإمكاني أن أحكي، كذلك بالتفصيل، عما عشته منذ مغادرتي السجن واسترجاع حريتي، عن تفاصيل رحلتي، منذ أن ودعت سجن عين قادوس، وما عشته من مسارات، منذ ذلك الحين إلى العيش في باريس، والنضال في صفوف جمعيات الهجرة، قبل الانتماء السياسي للحزب الاشتراكي الفرنسي، ومساندة "سيكولين رويال"، في حملتها الانتخابية ضد "نيكولا ساركوزي"، ثم العودة إلى الوطن، بتشجيع وإلحاح من المرحوم إدريس ينزكري الذي زارني بباريس، ورتب كل شيء من أجل ضمان عودتي.. وتنظيم حفل استقبالي بمطار سلا، بحضوره الشخصي إلى جانب العديد من الأصدقاء ورفاق‮ ‬التجربة‮ ‬من‮ ‬بينهم: ‬إلياس‮ ‬العمري،‮ ‬وأرحموش،‮ ‬وعبو‮ ‬سعيد‮ ‬وزوجته،‮ ‬والجوني‮ ‬إدريس،‮ ‬وتوفيق،‮ ‬وبعض‮ ‬أفراد‮ ‬عائلتي...
ترددت‮ ‬قليلا‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬تبدأ‮ ‬المجابهة‮ ‬ويبدأ‮ ‬الصدام.. ‬ويعم‮ ‬الشعور‮ ‬بالتذمر‮ ‬من‮ ‬المراوغة،‮ ‬كسبا‮ ‬للوقت.
وقد عاهدت مرارا محبوبتي بعدم الموت المبكر قبل العثور على سجل المعلومات، وألبوم الصور والشهادات ومفاتيح الغد والأمل، تلك الذكريات التي سرقوها مني، من بيتي بسيدي بوجيدة بفاس، ذات مساء ومن غير حق، التزمت لها في إحدى ليالي الشبق والحنان بصيانة حروف البداية ونسيان‮ ‬التآكل.. ‬مهما‮ ‬يكن‮!‬
اختليت بنفسي طامعا في فضح أسراري، كي أتخلص من غموضي المبهم. توقفت عند النصف الأول من العرض.. أردت فتح باب الحوار الموجع، من دون أن اسأل: لماذا شردتنا الأحلام، وكيف؟ لماذا سرقوا منا الياسمين وحفروا جنون اغترابنا؟ لماذا لم يتركوننا وحدنا في المسبح دون رقيب؟ لماذا‮ ‬أتلفوا‮ ‬معاطفنا‮ ‬وظلال‮ ‬كواكبنا؟‮ ‬لماذا‮ ‬سرقوا‮ ‬منا‮ ‬أحلامنا؟‮ ‬لماذا؟؟؟
تدريجيا، انسحبت سحائب دخاني، تذكرت اليوم الذي قالت لي إحدى الصديقات بساحة "السوربون"، بالحي اللاتيني للعاصمة الفرنسية: «لا شيء كان يؤهلنا يا مصطفى لنصبح جزءاً من ذكريات الماضي، وطرفا في القضية، إننا نشبه "سعيد" الذي تكلم عنه عبد الحي المودن في روايته "خطبة‮ ‬الوداع‮"‬،‮ ‬والذي‮ ‬اختفى‮ ‬منذ‮ ‬فترة‮ ‬الاستنطاق،‮ ‬ولم‮ ‬يظهر‮ ‬له‮ ‬أثر‮ ‬بعدها‮ (...)‬،‮ ‬لكنه‮ ‬ظل‮ ‬يكاتب‮ ‬صديقه‮ ‬حوالي‮ ‬عشرين‮ ‬سنة،‮ ‬حيث‮ ‬كانت‮ ‬رسائله‮ ‬تأتي‮ ‬من‮ ‬دول‮ ‬مختلفة‮ ‬ولا‮ ‬تحمل‮ ‬عنوانا‮».‬
كل ما قرأته في الصحف ذلك الصباح، كان يخيفني ويرسم أمامي شكلا أسودا، وبئيسا للوطن. لاشيء يفرح القلب، حسب هذه الصحف. رجعت إلى الوراء، فكرت قليلا، ومن دون قلق من سجلي المتواضع. ومن دون انتظار، أطلقت العنان لأشياء كثيرة باتت تنثر الورود في كل أرجائي، وتطرد هالة‮ ‬الجبروت‮ ‬والخوف‮ ‬من‮ ‬كلماتي‮ ‬المنقوشة‮ ‬على‮ ‬صدر‮ ‬صفحات‮ ‬مسار‮ ‬تجربتي.
