نائب وكيل الملك يوضح أسباب منع معطي منجب من مغادرة المغرب    تعزيز الشراكة العسكرية بين المغرب والناتو: زيارة وفد بحري رفيع المستوى إلى المملكة    الاستفادة من معاش الشيخوخة يدخل حيز التنفيذ الشهر القادم    الرسوم الجمركية الأمريكية والإجراءات الصينية تلقي بظلالها على بورصة الدار البيضاء    عصبة الأبطال.. الجيش الملكي يخوض أخر حصة تدريبة مساء اليوم تأهبا لمواجهة بيراميدز غدا الثلاثاء    أوزود تستعد لإطلاق النسخة الأولى من "الترايل الدولي" الأحد المقبل    الاستفادة من معاش الشيخوخة ابتداء من فاتح ماي 2025 (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي)    علوم اجتماعية تحت الطلب    ولد الرشيد يؤكد انخراط البرلمان في تحقيق العدالة الإجتماعية ويرد على إقحام "قضية الصحراء" في منتدى برلماني دولي    تراجع طفيف في سعر الغازوال والإبقاء على ثمن البنزين في 13,05 درهما    كأس إفريقيا للأمم لأقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يتأهل لدور الربع بتغلبه على نظيره التنزاني    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    انهيار في مداولات البورصات الأوروبية بعد تراجع كبير في البورصات الآسيوية والخليجية الأحد    أمن إنزكان يوقف شاباً ألحق خسائر بممتلكات الغير    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    النيابة العامة تتحدث عن مسطرة قضائية جديدة في مواجهة المعطي منجب أدت إلى منعه من السفر    الدرك يعتقل مبحوثا عنه يتاجر في "الهيروين" بالفنيدق    النسخة الثالثة من المسيرة العلمية البيئية تسلط الضوء على التنمية المستدامة بالأوساط الصحراوية    بدء مناورات جوية بين الفلبين والولايات المتحدة لتعزيز التعاون العسكري    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى لها في أربع سنوات    انتقادات تلاحق وزارة الفلاحة بسبب تنظيمها لبرنامج تكويني بسوس بمشاركة مؤسسة إسرائيلية    3 دول إفريقية تستدعي سفراءها في الجزائر بعد اتهامها بالعدوان على مالي    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية يقلب بعض المسلمات رأسا على عقب    "لكم" ينشر رسالة المهندسة ابتهال إلى زملائها في "مايكروسوفت": نحن متواطئون في الإبادة    الرئيس البرازيلي السابق "بولسونارو" يتظاهر في الشارع    طقس الإثنين .. أجواء قليلة السحب مع تشكل كتل ضبابية    مقابل 120 ألف يورو.. عناصر أمنية إسبانية سهلت عبور أطنان من الحشيش    ولد الرشيد: المغرب يدافع "بكل حزم" عن احترام الوحدة الترابية للدول    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    ابتهال أبو السعد.. مهندسة مغربية تهز العالم بشجاعتها وتنتصر لفلسطين    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    تفاعلا مع الورش الملكي لإصلاح المنظومة الصحية.. مهنيو الصحة 'الأحرار' يناقشون مواكبتهم لإصلاح القطاع    النظام الجزائري.. تحولات السياسة الروسية من حليف إلى خصم في مواجهة الساحل الإفريقي    الذكاء الاصطناعي في الصفوف الأمامية خلال المؤتمر 23 لجمعية مكافحة الأمراض المعدية    رولينغ ستونز إفريقيا في قلب صحراء امحاميد الغزلان    لاف دياز: حكومات الجنوب تستبعد القضايا الثقافية من قائمة الأولويات    وزان تحتضن الدورة الأولي لمهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي    الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا    بوزنيقة: المكتب الوطني المغربي للسياحة: افتتاح أشغال مؤتمر Welcom' Travel Group'    سجل عشاق الراكليت يحطم رقمًا قياسيًا في مدينة مارتيني السويسرية    دش الأنف يخفف أعراض التهاب الأنف التحسسي ويعزز التنفس    "قافلة أعصاب" تحل بالقصر الكبير    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    ترامب يدعو لخفض أسعار الفائدة: الفرصة المثالية لإثبات الجدارة    دعم الدورة 30 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط ب 130 مليون سنتيم    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الريف والعالم 26 صحافة البرتغال والتشيك ويوغسلافيا
نشر في هسبريس يوم 21 - 06 - 2017

سلسلة مقالات يومية يسلط من خلالها الدكتور الطيب بوتبقالت الأضواء على صفحات مجيدة من تاريخ المغرب المعاصر؛ ويتعلق الأمر هنا بالأصداء العالمية التي خلفتها حرب الريف (1921-1926) عبر ردود الفعل المتضاربة والمواقف المتناقضة التي سجلتها الصحافة الدولية إبان هذه الفترة العصيبة التي تعرضت فيها حرية وكرامة المغاربة للانتهاك السافر والإهانة النكراء.
