حافية القدمين، كما تفضل دائما، أحيت سوزانا باكا، الفنانة البيروفية، أيقونة الطرب اللاتيني، حفلا فنيا بمسرح محمد الخامس مساء اليوم بالرباط، في سابع أيام مهرجان "موازين..إيقاعات العالم"، مقدمة للحاضرين من عشاق الموسيقى اللاتينية باقة من أفضل أغانيها ذات الروافد المختلفة. اعتمادا على كمان حزين، وقيثارة كلاسيكية، والكونطر باص، إضافة إلى آلات إيقاعية تقليدية، اصطحبت باكا بصوتها الشجي جمهورها الرباطي إلى عوالم راقية من الشجن، غنت خلالها مقاطع من ألبوماتها التسعة؛ "فويغو إي أغوا" و"سوزانا باكا" و"إيكو دي صومبراس" و"لامينتو نيغرو" و"إيسبيريتو فيفو" و"لوميخور دي سوزانا باكا"، و"ترافيسياس" و"سييس بويماس" و"أفرودياسبورا". باكا، المغنية وكاتبة الكلمات والأستاذة السابقة، وصاحبة الخامة الصوتية النادرة، مصنفة من أهم رواد الموسيقى الإثنية بأمريكا اللاتينية، بفضل خدماتها للفلكلور البيروفي واللاتيني بشكل عالم، وحازت على جائزتي غرامي للأغنية اللاتينية، وعينت سنة 2011، السنة التي أطلقت فيها ألبومها الأخير "أفرودياسبورا"، وزيرة للثقافة في بلدها اعترافا بخدماتها في خدمة الفن والثقافة البيروفيتين. "أنا أول وزيرة ببشرة سوداء في تاريخ البيرو المعاصر"، هكذا صرحت فور تكليفها بهذه المهمة، وهي التي ظلت دائما، بحكم أصولها الإفريقية، مدافعة شرسة عن الرافد الإفريقي في السياسة الثقافية الرسمية لبلدها. وبحكم ترعرعها بقرية شوريوس الخاصة بالصيادين، المحسوبة على العاصمة ليما، تعرفت باكا منذ صغر سنها على أنماط موسيقية مختلفة، مستمدة من ثقافات متنوعة، كالخاصة بجبال الأنديز والإسبانية والإفريقية. غير أن الفنانة البيروفية البالغة 72 عاما لم تقتصر على واحدة منها، بقدر ما أبدعت خليطا بين جميع هذه الروافد، محدثة تغييرا جذريا على فنها حينما قررت استعمال آلات وإيقاعات موسيقية معاصرة. وأدت الديفا البيروفية ذات الحس المرهف مقاطعها ذات الكلمات الشعرية، التي كتبها أدباء بيروفيون كبار، بحمولة كبيرة من الصور الإيحائية، راسمة بذلك عالما روحيا خاصا، تجول داخله باكا بحضورها القوي على الخشبة، بخفة شابة في مقتبل العمر وبكاريزما حكيمة خبرت الحياة وعاشت مختلف تفاصيلها الصغيرة.