كنت‮ ‬جائعا‮ ‬وكان‮ ‬حلقي‮ ‬جافا،‮ ‬لكن‮ ‬عشقي‮ ‬كان‮ ‬صامدا‮ ‬بدون‮ ‬جدال‮ ‬ولا‮ ‬تشكيك. ‬لم‮ ‬أصدق‮ ‬وأنا‮ ‬أقبض‮ ‬على‮ ‬اللحظة‮ ‬الهاربة‮ ‬مني،‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬موعد،‮ ‬بعد‮ ‬فراق‮ ‬كاد‮ ‬أن‮ ‬يتحول‮ ‬إلى‮ ‬وداع.
كان الشيخ إمام يغنى ساعتها، بصوته المبحوح لآلاف الجماهير "سايغون للثوار فوق الدم وتحت النار" و"عبدالودود" و"قيدوا شمعة" و"صباح الخير" و"أنا توب عن حبك أنا" و"أبوك السقمات" و"يا حبايبنا" وأغاني أخرى. وكأنه يؤكد جملة الشاعر الكبير "أراغون": يجب أن تتحول القصيدة‮ ‬إلى‮ ‬أغنية‮ ‬ترددها‮ ‬ألاف‮ ‬الحناجر.
كنت مهووسا بالشيخ إمام، ومازلت، إلى حد محاولة تقليد نحنحته وسعاله الخفيف. أحفظ أغانيه عن ظهر قلب، وأعزف ألحانه عزف الهواة؛ بل كنا نعتبر مغنينا المحبوب "إمام"، أكثر من مغنّ تحريضي. كانت أغانيه تتضمن فنية رفيعة وفريدة، تتعدى هموم المثقفين الضيقة، وتحكي عن الواقع‮ ‬كما‮ ‬هو،‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬تزويق‮ ‬أو‮ ‬تنميق.
تذكرت يوم جاءنا إلى سجن عين قادوس "العَوْد"، رئيس المعقل الغني عن التعريف، لدى كل المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، ولدى الرأي العام في الداخل والخارج عموما، قدم متعبا من "سجن اغبيلة"... من رفاق أكنوش، والبراهمة، والخمليشي، والشباري، وبلكحل، ومصدق، والطبل، والصعيب،‮ ‬ونصر‮ ‬الدين،‮ ‬والهايج،‮ ‬والبوكيلي،‮ ‬والشفشاوني،‮ ‬ونزهة‮ ‬البرنوصي،‮ ‬وقابل‮ ‬السعدية،‮ ‬والدردابي،‮ ‬وآيت‮ ‬بلعيد،‮ ‬وحسبي،‮ ‬والحرايري،‮ ‬والخصاصي.. ‬وآخرين..
تذكرت "العود" ينحني أمام مطلب الحق في الموسيقى والعزف على آلة العود داخل سجن عين قادوس، لنحيي أمسية في جناح "البيبي" (حي الأحداث سابقا)، تذوقها خلسة بعض السجانين الظرفاء، وباحتشام شديد من خلف القضبان. تلك الأمسية الرائعة التي أهديناها جميعا إلى "الشيخ إمام‮"/ ‬الذي‮ ‬أحببته‮ ‬ومازلت‮ ‬أحبه‮ ‬إلى‮ ‬آخر‮ ‬رمق.
علمنا،‮ ‬وهو‮ ‬الذي‮ ‬تربطه‮ ‬وشائج‮ ‬روحية‮ ‬وفنية‮ ‬عميقة‮ ‬بالشيخ‮ ‬سيد‮ ‬درويش،‮ ‬عشق‮ ‬الوطن‮ ‬وأهدانا‮ ‬أزهى‮ ‬فترات‮ ‬عمره،‮ ‬ثم‮ ‬ساعدنا‮ ‬على‮ ‬تطهير‮ ‬النفس‮ ‬وخلاص‮ ‬الضمير.
