لم تكد تختفي شرارة الاحتجاج في قضية وفاة الطفلة إيديا، التي قضت نحبها بسبب ما اعتبر "إهمالا طبيا ناجما عن غياب المعدات الطبية الضرورية بالمستشفى الإقليمي بتنغير"، حتى تفجرت حالة مماثلة لطفلة اسمها فاطمة الزهراء، كانت تسكن قيد حياتها بالإقليم نفسه، قبل أن تقضي الجمعة الماضي بمستشفى سيدي حساين في ورزازات، بعيدا عن مسقط رأسها بأزيد من 100 كيلومتر. ما حدث، حسب والد الطفلة البالغة من العمر حوالي 3 سنوات، هو تعرضها لحادثة سير في الثالث من شهر أبريل الجاري بمنطقة بومالن دادس، المحسوبة ترابيا على عمالة تنغير، حينما كانت مصحوبة بوالدتها في زيارة عائلية؛ وقبل أن تستقل الأم وابنتها سيارة الأجرة بدقائق قليلة، تعرضت الطفلة الصغيرة لصدمة قوية بواسطة دراجة هوائية، قبل أن تسحل بفعل قوة الاصطدام لعدة أمتار. وكشف الحسين أوقاصي، والد الضحية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "سيارة الإسعاف نقلت الضحية إلى مستشفى سيدي حساين بمدينة ورزازات، البعيد عن مكان الحادث بأزيد من 100 كيلومتر". وعن سبب نقلها إلى هذا المستشفى في ظل وجود مستشفى إقليمي بالعمالة التي تقطنها أسرة الضحية، زاد المتحدث: "أخبرونا بأن المستشفى لا يتوفر على التجهيزات الضرورية .. وحتى إذا نقلناها إلى تنغير سيتم تحويل المصابة إلى الرشيدية أو فاس". وعلمت هسبريس أن فاطمة الزهراء لبثت في مستشفى سيدي حساين حوالي ثلاثة أيام، أجريت خلالها عدد من الفحوصات بجهاز "السكانير" قبل أن يتم إدخالها على عجل إلى غرفة الإنعاش عقب تدهور حالتها الصحية؛ وبعد أن لبثثت فيها أزيد من أسبوع لفظت أنفاسها الأخيرة. وقال الوالد المكلوم بنبرة حزينة: "كنت أظن أن طفلتي ستقضي نحبها في الطريق"، قبل أن يعود ويؤكد أن "أجل صغيرته قد انقضى ولا يسعه إلا أن يطلب لها الرحمة". وبينما تعالت الأصوات مطالبة بتحمل وزارة الصحة مسؤوليتها في توفير التجهيزات اللازمة بمستشفيات المناطق النائية والمهمشة، خرجت الأخيرة في بلاغ رسمي تدفع عنها شبهة التورط في "الإهمال الطبي"، مؤكدة أنها "أنجزت مشاريع صحية متعددة" بالإقليم الذي تفجرت فيه موجة الاحتجاجات قبل أن تنتقل إلى عدة مدن بالمملكة. وذكر بلاغ وزارة الصحة أنها "أوفدت لجنة مركزية لفتح تحقيق دقيق لمعرفة أسباب وظروف وفاة هذه الطفلة وتحديد المسؤوليات"، مضيفا أنها "لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات اللازمة في ضوء نتائج البحث".