في أول يوم من رمضان، وبعد يوم جمعة عنيف إثر مواجهات نشبت وسط الحسيمة بين محتجين والقوات العمومية، عادت الأجواء الهادئة إلى مدينة "الخزامى" الريفية؛ حيث دبت الحياة في جل شوارع المدينة رغم تواجد سيارات الأمن بكثرة في نقاط عدة. في صباح اليوم، الذي هو يوم عطلة إدارية في جل المؤسسات والشركات بالحسيمة، حركية عادية في أزقة وشوارع المدينة؛ حيث يتجول الناس لأغراض متنوعة، فيما سيارات الأمن مختلفة الأشكال تتجول بين الفينة والأخرى، بينما أخرى تستقر في أماكن قارة، خاصة بساحة محمد السادس. الدكاكين والمحلات التجارية فتحت أبوابها للزبناء، بعدما أغلقت تماما منذ الثالثة من بعد زوال أمس الجمعة، بعد حالة الاستنفار والكر والفر التي أحدثتها المواجهات التي نشبت بين محتجين يهتفون باسم ناصر الزفزافي، أبرز وجوه الحراك الشعبي بالحسيمة، وقوات الأمن بمختلف أشكالها، المدنية والرسمية، التي كانت تحاول اقتحام تجمع خطابي للزفزافي من فوق سطح منزله من أجل إلقاء القبض عليه. وبعدما كانت دوريات الأمن تجوب مختلف نواحي المدينة، إلى جانب طائرة هليكوبتر أمنية، بغرض ملاحقة نشطاء المنطقة واعتقالهم، بمن فيهم الزفزافي، وهو التحرك الذي خلق حالة من التخوف والرهبة لدى ساكنة الحسيمة، إلا أن هذا التخوف سرعان مازال منذ صباح اليوم الذي يستقبل فيه الحسيميون أول أيام رمضان. وأمام مقر المحكمة الابتدائية ومفوضية الشرطة وقف قرابة عشرين شخصا من عائلات النشطاء المعتقلين منذ ليلة أمس، طلبا لأي معلومات عن أسباب اعتقالهم، قبل أن يعلن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة أنه تم اعتقال 20 شخصا إلى حد الساعة، موجها إليهم تهما خطيرة من قبيل "استلام أموال من الخارج من أجل المس بوحدة المملكة". وكانت حالة من الفوضى العنيفة قد أحدثتها مواجهات نشبت بعد ظهر أمس الجمعة في حي ديور الملك وسط الحسيمة، بعد محاصرة القوات العمومية لمنزل الزفزافي، الذي ألقى كلمة من فوق سطح منزله قبل أن يشرع محتجون في رشق رجال الأمن بالحجارة. وانطلقت المسيرات العفوية من أمام مسجد ديور الملك إثر تنديد بعض النشطاء بخطبة الجمعة التي وصفت استمرار الحراك الريفي بأنه فتنة؛ وهو ما أثار حفيظة بعض المصلين الذين رفضوا الاستمرار في أداء الصلاة، قبل أن تنطلق مسيرات عفوية وسط المدينة وتجتمع في شكل احتجاجي واحد وسط الساحة المقابلة لمنزل الزفزافي، الذي صعد إلى السطح محاطا بأسرته وجيرانه. إثر ذلك، أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة بفتح بحث في موضوع إقدام ناصر الزفزافي، بمعية مجموعة من الأشخاص، على عرقلة حرية العبادات داخل مسجد محمد الخامس بالحسيمة، وبإلقاء القبض عليه قصد البحث معه وتقديمه أمام النيابة العامة.