كلما اقترب موعد مغيب الشمس تفتح الخيمة الرمضانية بموسكو ذراعيها للصائمين والصائمات من ساكنة موسكو ونواحيها والمدن المجاورة أن هلموا للإفطار وتقاسم لحظات ربانية في جو سمته الخاصة الألفة والمحبة والتأخي بين المسلمين بصرف النظر عن أصولهم ومشاربهم. هي إذن خيمة تنصب للمرة الثانية عشرة تواليا بموسكو بالقرب من مسجد باكلونايا بالعاصمة، بدعم من الإدارة الدينية لمسلمي موسكو ومجلس المفتين في روسيا، وبلدية مدينة موسكو وعدد من رجال الأعمال، ولسان حال القيمين عليها يقول هيا بنا نجدد الوصل مع مسلمي موسكو ونواحيها ونفسح المجال لهم للتلاقي وصلة الوصل بإخوانهم وأخواتهم في الدين، وأصدقائهم في الديانات الأخرى في جو يطبعه الود والحب والتسامح. وجرى افتتاح هذه الخيمة قبل أيام وسط أجواء روحانية متميزة، بحضور ممثلي مختلف الطوائف الدينية في روسيا وثلة من الشخصيات وبعض أفراد الجالية المسلمة بموسكو وممثلي الجمعيات الخيرية وعدد من رجال الأعمال. فمباشرة بعد أذان صلاة المغرب يلتحق الصائمون، ذكورا وإناثا وشيبة وشبابا، بموائد الإفطار التي هيئت خصيصا لهم بعناية فائقة واشتملت على ما لذ وطاب من أطباق ومأكولات شعبية شهيرة تتميز بها الأقاليم الروسية التي تقطنها أغلبية مسلمة، في جو روحاني وحميمي قل نظيره، حيث تبادل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول الشهر الفضيل والسؤال عن أحوال الأسرة والأقارب والعمل، وصوت تلاوة القرآن يحف المكان ويضفي عليه مسحة روحانية فريدة. وما يميز خيمة موسكو عن غيرها هو أنها لا تقتصر فقط على تقديم الطعام والشراب طيلة الشهر الفضيل لآلاف الصائمين والصائمات الذين يفدون من كل حدب وصوب، وإنما تشتمل أيضا على تنظيم حلقات دينية لشرح القرآن الكريم وأحاديث المصطفى ﷺ وتدارس سيرته النبوية العطرة، يؤطرها ثلة من العلماء والمفكرين البارزين. وبالموازاة مع الحلقات الدينية، تحتفظ الخيمة بتقليد درجت عليه منذ نحو 11 سنة يتجلى في إقامة أماس قرآنية يشرف عليها مجلس المفتين في روسيا ويشارك فيها نخبة من القراء لإتحاف الحاضرين بتلاوات قرآنية عطرة وتشنيف أسماعهم بأنغام ومقامات مختلفة تكون محط إعجاب وقبول وتفاعل الجميع. وقال الشيخ راوي عيد الدين، رئيس مجلس المفتين في روسيا، في تصريح بالمناسبة، إن "الخيمة الرمضانية بموسكو تقام هذه السنة للمرة ال 12، وقد أصبحت تقليدا ينتظره المسلمون بفارغ الصبر مع حلول شهر رمضان من كل سنة، مضيفا أن الخيمة تحتوي على برامج يومية لنشر التعاليم الإسلامية وسنة الرسول المصطفى ﷺ وتاريخ الإسلام وحضارته". بدورهم، اعتبر عدد من المستفيدين من الخيمة الرمضانية ، في تصريحات مماثلة، أن "الهدف من هذا العمل الخيري والإحساني هو تقوية الإيمان ونيل الأجر والثواب والتقرب إلى الله وفعل الخير، إضافة إلى تعزيز أواصر التعارف والأخوة بين المسلمين ومعتنقي باقي الديانات السماوية". وعلاوة على دورها في الارتقاء بالبعد الروحي والفكري للصائمين، تعد الخيمة الرمضانية بموسكو بادرة خيرة بامتياز على اعتبار أنها أضحت في السنين الأخيرة موعدا متميزا لجمع التبرعات لفائدة الأسر المعوزة والجمعيات الخيرية بموسكو وضواحيها لمساعدتها على الاضطلاع بمهامها النبيلة وتقديم خدماتها في أحسن الظروف. وبالنظر لصيتها الجيد والشهرة الواسعة التي اكتسبتها على مدار 12 سنة من افتتاحها، حتى أضحت محط إشادة وتقدير من لدن العام والخاص، أبت بعض المدن الروسية الأخرى إلا أن تحذو حذو موسكو وتقيم بدورها خياما رمضانية للجاليات المسلمة المقيمة بها، والرابح الأكبر هي قيم المحبة والإخاء والتضامن. ويوجد بروسيا أزيد من 25 مليون مسلم يتوزعون على جمهوريات الشيشان وأنغوشيا وداغستان وتاتارستان وعدد من الجمهوريات الأخرى. وتضم جهة موسكو وحدها أزيد من مليون مسلم. * و.م.ع