تذكرت تلك الذكريات مع من اقتسمت معهم الحلو والمر في درب مولاي الشريف، وفي عين قادوس، طوال أزيد من خمس سنوات من عمري العليل. رفاق مجموعتي: الجوني إدريس، وأزرياح الحبيب، والمرحوم بلقايديدي علي، وبن مزيان علي، ورفاق التحقوا بالكوكبة فيما بعد، كالشهيد محمد بنعيسى آيت الجيد، وعبد الإله جريد، وعبو سعيد، وأمغار فريد، والدركال النبيه محمد علي، وقرطيط حسن، والمحمدين، ولمسربس عبد المجيد، والعزيزي الحسين، والمرحوم عبد الحميد المحجوبي، وسلام عوينتي، وجرير نورالدين، ورفاق سبقونا بقليل إلى السجن.. كالبوهدوني حميد وأبيناغ‮ ‬عبد‮ ‬الله،‮ ‬وأقبوش‮ ‬النوري... ‬وآخرين‮ "‬زارونا‮".. ‬ومروا‮ ‬من‮ ‬هناك‮ ‬أياما‮ ‬قليلة،‮ ‬شهورا،‮ ‬سنة‮ ‬أو‮ ‬سنتين‮ ‬أو‮ ‬أكثر،‮ ‬وهم‮ ‬بالعشرات،‮ ‬على‮ ‬شكل‮ ‬مجموعات،‮ ‬لا‮ ‬يعدون‮ ‬ولا‮ ‬يحصون،‮ ‬لكن‮ ‬لن‮ ‬ننساهم.
توقفت قليلا لأسترجع أنفاسي، ثم تابعت الحفر في أغوار ذاكرتي، وفي صبري الذي لا يمل من فصول مساري. وأنا أعيش أطوار تجربة أخرى مفعمة بالنضال المشترك، في ساحة جامعة سان دوني، باريس 8، مع الطلبة العرب وعلى رأسهم مناضلات ومناضلين تونسيين، وجزائريين وفلسطينيين ولبنانيين. مظاهرات حاشدة، تعبيراً عن الغضب، والاحتجاج العارم على العدوان الوحشي والهمجي الإسرائيلي والأمريكي على فلسطين والعراق، وأمسيات خالدة في "سان ميشيل"، و"مونبرناص"، و"الباستيل"، و"سان جرمان"، و"باربيص"، و"كليشي"، و"جينڤيليي"..
هكذا كان الحفر في الذاكرة ينتشلني من مسار إلى آخر، إلى أن استسلمت أمام دموع أمي وهي تلقي علي نظراتها الأخيرة، أياما قليلة قبل رحلة المنفى والاغتراب، ليصلني خبر وفاتها بعد وصولي بأيام إلى باريس.
تذكرت محبوبتي وهي تسألني كعادتها، حين ترميني الساعات المتأخرة من الليل إلى غرفة النوم، عن الأهل والبلد وعن المنجزات الأخيرة.. وعن قسوة الطبيعة وطبائع البشر والعائلة والأحبة. والهجرات التي أفرغتني من أحاسيس القوة والانتصار.
‮ ‬فقلت‮ ‬لمحبوبتي‮ ‬وأنا‮ ‬أداعب‮ ‬شعرها‮ ‬الفاحم: «‬مهما‮ ‬أعطى‮ ‬الواحد‮ ‬منا.. ‬سوف‮ ‬يجد‮ ‬أمامه‮ ‬من‮ ‬الغاضبين‮ ‬واليائسين‮ ‬ما‮ ‬يكفي‮».‬
في الصباح الباكر، خلعت السماء قميص الليل، أحسست بالزهو وأنا أقص قصتي على مسامع محبوبتي. ولما أفرغت عليها أحلامي وأوجاعي، قالت بحنان: «لقد أوفيت بوعدك.. لن تموت إذا!.. إنها حروف بداية مذكراتك، أليس كذلك؟(...) قم إذا وتوكل على الله».
لم‮ ‬أتردد‮ ‬لحظة،‮ ‬قمت‮ ‬مسرعا‮ ‬لمكتبي‮ ‬لأكتب‮ ‬عن‮ ‬مسار‮ ‬تجربتي.. ‬
المريزق مع بعض المعتقلين بسجن فاس
المريزق مع الشهيد آيت الجيد في سجن فاس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.