هي لعبة بدأها الروائي المغربي محمد برادة في ثنائيته "لعبة النسيان" و"امرأة النسيان"، واشتبك بها الكاتب والسيناريست عبد الإله بنهدار لينقل شخصية ثانوية رمز لها برادة ب "ف.ب" إلى شخصية معدة للحركية من خلال نص مسرحية وسمه بعنوان "نسيان"، صدر حديثا بدعم من وزارة الثقافة، وأنجزت غلافه الفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي. عن شخصية "ف.ب"، قال عبد الإله بنهدار: "ما أثارني في هذه الشخصية أنها تشرح مأساة جيل الستينات والسبعينات. هذا الجيل الذي عاش على أحلام وردية وشعارات فكر يساري/غربي معتقدا أنها الأمل في تحديث المجتمع وتغيير عقليته وأفكاره ونظرته إلى الأشياء من حوله في مرحلة شبابه، لكن وللأسف سيجد نفسه مخدوعا ملعوبا عليه بعد تقدم العمر، وبصفة أخص لمّا يتعلق الأمر بامرأة في مجتمعات زعموا أنها نامية، كالمجتمع المغربي". وبخصوص الانتقال بالنص الروائي من اللغة العربية الفصحى إلى "الدارجة"، قال بنهدار: "في أول لقاء لي بالدكتور محمد برادة سألني: بأي لغة ستكتب هذه المسرحية؟ فقلت له: بالدارجة المغربية المنتقاة بعناية، فقال لي: لغة وسطى إذن؟ فأجبته: نعم". وأبرز المتحدث، في تصريحه لهسبريس، أن "الدارجة المغربية ليست سهلة كما يظن البعض، وليست الكتابة متاحة بها لكل من هبّ ودبّ. على الكاتب بالدراجة المغربية أن يكون له اطلاع كبير جدا بالموروث الثقافي المغربي من شعر، خصوصا فن الملحون والأشعار الصحراوية والأمازيغية على الأقل مترجمة لمن لا يتقن الأمازيغية مثلي، وأن يكون مطلعا على الأدب بشتى أجناسه وعلى الأمثال وكتب السير والرحلات وكتب التاريخ". واسترسل حديثه للجريدة: "الدارجة المغربية، على عكس ما يعتقد الكثيرون، قد تزيد النص المكتوب بالفصحى بهاء ورونقا، لكن على يد متخصص وغيور على ما يفعل؛ الكتابة ليست مهنة من لا مهنة له". وعن شغفه بالنصوص الأدبية المغربية، أوضح الكاتب المسرحي قائلا: "منذ تخرجي في الجامعة قررت الاشتغال على النصوص الفنية من التراث المغربي التي يمكن تحويلها إلى نصوص مسرحية، فاشتغلت على الملحون بكتابة جديدة تستحضر المتغيرات والمستجدات الفنية"، مبرزاً أن العملين "لعبة النسيان" و"امرأة النسيان" تم الاشتغال عليهما بإذن من صاحبها. من جهتها، قالت الصحافية والشاعرة فتيحة النوحو في تصريح مماثل: "الكاتب المسرحي اشتغل على شخصيات ورقية من أدوار ثانوية، ليجعل منها شخصيات محورية، وبالتالي تمرد على الأديب الذي خلقها من وحي مخيلته؛ حيث وضعها في حيز لا يتعدى أسطرا لتجتاح مساحة السرد". وأبرزت أن بنهدار استطاع أن يمنح هذه الشخصية اسما وكيانا بدل الحرفين، وجعل منها كائنا مسرحيا يحتكر المشاهد والفصول، وزادت: "المثير في نصوص بنهدار هو الاشتغال على النصوص الأدبية المغربية في الوقت الذي يشتغل فيه العديد من الكتاب على اقتباس نصوص أجنبية وأخرى شرقية". أما الإعلامي الطاهر الطويل، فعلق على إصدار بنهدار في تقديمه بالقول: "نحن في هذا العمل إزاء نوع من المسرح الذهني، الذي تتصارع فيه الأفكار وتحبل الحوارات بأسئلة الوجود والفكر والتأمل، مما يذكرنا بأعمال الرائد توفيق الحكيم". أما بنية التأليف التي يقوم عليها هذا النص، فبقدر ما ترسم حالات درامية مؤثرة، فإنها تقدم للمتلقي مشاهد كوميدية حبلى بالسخرية والمفارقات اللفظية والسلوكية، بكثير من الجرأة التعبيرية، لكن من غير تكلف أو إسفاف.