كشف استطلاع سنوي لآراء الشباب العربي، حالة انقسام جغرافي في نظرته للمستقبل، فبينما ترتفع نسبة التفاؤل بدول الخليج، تتراجع بشكل ملحوظ في بقية البلدان. جاء ذلك وفق استطلاع شركتي الأبحاث العالمية "بين شوين آند بيرلاند ريسيرتش"، و"أصداء بيرسون- مارستيلر"، السنوي التاسع لرأي الشباب العربي 2017، وحمل عنوان "منطقة الشرق الأوسط: انقسام وتباين". واستند الاستطلاع، الذي نشرت نتائجه وكالة الأناضول التركية، إلى 3 آلاف و500 مقابلة شخصية باللغتين العربية والإنجليزية، في 16 دولة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بين يومي 7 فبراير و7 مارس الماضيين، مع شباب وشابات عرب ينتمون إلى الفئة العمرية بين 18 و24 عاما، بهامش خطأ "+/- 1.65%" تراجع التفاؤل وأظهرت نتائج الاستطلاع تراجعاً في معدلات التفاؤل بين الشباب العربي في أنحاء كثيرة من المنطقة، فعبر 52% من الشباب المستطلع آرائهم في منطقة الخليج العربي عن تفاؤلهم بمستقبل بلدانهم، بينما سجل نظرائهم في البلدان الأخرى نسبة 45% من المتشائمين من حيث نظرتهم للمستقبل، فيما امتنعت نسبة 3% عن التصويت. وقال أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع (52%) إن بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح، وهو ما يمثل انخفاضا ملموسا مقارنة بالعام الماضي، عندما اعتبر نحو ثلثي الشباب (64%) أن بلدانهم تمضي في الاتجاه الصحيح. وأفاد معظم الشباب في دول الخليج (85%) بأنهم واثقون من أن بلدانهم كانت تمضي في الاتجاه الصحيح خلال السنوات الخمس الماضية، إلا أن النسبة نفسها في دول شرق البحر الأبيض المتوسط واليمن، التي تواجه تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية متنامية، قالت العكس تماما. روسيا حليفا هذا العام، حصلت روسيا باعتبارها الحليف غير العربي الأكبر في المنطقة على نسبة 21٪ مقابل 9٪ فقط عام 2016، لتتجاوز بذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي تراجعت العام الحالي إلى 17% مقابل 25% العام الماضي. ونظرا لظروف الحرب الدائرة في سوريا منذ عام 2011، لم يشمل الاستطلاع سوريا، حيث تساعد روسيا عسكريا وسياسيا على إبقاء رئيس النظام، بشار الأسد، في السلطة. ويعتبر الشباب العربي أن تهديد تنظيم "داعش" (35%) والإرهاب (34%) من أكبر العقبات التي تعيق مسيرة التقدم في الشرق الأوسط، فيما تشكل البطالة العقبة الأبرز لنحو 35% من شباب المنطقة. كما يرى الشباب العربي أن تهديد تنظيم "داعش" أصبح أضعف العام الحالي، وذلك بنسبة 61% مقابل 31 % ممن يرون العكس، فيما امتنع 8 % من عينة الاستطلاع عن الإدلاء بآرائهم في هذا الشأن. ترامب غير مستحب أكثر من أربعة أخماس من شملهم الاستطلاع، وتحديداً 83٪، يعتبرون الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي تولى السلطة في 20 يناير الماضي، "غير مستحب". وهو ما يجعل ترامب (70 عاما) أقل شعبية من الرئيسين الأمريكيين السابقين باراك أوباما (2009- 2017) وجورج بوش الابن (2001-2009)، كونهما حصلا على 52٪ و77٪ على التوالي باعتبارهم أيضا رئيسين غير مستحبين. ورأى 25% أن فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية، في 8 نوفمبر/ تشرين ثان الماضي، سيكون أكثر تأثيرا على المنطقة من ارتفاع أسعار النفط، الذي حاز 18%، إضافة إلى 15% لبند خسارة "داعش" لمناطق نفوذه. الأخبار من "فيسبوك" معظم شباب العالم العربي (81%)، وفق نتائج الاستطلاع، رأوا أن حكوماتهم تستطيع بذل مزيد من الجهود لحل مشكلاتهم ومعالجة قضاياهم الأساسية. كما أبدى نحو نصف الشباب عدم رضاهم عن قدرة نظام التعليم الحالي على إعداد الطلاب لشغل وظائف المستقبل، أما أغلب الشباب الذين عبروا عن رضاهم (51%)، فكانوا من دول الخليج، وبنسبة 80%، فيما يأتي 33% من الشباب الذين قالوا إنهم غير راضين من دول شمال إفريقيا و34% من دول شرق المتوسط. ويعتبر موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي المصدر الإخباري الأول للشباب العرب، حيث قال أكثر من ثلثهم (35 %) إن مصدرهم الرئيسي للأخبار اليومية هو "فيسبوك"، مقابل 31 % للمواقع الإخبارية الإلكترونية، و30% للقنوات الإخبارية التلفزيونية، و9% للصحف. نتائج مثيرة للقلق وخلال إعلان نتائج الاستطلاع في إمارة دبي، قال سونيل جون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أصداء بيرسون- مارستيلر"، إن نتائج استطلاع هذا العام "تقدم نظرة ثاقبة ورؤى مهمة عن آمال وتطلعات أكبر شريحة سكانية في المنطقة، وهي شريحة الشباب التي تشكل 60% من إجمالي عدد السكان". وأضاف: "في جعبتنا نتائج مهمة كثيرة تؤكد على وجود تغير ملموس في تصورات الشباب العربي فيما يتعلق بشؤون المنطقة وحلفائها الدوليين، وكذلك فيما يتعلق بوجهات نظرهم حول السياسات الدولية المعاصرة". واعتبر جون أن "نتائج استطلاع هذا العام مثيرة للقلق، فعلى مدار السنوات التسع التي أجرينا فيها هذا الاستطلاع، أظهرت العديد من التباينات وفقا للمنطقة الجغرافية، لكنها لم تكن بهذا الوضوح مطلقا". وهذا الاستطلاع هو الأكثر شمولية من نوعه لآراء الشريحة السكانية الأكبر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث يغطي دول مجلس التعاون الخليجي الست (البحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والسعودية، والإمارات)، وشمال إفريقيا (الجزائر، ومصر، وليبيا، والمغرب، وتونس)، وشرق المتوسط (العراق، والأردن، ولبنان، وفلسطين) واليمن.