لقد برهن أبناء الريف عبر انتفاضتهم البطولية في مواجهة العدوان الاستعماري الغاشم عن تشبثهم الدائم بمقومات الهوية الثقافية المغربية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وعن فخرهم واعتزازهم بالانتماء الحضاري إلى مغرب مستقل ذي سيادة غير قابلة للمساومة.
إن أبناء الريف، بشهادة كل مكونات الرأي العام الدولي في هذه الفترة التاريخية ما بين الحربين، أعطوا دليلا قاطعا من خلال دفاعهم المستميت عن الحرية والكرامة أن المغرب بلد يسكنه شعب أصيل لا يرضخ أبدا للذل والهوان مهما كلفه ذلك من ثمن.
تفاعلات صحافية من البرتغال وتشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا
اتخذت الصحافة البرتغالية في غمرة القتال على الجبهة الريفية مواقف متباينة. فبينما كانت الصحف اليومية الكبرى، ك"الديباريودي نوتيسياس" و"السكيلو"، تنشر بدون تحفظ الأنباء التي أوردتها الوكالة البرتغالية "لوتزيانا" عن طريق مراسلها في طنجة، كانت صحف أخرى، ك"الموندو" و"كوريو دامانشا" و"أيبوكا"، تنشر الأنباء نفسها لكن تحت عناوين بارزة: "حرب المغرب/ القوات الفرنسية تتكبد خسائر فادحة / انتحار فرنسي".
وفعلا، نقلا عن وكالة "لوتزيانا"، خاضت المقاومة الريفية معركة عنيفة ضد القوات الفرنسية على مقربة من مدينة فاس، تكبدت خلالها القوات الكولونيالية خسائر هامة في الأرواح والمعدات، مما أجبرها على الهروب إلى الوراء تاركة مواقعها الأمامية ليحتلها الريفيون.
وقد حاولت وكالة الأنباء الفرنسية، "هافاس"، تكذيب هذه "الشائعات" لكن دون جدوى؛ لأن أخبار شهود عيان جاءت لتؤكدها من جديد. ونشرت جريدة "أباتلا"، الناطقة باسم الحزب الشيوعي البرتغالي، مقالا معبرا عن موقف الرأي العام الشيوعي في أوروبا بصفة عامة، لكنه كان خفيف اللهجة: "من المؤكد أن فرنسا لا تعير أي اهتمام بالرأي العام الدولي (...) إنها حالة منافية لروح العدالة والحرية".
