نظم فرع مكناس المنزه للحزب الاشتراكي الموحد، ليل أمس السبت، حفل تكريم للمناضل اليساري محمد بن سعيد آيت إيدر، الزعيم السابق لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي والحزب الاشتراكي الموحد؛ وذلك وسط حضور جماهيري كثيف غصت به قاعة المؤتمرات بحمرية في العاصمة الإسماعيلية. الحفل الذي عرف كذلك تكريم عدة شخصيات سياسية وحقوقية ومدنية من مدينة مكناس، حضرته نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إلى جانب يساريين وحقوقيين من مدينة مكناس والمدن المجاورة. وخلال تناوله الكلمة بهذه المناسبة، استعرض محمد بنسعيد آيت إيدر كرونولوجيا حياته السياسية والنضالية، بدأها بالحديث عن مشاركته في الحركة الوطنية وجيش التحرير والمخاض الذي عرفه تاريخ المغرب إبان هذه المرحلة، مشيرا عند حديثه عن هذه المحطة إلى أن حصول المغرب على الاستقلال عرف الكثير من المساومات؛ "ما جعل البلاد لا تحقق استقلالها الحقيقي"، مبرزا بكون الحركة الوطنية ارتكبت خطأ كبيرا في مفاوضات إكس ليبان، التي قال بأن المغرب تنازل فيها عن مصالحه. ولم يفوت بنسعيد الفرصة لكي يتطرق لتاريخ قضية الصحراء المغربية، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه كانت هناك مفاوضات بين جيش التحرير وبين إسبانيا سنتي 1958 و1959 من أجل إيجاد حل جذري لهذا المشكل، حيث اقترحت إسبانيا على جيش التحرير التنازل عن سبتة ومليلية مقابل تنازلها للمغرب عن الساقية الحمراء ووادي الذهب. وذكر بنسعيد، في هذا السياق، أن جيش التحرير رفض مقترح الإسبان، مجيبا إياهم بأن المدينتين حق للشعب المغربي، "واقترحنا عليهم أن تكون هناك مفاوضات لحل جميع مشاكلنا"، بتعبير آيت إيدر، الذي قال بأن هذه الفرصة أجهضها النظام المغربي في عهد حكومة عبد الله إبراهيم؛ "كنا على وشك حل قضية الصحراء" يؤكد آيت إيدر، الذي أبرز أن حل مشكل الصحراء يمر عبر التصالح بين المغرب والجزائر وموريتانيا. بنسعيد أوضح، خلال مداخلته التي ألقاها واقفا بالرغم من وضعه الصحي، أن المغرب في هذه الفترة في حاجة إلى إصلاحات سياسية وإقرار حقوق الإنسان للوصول إلى تحقيق الديمقراطية، داعيا يساريي المغرب إلى المشاركة فيما أسماه الصراع السياسي السلمي من أجل تحقيق التغيير؛ وذلك عبر الاهتمام بالتسجيل في اللوائح الانتخابية والمشاركة في عملية التصويت. وأضاف بنسعيد في هذا الصدد قائلا: "لدينا الثقة في الجماهير من أجل تحقيق خطوات مهمة في هذا المجال؛ وذلك من أجل تجنيب البلاد التوتر والعيش في استقرار، ولكن الاستقرار لا يجب أن يتحقق بالعنف، كما يقع الآن في الحسيمة، لا نقبل الإهانات والحكرة؛ والمحاكمات يجب أن تكون بشكل قانوني، والقضاء يجب أن يكون مستقلا، والإعلام حرا"، مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين، ومناديا بقضاء غير منفذ للأوامر. وفي تصريح له للصحافة، عبر بنسعيد أيت إيدر عن اعتزازه بهذا التكريم، الذي قال بأنه "جاء في مرحلة تتعرض فيها الحسيمة للقمع"، مطالبا بالتوقف عن ذلك، وإطلاق سراح المعتقلين والحوار معهم، "وهذا الحل من شأنه أن يعطي الاستقرار للبلاد، والاطمئنان للناس ويخرجهم من الحكرة"، بتعبير ذات المتحدث. وتوقفت نبيلة منيب، في كلمتها بهذه المناسبة، عند أهم المحطات التاريخية التي طبعت مسيرة رفيقها محمد بن سعيد آيت إيدر، بدءا بمشاركته في الكفاح والمقاومة ضد الاستعمار ووصولا إلى انخراطه في العمل السياسي داخل صف اليسار. وبعد أن أشارت منيب إلى مساندة بنسعيد لحركة 20 فبراير، تحدثت عن دور الرجل في الدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب، حيث ذكرت أن بنسعيد يعد من الرجالات القلائل الذين يلجا إليهم النظام عندما تعرف قضية الصحراء المغربية مشاكل. وفي هذا السياق، كشفت المتحدثة عن أن بنسعيد، عبر مركز محمد بنسعيد آيت إيدر للدراسات والأبحاث، يُعد، منذ أكثر من سنة، لتنظيم ندوة دولية حول الصحراء يحضرها كل الفرقاء. ووصفت نبيلة منيب، في تصريح خصت به هسبريس، المكرم محمدا بن سعيد أيت إيدر بالرفيق الشامخ ورمز المقاومة داخل جيش التحرير والنضال الديمقراطي، الذي قالت بأنه أدى فيه الثمن ولا يزال، مبرزة أن "هذا الرفيق الشامخ يؤمن بأن قوى الشباب قادرة على التغيير الديمقراطي"، مضيفة بالقول: "هو يؤمن بأن الشباب يمكن أن يحقق حلم الأجيال السابقة التي أرادت مغرب الكرامة، مغرب يستوعب الجميع، ومغرب يقلص الفوارق، وتتسع فيه البلاد لكل المواطنين".