خضروات وفواكهُ وسلعٌ اسودّت من لفح النيران لها، ووجوه اسودّت أيضا، لكن من شدة الحزن والكرب لتجّار أدركوا أن الحريق أتى فعلا على كل ما كانوا يملكون، ولم تعد هناك ذرّة أمل في استعادة بعضٍ من سلعهم. هكذا أصبح سوق بير الشيفا بمدينة طنجة بعد أن تركته النيران القوية، التي اندلعت فيه مساء أمس الأربعاء، قاعاً صفصفاً، وأصبح المكان الذي كان يحوي دكاكين وحياة وتجارة بالأمس كأنه صحراء مقفرة. يحاول بعض التجار أن يتماسكوا وأن يتحلّوا بالصبر في وجه مصابهم الجلل، بينما يتجوّل مجهولون هنا وهناك على أمل العثور على ما قد يصلح للإنقاذ ثم البيع في مكان آخر. من جهتها، تتحرك رافعات الشركة المفوّض لها تدبير قطاع النظافة "صوليمطا" وشاحناتها لتجمع مخلفات الحريق. الغضب لازال يعتمل في صدور التجار وساكنة المنطقة مما حدث. وتتداخل الأسباب في أحاديث الناس هنا، فمنهم من يعزو وقوع الحريق إلى العشوائية التي تطغى على السوق، ومنهم من يعتبر أن وجود المواد المشتعلة من مطاط وعجلات وبلاستيك وغيرها كان سببا في تأجيج النيران؛ بينما يرجع آخرون أسباب الفاجعة إلى بطء التعامل مع الحريق من طرف الإطفائيين، في حين ينتقد البعض بشدة التجمهر الكبير جدا الذي عرفه المكان، والذي تعذرت معه الحركة بالنسبة لشاحنات الإطفاء. ما يقارب ألف تاجر، حسب إحصائيات تقريبية من مصدر جماعي، تضرروا من الحريق وينتظرون ما سيصدر عن المسؤولين من قرارات عاجلة تريح نفوسهم حتّى حين. محمد خيّي، رئيس مقاطعة بني مكادة، قال في تصريح لهسبريس: "نحن كمقاطعة لسنا مسؤولين مباشرين عن ملف الأسواق..المفروض الآن أن يتم الأمر بتنسيق بين مجموعة من الأطراف، بينها الجماعة الحضرية ونحن معها، والسلطة وغرفة التجارة والصناعة، إضافة إلى رابطات التجار، على أساس القيام بعملية إيواء سريعة، وإن كنا سنواجه مشكلة التناسب بين عدد المتضررين وعدد المحلات المتوفرة بالسوق النموذجي بير الشفا". "ما حدث مؤسف جدا، خصوصا أنه جاء في وقت صعب، ونحن على أبواب رمضان.. هناك من التجار من بلغت خسائره 30 مليون سنتيم، حسبما حكوا لي"، يضيف خيي. وواصل رئيس مقاطعة بني مكادة، التي يقع السوق في نطاق ترابها، مستعرضا ما يمكن أن يتم تقديمه الآن للمتضررين من حلول: "ما أستطيع أن أقوله أخيرا أن إمكانياتنا المادية والقانونية كمقاطعة كلها موضوعة رهن إشارة الأطراف المتدخلة في الموضوع، لأننا لا نستطيع أن نتخذ قرارا فرديا؛ إنما هي مسألة مشتركة بين الأطراف المذكورة آنفا، ما عدا ما نقوم به حاليا من تنظيف للمخلفات التي أعقبت الحريق".