ما بين أنين نايٍ وتراقص أقواس كمان، قريبا جدا من أشجان العود العربي وغير بعيد عن القيثارة الغربية، هزت اللبنانية جاهدة وهبة مشاعر المئات من عشاقها في آخر سهرات المسرح الوطني محمد الخامس، ضمن فعاليات الدورة 16 لمهرجان "موازين.. إيقاعات العالم". بينما كانت شمس عشية السبت تغيب في أفق المحيط، أشرقت جاهدة وهبة بقوة أداء مُبهرة، وطلعة بهية على خشبة مسرح محمد الخامس، راخِية بظلال صوتها الشجي على الجمهور برائعة بديع خيري وسيد درويش "أ هو ده اللي صار"، التي كانت مفتاح باب بُستان واسع أغصان شجره أغاني الحلاج، ووروده روائع رابعة العدوية، أما ثماره فأغاني ناس الغيوان ونعيمة سميح. ووفقت جاهدة وهبة في المُزاوجة بين مجموعة من الأغاني مُختلفة الإيقاعات والمشارب، مثلما أبدعت في أغنية كامل الأوصاف لمؤلفها مجدي نجيب، ومؤديها عبد الحليم حافظ، قبل أن تُطرزها برائعة نعيمة سميح "ياك أ جرحي"، ثم تعود بسلاسة إلى أغنيتها الأولى. في أعقاب ذلك، أركبت الحُضور سفينة الوجد الصوفي، لتُبحر بهم في عميق بحور وقوافي أشعار الحلاج ورابعة العدوية، ب"عجبت منك ومني"، و"أحبك حبين"، قبل أن ترسو على بر وديع الصافي ب"سبحان من جملك"؛ فيما أبت إلا أن تُلبي هُتافات الجمهور المطالبة بأغنية "السماء الزرقاء" للفرنسية إديث بياف. فلسطين كان لها مكان خاص بأغنية "موطني"، لصاحبها ابراهيم طوقان، وهي الأغنية التي كانت نشيدا رسميا لدولة فلسطين منذ سنة 1923 إلى بدايات الثورة الفلسطينية سنة 1965، لتُعتمد بعدها نشيدا رسميا للعراق بُعيد سقوط نظام صدام حسين سنة 2003. وأدت جاهدة وهبة خالدة فرقة ناس الغيوان "الله يا مولانا"، بعدما تفننت في أداء أغنية "حلوة يابلدي"، لصاحبها مروان سعادة. الفنانة اللبنانية كانت تود ختم كوكتيل أغاني هذا الحفل بأغنية "لا تمضِ إلى الغابة"، أتبعتها بأنغام للآلات الموسيقية للفرقة التي رافقتها، والتي ضمت فرنسيين ولبنانين ومغاربة؛ إلا أنها وبعد إنهاء عرضها ودخولها الكواليس تعالت أصوات الجمهور وتصفيقاته التي تناديها بالرجوع إلى الخشبة، وهو ما استجابت له جاهدة وهبة في سابقة من نوعها ضمن هذه النسخة من مهرجان موازين، إذ عادت إلى الخشبة وأدت أغنية أعطني الناي وغني للنجمة اللبنانية فيروز.