في سياق الجدل المرتبط بالمادة 8 مكرر المتضمنة في مشروع قانون المالية المطروح حاليا على أنظار مستشاري الأمة، بعد أن اقترحها فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب في وقت سابق، وجه النقيب والمحامي بهيئة الرباط عبد الرحمن بنعمرو انتقادات حادة لمضمون المادة المشار إليها. واعتبر بنعمرو أن تمرير المادة المذكورة "يجعلنا أمام تحقير غير مسبوق لروح العمل القضائي". بنعمرو، الذي حضر إلى جانب النقيبين إدريس شاطر وعبد الرحيم الجامعي، فيما غاب عدد من النقباء عن الندوة المنعقدة يوم الجمعة بنادي المحامين بالرباط، اعتبر أن تمرير هذه المادة التي أثارت جدلا واسعا "يفرغ القضاء من حمولته ويجعل الأحكام القضائية لا قيمة لها". وأبرز المتحدث ذاته أن هذه المادة تضرب عرض الحائط مقتضيات دستور 2011 التي فصلت بين السلطة التنفيذية والقضائية، مضيفا: "كيف يعقل أن تصبح مهمة تنفيذ الأحكام القضائية المرتبطة بالإدارة في يد الآمر بالصرف الذي هو ليس إلا الوزير؟ هذا يعني أننا أمام إعطاء صلاحية التنفيذ للمحكوم عليه". وعاد بنعمرو للتأكيد أن صلاحية تنفيذ الأحكام لم تكن يوما في تاريخ القضاء لصالح المحكوم عليه، ينفذها بحسب هواه أو يمتنع عن ذلك، قبل أن يسجل أن هذا الأمر "ضرب واضح لقواعد المسطرة المدنية". واستند بنعمرو إلى عدد كبير من الفصول التي تضمنها دستور المملكة، على غرار الفصول 126 و174 و132 التي تنص بالتوالي على أن الأحكام القضائية ملزمة للجميع، وأن الأحكام تصدر باسم الملك، ثم على إمكانية إسقاط القوانين وفق شروط محددة، حتى بعد التصويت عليها بشكل نهائي. وقال قيدوم المحامين بهذا الخصوص: "الأحكام تصدر وتنفذ باسم الملك، غير أن هذه المادة تنزع منه هذه الصلاحية وتعطيها للآمر بالصرف، الذي يقرر في تنفيذ الأحكام حسب هواه". وعن ظلم هذه المادة لفئات مختلفة، أفاد بنعمرو بأن "هناك أحكاما صدرت قبل 10 سنوات ولم تنفذ إلى اليوم"، مضيفا أن "أناسا بسطاء في ملفات نزع الملكية يطالهم الظلم رغم أن القانون ينص على أجل حدد في شهر أو شهرين لتنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة". وزاد الوجه الحقوقي والسياسي البارز أن المقاولين الصغار من بين الفئات الأكثر تضررا من عدم تنفيذ الأحكام القضائية في صالحهم، إلى جانب الموظفين بالإدارة العمومية التي وصفها بأنها "ترتكب أخطاء تتطلب تعويضا للمعنيين بالأمر، غير أنها الأحكام الصادرة بهذا الخصوص تتأخر لسنوات طويلة". وسجل بنعمرو أنه إضافة إلى مساس المادة المذكورة في حالة تمريرها بمقتضيات الدستور وسيادة القانون، فيمكنها أن تفرز مزيدا من تراكم الأحكام القضائية النهائية غير المنفذة، إلى جانب ما اعتبره توسيعها لمجال المحسوبية والزبونية والرشوة في تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الدولة والجماعات الترابية.