وفي تشكوسلوفاكيا كانت أغلب الصحف تتبنى مواقف الصحافة الألمانية المعادية لفرنسا والمنوهة بالريفيين الذين يخوضون معركة التحرير والكرامة. إلا أن صحيفة "كريشوسلوفو"، التابعة للحزب الاشتراكي الوطني الذي كان ينتمي إليه ادوارد بيناس، وزير خارجية سابق رئيس للجمهورية فيما بعد، نشرت يوم 28 ماي 1925، مقالا مؤيدا جدا لفرنسا: "إنه أصبح من شبه المؤكد الآن أن الدعم الذي يحصل عليه الريفيون كان مقدما لهم من طرف ألمانيا. الرأي العام الألماني يتابع باهتمام كبير المسألة المغربية وبعض الصحف الألمانية لا تخفي فرحتها لعبد الكريم بصفته ممثلا لحركة الجامعة الإسلامية الجديدة. ومن البديهي أن فرنسا ستعمل على محو الانتفاضة وإحكام سيطرتها على الوضع. لكن إذا طال أمد المسألة المغربية، فإنها ستكون مرشحة من جديد لتكون مسألة أوروبية. إننا لا نستغرب اهتمام الدول بالمغرب نظرا لثرواته المعدنية الغنية. وقد كانت كبريات الشركات الألمانية، خاصة شركة مانسمان، متواجدة ومهتمة بالمغرب قبل الحرب، وهي التي جعلت من المسألة المغربية مسألة أوروبية، وقد نافستها شركات فرنسية، مثل شركة سنيدر كروزو. ويمكن اعتبار أحداث المغرب كامتداد لنزاع منطقة رهور الألمانية، وهذا شيء لا يخدم مصلحة أوروبا التي تضررت كثيرا من جراء الحرب العالمية وتقلص نفوذها تبعا لذلك في مختلف أنحاء العالم".
وتعاطف الرأي العام اليوغسلافي، وخاصة المسلم منه، مع الثورة الريفية بشكل واضح. ونشرت جريدة "يوستارني لست"، الصادرة في زغرب، مقالا أثار الانتباه أكثر من غيره، وكان عنوانه: "وصل المنقذ (جاء الغازي)". ويقول صاحب المقال براكان بوبليك، الذي قام قبل ذلك بزيارة إلى بلدان إفريقيا الشمالية: "تروج حاليا في المغرب شائعات غريبة على لسان رجال يمشون حفاة ويرددون: قوموا، لقد وصل المنقذ! (...) وذاعت هذه النداءات في البلاد كافة من الرباط إلى الذهيبات ومن الساحل إلى الصحراء. ويعتقد مسلمو إفريقيا الشمالية أن عهد الحرية قريب، والكل يأمل في جلاء الأجانب عن البلاد إلى غير رجعة. سيتقوى الهلال (رمز الإسلام) وسنرى في المستقبل مقاولات عمومية تحيط بالمساجد الشريفة (...) إن العرب شعب طيب وموهوب، وعيبهم الوحيد هو أنهم يريدون الحرية، لكن الفرنسيين والاسبان والطليان سيعملون ما في وسعهم لمنعهم من تحقيق هذا الهدف". وكرد على مقال دراكان بوبليك، نشرت الجريدة الحكومية "ويجيك" تعليقا بلهجة تهكمية، وكان عنوانه "الله يهديك"!
تفاعل الرأي العام الأوروبي بكل مكوناته مع الحرب الريفية، ويمكن ترجيح الأصوات المعادية للثورة الريفية على تلك التي كانت تساندها. لكن، حتى التيارات المناهضة للريفيين يمكن اعتبارها إيجابية؛ لأنها ساهمت في التعريف بقضيتهم وأثارت انتباه الشارع الأوروبي إلى معاناة الشعب المغربي الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار؛ وذلك بغض النظر عن اختلاف تأويلات أو اتجاهات الرأي العام. لم يكن هناك عدم مبالاة، وهذا في حد ذاته إنجاز حققه الريفيون واستثمرته في ما بعد كل الشعوب التي طالتها الهجمة الاستعمارية وتآمرت عليها الامبريالية العالمية.
* أستاذ التاريخ المعاصر وعلوم الإعلام والاتصال بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة- طنجة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.